الموروث الشعبي والهوية الوطنية
تولي مختلف بلدان العالم الموروث الشعبي لديها اهتماماً كبيراً وجاداً لما يمثله من إرث يتعلق بملامح الهوية والشخصية الوطنية للإنسان لديها وتجعل ذلك مدعاة فخر بل اعتزاز عظيم.ولعل ما نشاهده اليوم من كرنفالات ومواسم أعياد مختلفة في مختلف الدول - على سبيل المثال لا الحصر هناك مهرجان للطماطم وآخر لمصارعة الثيران وآخر لأقنعة التخفي إضافة إلى كرنفالات ومهرجانات سنوية تتعلق بمواسم الحصاد وطقوس عديدة تتبناها شركات عملاقة وتدعمها الحكومات بل وتصدر القوانين التي تدعو إلى الحفاظ عليها وتطويرها - دليل على الاهتمام المتزايد بعوامل وركائز ثبات الهوية وصيانتها من أبجديات الحداثة والاندثار التي تتمثل في عصرنة الموروث الشعبي وبالتالي فقدانه لنكهته الطبيعية الأصيلة واندثاره من خلال إهماله أو ازدرائه أو طمسه بمختلف الوسائل والطرق ومنها عدم نشره أو التعاطي معه وتعريف الجيل الحاضر بماضيه العريق وإسهامات الأجداد في روافد الثقافة الإنسانية.إن محافظة حضرموت خاصة والوطن عموما تزخر بموروث شعبي غزير و متنوع تكاد كل منطقة تتفرد فيه بأهازيجها وطقوس إعراسها ومناسباتها وهو أمر يدعو إلى إدراك قضية غاية في الخطورة تتمثل في انقطاع جيلنا اليوم عن التعامل مع موروثه الشعبي الكبير الذي أرى أنه يشكل ويرسم الملامح الحقيقية للشخصية المتميزة بالعلم والمعرفة والإبداع ومهذبة الطبيعة والسجية والنفس بل الساذجة في غالب الأحيان .إن انحسار مساحة التعاطي مع الإرث الشعبي عموماً من قبل الإعلام الرسمي وإن شئت قلت غيابها يتشكل أمراً في غاية الخطورة تتجسد في انسلاخ جيلنا الحاضر عن موروثه الشعبي العظيم الزاخر. من هنا نود أن نضع في هذا الإطار رؤية واسعة وتصوراً شاملاً ودقيقاً لمشروع طموح ومثالي من منطلق الغيرة الوطنية ولكنه ليس بمستحيل أن ينفض الغبار وركام الإهمال عن موروثنا العظيم لننطلق به من جديد للإسهام في صياغة الفكر والأدب والثقافة الإنسانية جمعاً .إن القراءة والإطلاع أهم مصادر التعلم وإن توفير المكان لممارسة هذه الهواية أمر في غاية الضرورة والحاجة لاكتساب المعارف ويقودنا هذا إلى ضرورة إنشاء مكتبات عامة في المدن يتبناها رجال الأعمال في أماكن خاصة ومتميزة تتوفر فيها سبل السكينة والهدوء وتحتوي على الكتب العلمية لمختلف المعارف والعلوم الإنسانية ويمكننا إيجاز دورها في الآتي :1 - أن تكون المكتبة ملاذاً لهواة القراءة والإطلاع 2 - تحفيز الرواد ومحبي الإطلاع .3 - إعارة الكتب للمشتركين من خلال بطاقات اشتراك رمزية .4 - تشكيل جمعيات للشباب المثقف من الوسط الجامعي والثانوي والخريجين .5 - تخصيص قاعات مهيأة ومعدة للعمل بها في مختلف صنوف الإبداع ( الخط ، الرسم ، النحت . . إلخ ) .6 - قاعات للمعارض تبرز إبداعات الهواة المختلفة .7- قاعة للحوار تمثل منتدى مصغراً تناقش فيه مختلف قضايا الساعة وتدون النقاشات والأطروحات ومختلف الأفكار بغية العمل بها.8 - أرشيف للتوثيق يحوي كل الصورو المعلومات عن المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية جمعها الهواة والباحثين من الشباب9 - إصدار النشرات والكتيبات المتخصصة في مختلف المجالات البحثية يقيمها الشباب وبالتالي فإن الأهداف المرجوة من هذا المشروع الطموح عظيمة ويمكن إيجازها في التالي:1. خلق الكوادر والقادة (سياسيين ومفكرين) وفي مختلف مناحي الحياة2. تعميق الصلة بين الجيل الحاضر وتراثه من خلال ربطه الوثيق بالتاريخ والعادات والتقاليد.3. الحفاظ بمختلف الوسائل الممكنة لكل الموروث الشعبي بل تنميته وتطويره من خلال إنشاء المتاحف والمعارض ونحو ذلك.4. التوثيق وتحديد المواقع الأثرية من قلاع وحصون ونحوها وإعادة صيانتها وتأهيلها وتشجيع السياحة نحوها. 5.إحياء بأسرع وقت ممكن الأعمال الحرفية لمختلف المناطق وتشجيع التسويق لها.6.إحياء الكرنفالات القديمة (الزيارات) وإعادة إحياء مختلف الطقوس التي تتخللها والتوثيق لمختلف ألوان الإيقاع والغناء والرقص الفلكلوري الشعبي الهادف والمعبر عن الهوية والعمل على إبرازه وتطويره.7.التوثيق لكبار الشعراء وللشعر قديمه وحديثه وأحياء غناء الدان الحضرمي بمختلف ألوانه من خلال إقامة الحفلات الغنائية .تحديد يوم وطني للثقافة تشارك فيه جميع المحافظات.وأخيراً أنا لا أتحدث عن المدينة الفاضلة وبالطبع لم استشر أفلاطون ولكنني أعود وأقول إن ذلك أمراً ليس بمستحيل خاصة أنني سمعت الأديب والشاعر الكبير علي احمد باكثير يرتجز ويقولإذا ثقفت يوماً حضرمياًأتاك آية في النابغينا