إعداد / دنيا هاني:يظل التوحد مرضاً يشغل العالم وتظل نظرة العالم غائبة عنه، ويظهر مرض التوحد إذا كان هناك خلل في النمو الاجتماعي للطفل أثناء المراحل الأولى من حياته من يوم مولده وحتى سن الثالثة وهناك نوعان أساسيان من التوحد: النوع الارتدادي والنوع النمائي..النوع النمائي هو الذي يبدأ مع الطفل منذ ولادته فنجد أن تطور المناطق التي سوف تتأثر بالمرض يكون ضعيفاً ومن هذه الجوانب الجانب الاجتماعي والجانب اللغوي وجوانب السلوك الأخرى.. أما في النوع الارتدادي فسوف نجد أن الطفل يتطور طبيعياً ولكن في لحظة معينة وبدون أسباب واضحة وربما في بعض الأحيان لأسباب تحدث لكل الأطفال بشكل عادي كسقوط الطفل سقوطاً غير مؤثر أو تعرض الطفل لحادث بسيط أو نتيجة تطعيم أو حادث مؤلم يحدث للأسرة..وللتعرف أكثر على الجانب الغائب من حياة الطفل التوحدي إليكم هذه الهمسة وأتمنى أن تصل إلى قلوبكم مثلما تمناها كل طفل توحدي عانى في حياته الكثير حتى يفهم الناس حياته ويدخلوا إلى عالمه..[c1]همسة[/c]أناجي ضميرك أنت يا من تقرأ همستي.. لا أعرف شيئاً عني سوى أنني توحدي هكذا يطلقون علي! إنسان آلي، غريب في كل شيء.. لا أعي من هم حولي، باردة مشاعري, فاترة عواطفي لا أبالي بشيء.. حتى بأمي وأبي فكل ما يهمني هو عالمي.. أجيد لغة الصمت, أهوى لغة التأمل، أتحدث لغة غريبة، لا يفهم طلاسمها حتى أبناء جنسي هكذا يقولون عني طفل توحدي غريب في كل شيء.. في تصرفاتي المتناقضة في نظراتي الحائرة في حركاتي المملة هكذا أنا في نظرهم..أما أنا فلا أدري ماذا يقولون، لا أعرف عم يتحدثون، لا اهتم بما يرددون لا أبالي بمن يكون ولا يكون لا أدري ماذا يعني كوني (توحدي) هل لأني بمفردي؟ أعيش كامل عزلتي دون صديق أو رفيق ؟ لا أعلم شيئاً.. فلم أهتم؟ ولم أغتم؟قد أكون كما يقولون, قد أنتمي لعالم البدون، قد أكون ولا أكون، لم لا.. وأنا مذ عرفت نفسي هامشياً في بحر السكون ولكن أيها السائل عني.. من أكون! قد أكون ما يدعون، لا يهم.. ما يهم هو مطلبي، أريد من حولي أن يعيشوا عالمي أن يتخيلوا واقعي أن يتصوروا مستقبلي في ظل عالم غريب، في ظل عالم محير، في ظل عالم آخر ليس فيه سوى أنا.. لا جليس ولا أنيس سوى همهمات مبعثرة، سوى كلمات متقطعة، سوى أحجية متداخلة لم تكتمل أجزاؤها بعد، كل ما أطلبه لمسة دافئة على يدي أو وجنتي.. مسحة حانية على رأسي أو شعري تشعرني من داخلي إن هناك من يحس بي من يريد أن يفهمني من يريد أن يتقرب مني، من يريد أن يتعرف علي من يريد أن يدخل عالمي ليرافقني رحلتي الغامضة ليشاركني أفكاري الغريبة ليخفف عني وحدتي القاسية.. بل ليفهم ما أريد، ليعرف من أنا، فهلا كنت أنت ذلك الإنسان؟ هلا وقفت بجانبي؟ هلا أحسست بي؟ هلا أشعرت أمي وأبي بأنني لست بمفردي؟ هلا طمأنتهما علي وأشعرتهما إن هناك من يهتم بي؟ من يسعى لمساعدتي؟هلا أحسستهما أن هناك من يخاف علي كأمي وأبي؟يا الله كم أحب أمي وأبي.. كم أقدر جهدهما معي.. كم أكبر فيهما صبرهما علي، على مشاكلي الكثيرة وعلى متاعبي المتواصلة..ساعدني يا ربي.. أريد أن أقول لهما ذلك بلساني.. أريد أن أسمعهما إياه بنفسي فكم اشعر بهما, كم أقدر تضحياتهما من أجلي أريد أن اعبر عن ذلك بلسان الابن البار، بإحساس الصدق الحار، ولكنني لا أعرف كيف أشكرهما ولا كيف أقول بأنني ممتن لهما.. لا أعرف وسيلة للتواصل معهما وبكل من هم حولهما.. أليس هذا متعباً على نفسي؟ أليس قاسياً على قلبي؟إنه كذلك والله بل وأكثر من ذلك.. لم أعد أطيق وحدتي.. لقد مللت عزلتي ..أريد أن أخرج من خلوتي.. أريد أن أغادر الظلام.. لأعيش عالم النهار وأعيش عالمي وبراءتي كبقية الأطفال فهلا ساعدتني على ذلك.. إنني طفل توحدي أمد إليك يدي فهل تتركني وحدي بعد أن عرفت من أنا؟ بل جزء من أنا؟ وبعد أن عرفت حاجتي إليك.. فهل تمد يدك وتحنو علي أم إلى غياهب النسيان تلقيني؟.
التوحد ونظرة العالم الغائبة
أخبار متعلقة