أمين عبدالله ابراهيم أصبحت الأمراض المنقولة جنسياً وخاصة مرض الإيدز تشكل مشكلة صحية عالمية تشغل بال العالم أجمع، لأنها لا تفرق بين الأعمار والجنسيات والأعراق، كما أن نسبة انتشار هذه الأمراض عالية جداً في كثير من دول العالم، كونها أمراضاً معدية تنتقل بصورة أساسية عن طريق الاتصال الجنسي من شخص مصاب إلى شخص سليم، كما تنتقل بعض هذه الأمراض من دون أي اتصال بدم ملوث، والمشاركة في الحقن عند تعاطي المخدرات أو تثقيب الأذن أو الوشم والحجامة والحلاقة باستخدام أدوات ملوثة غير معقمة.وقد كشفت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقرير لها عام 2008م، بأن أنواع العدوى المنقولة جنسياً تنجم عن أكثر من 30 نوعاً مختلفاً من الجراثيم والفيروسات الطفيلية التي تنتشر عن طريق الاتصال الجنسي بالدرجة الأولى، وتكمن خطورة هذه الأمراض في أنها تستطيع أن تسبب مضاعفات في الأشخاص المصابين بالعدوى، كما تستطيع أن تبقى في الجسم عديمة الأعراض لمدة طويلة، وأن تسبب في إصابة الجنين الوليد بالعدوى.ونظراً لعدم توفر لقاح أو علاج طبي حتى الآن لمرض فيروس الإيدز يقي البشرية من انتقال وانتشار عدوى وباء الإيدز، فقد لجأت المجتمعات إلى استخدام العديد من الطرق والوسائل المختلفة والمتنوعة للوقاية من مرض الإيدز وغيرها من الأمراض المنقولة جنسياً، التي تقوم على أساس التثقيف ونشر الوعي بطبيعة هذه الأمراض وطرق انتقالها والوقاية منها.وباعتقادي أن الطريق الأضمن والأسلم والأمثل للوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً وخاصة الإيدز هو تقوى الله والابتعاد عن العلاقات المحرمة شرعاً، والملاحظ الآن أن هنالك تطابقاً غريباً بين كل الاتجاهات المتباينة في العالم حول فحوى طرق الوقاية هذه، التي سبقها بشموخ، النهج التربوي للشريعة الإسلامية وأطره الروحية والاجتماعية قبل قرون طويلة من عمر البشرية، فمن الواضح أن الإيدز وجميع الأمراض المنقولة جنسياً، لها من الظروف والعوامل التي تسبب العدوى، ما يستطيع كل إنسان تجنبه لو اتبع سلوكاً واعياً قويماً، والتزم بالتعاليم الدينية، وبالمبادئ الأخلاقية التي جاء بها الإسلام، والتي هي محور ثقافتنا المتميزة وتقاليدنا الموروثة التي تحتوي على ما يمنع وقوع مثل هذه الكوارث.وتلعب الأسرة والمجتمع دوراً مهماً في الحد من انتشار هذه الأمراض، من خلال الحوار والنقاش في أمور لها علاقة بالتوعية الجنسية، لتأمين الوقاية من الالتهابات المنقولة جنسياً وخصوصاً مرض الإيدز، وضرورة التعريف بهذه الأمراض من حيث طرق انتقالها وأعراضها والوقاية منها، فضلاً عن ضرورة التعريف بمفهوم الجنس الآمن، وأهمية الابتعاد عن المخدرات، وترسيخ المعتقدات الدينية بين أفراد الأسرة والمجتمع لتكون وازعاً يمنعهم من اقتراف المحرمات والممارسات غير الشرعية وغير الأخلاقية، ويكون ذلك من خلال التوعية الجنسية أو الأنشطة الاجتماعية والندوات والمنشورات الخاصة، أو من خلال المناقشات الهادفة بين أفراد العائلة بخصوص هذه المواضيع.جميعنا يعلم أن الأديان السماوية لا تحرم المتع الحسية تحريماً مطلقاً، ولا تبيحها إباحة مطلقة، وإنما تنظم ممارستها، فتفرق بين الحرام والحلال، فالحرام ممنوع والحلال مباح، ومن هنا يتأكد بأن الأخذ بالتعاليم الدينية كفيل بإغلاق كل الأبواب المفتوحة التي يدخل منها هذا الوباء المدمر لحياة الأفراد والجماعات، فالتعاليم الدينية تحل الزواج وترغب فيه وتشجعه، بينما تحرم كل وسائل الاستمتاع الجنسي غير الشرعية، كما أنها تأمر بالمحافظة على القوى العقلية للإنسان، وتحرم كل مؤثر عليها، من مخدر أو مفتر أياً كان نوعه وبغض النظر عن طريقة تناوله، إضافة إلى أنها توجب العناية بالنظافة العامة والصحة العامة، عناية تمنع الإنسان من الوقوع في مسببات الإصابة بالأمراض المهلة.والله سبحانه وتعالى يأمرنا بالعفة والطهارة والبعد عن العلاقات العاطفية خارج إطار الزواج، ويبشر الفقراء أن يصبروا يغنهم الله من فضله، وييسر لهم سبل الزواج، فالعفة الجنسية من أهم مقاصد الزواج لأنها تقي الإنسان من الشر والآثام في فخ الخطيئة، ومن الفساد السلوكي المترتب على الإباحة الجنسية، لأن المتزوج يقنع بما أحل الله له، ولا يتعدى حدود الله بانتهاك المحرمات، ولهذا نص القرآن الكريم نصاً واضحاً على حصر النشاط الجنسي في الزواج وملك اليمين، قال تعالى في محكم كتابه « والذين لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون» سورة المؤمنين الآيات 7،6،5.ختاماً، يجب التذكر والتنبه من أن الآثار الاجتماعية للإصابة بفيروس الإيدز أشد خطورة من المرض ذاته، باعتبار أن الطلاق والتفكك الأسري والطرد من العمل والمدرسة وأحياناً من المنزل، والنبذ من المجتمع.. كلها آثار قد تكون أكثر إيلاماً من الآثار الصحية.
كيف نتجنب الإيدز؟
أخبار متعلقة