المشاركون في ورشة عمل حول (تمكين الإعلاميات من صناعة القرار في وسائل الإعلام اليمنية):
صنعاء / سبأ: تمثل النساء في اليمن نصف المجتمع تقريبا أي ( 49.01) بالمائة - بحسب دراسة رسمية - وهو ما يؤكد أهمية وضرورة إشراكهن في الأصعدة كافة . وفي السنوات الأخيرة تزايد حضور المرأة في مختلف المجالات،كزيادة عدد اللواتي يدخلن سوق العمل ويزاولن النشاطات السياسية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية ، غير أن هذا الحضور رغم أهميته يظل في معظم الأحيان غير كاف، خاصة وأنه يطغى عليه الطابع الرمزي ولا يرقى إلى مستوى التطلعات، بحسب مهتمين.وإقصاء الإعلاميات من صناعة القرار في وسائل الإعلام اليمنية بات بنظر الكثيرين مشكلة لا ينبغي إغفالها.وبهدف تمكين النساء من رسالة إعلامية عادلة ومؤثرة ، وبهدف تشجيع الأقلام النسائية والكتاب في قضايا المرأة ودور النساء العاملات في الإعلام ، وتحسين تناول قضايا النوع الاجتماعي نظم منتدى الإعلاميات اليمنيات (موف) في أمانة العاصمة ورشة عمل حول “تمكين الإعلاميات من صناعة القرار في وسائل الإعلام اليمنية” ، وعلى هامش حفل تكريم عدد من الإعلاميات وصانعي الرسالة الإعلامية المهتمين, ممن ساهموا في مناصرة قضايا المرأة بمختلف الوسائل ، طرح عدد من المداخلات وتحدث عدد من المشاركين عن القضايا المتعلقة بالإعلاميات اليمنيات فإلى ما تم طرحه: [c1]تغييب [/c]فياض النعمان مدير المشاريع بمنتدى الإعلاميات أكد أنه رغم تزايد حضور المرأة في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات، غير أنه حضور رغم أهميته يظلّ في معظم الأحيان غير كاف، خاصة وأنه يطغى عليه الطابع الرمزي ولا يرقى إلى مستوى التطلّعات ، لافتاً إلى أن أبرز مظاهر التمييز التي تعاني منها الإعلاميات اليمنيات هي الأسماء الذكورية التي تدير المؤسسات الإعلامية الحزبية والأهلية من دون استثناء، والغالبية الساحقة في مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين أي أن نسبة المرأة واحدة من أصل 13 عضوا.وفي سياق حديثها عن موضوع الورشة قالت مدير عام المرأة في وزارة الإعلام انتصار عمر: “بالنظر إلى واقع الإعلاميات اليمنيات سواء في الصحف والمجلات والمؤسسات الإعلامية الرسمية الحكومية أو الأهلية والخاصة والحزبية، نجد أنهن مغيبات من قيادة هذه المؤسسات والصحف والمجلات وصناعة القرار فيها, فعندما نقارن الكم الهائل من الصحف والمجلات المسجلة لدى وزارة الإعلام والموجودة في الساحة بشتى أطيافها وتخصصاتها حيث تتجاوز 400 صحيفة ومجلة، لا يتعدى عدد رؤساء التحرير من النساء 27 رئيسة تحرير لصحيفة ومجلة، معظمها أهلية وخاصة”.[c1]قيادة ذكورية [/c]وأوضحت انتصار أن سياسة وزارة الإعلام محصورة بالقيادة الذكورية وأن القرار الحكومي ذكوري, كما هو حال المجتمع اليمني “مجتمع ذكوري”, في حين تهمش المرأة مهما كانت كفاءتها وقدراتها، إلا أنها لفتت إلى أنه منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 90 وبالنضال المستمر للنساء استطاعت المرأة أن تحقق ذاتها وتفرض نفسها.وأشارت إلى أن الصحفيات اليمنيات أمام مهمة صعبة تحول دون تحقيق طموحاتهن التي في مقدمتها تمكينهن من صناعة القرار في وسائل الإعلام، مطالبة باستمرار النضال في هذا الجانب وعدم الاستسلام للتحديات القائمة، باعتبار أنه كلما قاومن التحديات، واستمر نضالهن، سيحققن ما يصبون إليه وما ينشدنه .[c1]تغيير الصورة [/c]ولفتت مدير عام المرأة في وزارة الإعلام إلى الصحافة النسائية التي قالت إنها أحد أشكال الصحافة المتخصصة, وأن من أهم ملامحها ميول الصحفيات إلى الاهتمام بقضايا المرأة والأسرة والطفل والشعور بالهم النسوي ، مبيِّنة غياب هذا النوع من الصحافة في اليمن رغم أهميته، باستثناء بعض الصفحات والملاحق الأسبوعية في بعض الصحف الرسمية والمواضيع ذات الصلة في عدد محدود من وسائل الإعلام المختلفة, معتبرة، أنها غير كافية ولا تفي بمتطلّبات المرأة ولا تتلمس قضاياها بشكل أعمق بما فيها الإعلام الرسمي، كما بينت أشكال التوعية الاجتماعية في هذا المجال.وأضافت: “على المرأة الصحفية أن تلعب دورا كبيرا في تغيير الصورة السلبية التي تقدم بها، رغم أن العملية ليست سهلة بل شاقة جدا في تغيير الوعي المجتمعي على مستوى الإذاعة والتلفزيون والصحافة المكتوبة أو الإلكترونية، ويقع على عاتق المرأة الصحفية دور بارز في عملية التوعية حول مختلف القضايا المجتمعية خاصة المرأة والأسرة والطفل، ويتجلّى ذلك في الارتباط الحميم للمرأة بهذه المكونات ما يجعلها مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور أساسي في بث الوعي لديها ، وعليها أن تكون على وعي بالمشكلة التي تخص النساء ولديها المؤهلات والخبرات في مجال الإقناع والمعرفة بخصائص الجمهور المستهدف وأساليب التعامل معه وخاصة سكان الريف والمناطق الشعبية العشوائية”.وأكدت انتصار أن تمكين المرأة من قيادة المؤسسات الإعلامية الحكومية وكذا الصحف والمجلات الخاصة والأهلية والحزبية ومواقع اتخاذ القرار الإعلامي، مطلبا ضروريا؛ كونها أكثر قدرة في التعبير عن آراء النساء واحتياجاتهن العملية والاستراتيجية، وأنه من غير المنطقي أن يظل هذا القطاع محصورا على الذّكور رغم أن كثيرا منهن أي ( الإعلاميات ) يكدن أن يكن أفضل من الرجال أداء والتزاما وكفاءة.[c1]النوع الاجتماعي [/c]من جهتها تحدثت رئيسة منظمة الشقائق العربي لحقوق الإنسان، أمل الباشا، عن قضايا العنف ضد المرأة، وما يتعلق بقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي, التي اعتبرتها من أهم القضايا المسكوت عنها إلا في ما ندر، كتقسيم أعمال وأدوار للنساء وأخرى للرجال، وهو ما يعني إقصاء النساء من بعض الأعمال خاصة ذات العائد المادي بسبب البنى الثقافية المتخلّفة، منوهة بأن المجتمع اليمني مجتمع عنيف ، إلا أن العنف الذي يمارس ضد المرأة هو أسوأ أشكال العنف الممارس ، مضيفة: “تعمل المرأة طوال فترة الزراعة في الأرض منذ بذر المحصول حتى حصاده، لكنها تغيب عند بيع المحصول، حيث يقوم بذلك الرجل”.وقالت الباشا إنه بقدر ما تحقق للمرأة اليمنية من إنجازات ضئيلة على الأصعدة كافة خلال السنوات الأخيرة ، لكنها لا تزال تتعرض لأشكال مختلفة من العنف ابتداءً من العنف الجسدي كالضرب والركل وبالأساليب المختلفة المتاحة أو العنف النفسي أو اللفظي والإهانات النفسية بأشكالها المختلفة؛ مثل: الشتم والتحقير والصراخ وغيرها, وختان الإناث الذي يؤدي أحيانا إلى الوفاة.[c1]قانون قاصر[/c]وتابعت قائلة: “يعد الاغتصاب الجنسي من أبشع أنواع العنف الذي تتعرض له النساء والفتيات والأطفال على حد سواء في كل دول العالم واليمن واحدة منها، والأخطر في هذا السياق اغتصاب المحارم، سواء كانت ابنة أو شقيقة أو غيرها، بعضهن لم يتجاوزن سن الطفولة وكذلك أطفال، ونحن في منظمة الشقائق رصدنا حالات عديدة لاغتصاب المحارم من مختلف محافظات الجمهورية, ونعمل على متابعتها. والإشكالية المحورية في القانون تتمثل في عدم القدرة على إثبات حالات الاغتصاب التي تتعرض لها المرأة، وعدم وجود عقوبات محددة لاغتصاب المحارم. فهناك حوالي 118 قضية منظورة في مختلف محاكم الجمهورية،وتتصدر محافظتا الحديدة وإب قائمة المحافظات في عدد حالات الاغتصاب”.وأشارت إلى أنه ينبغي التأكيد أن الآثار السلبية المترتبة على اغتصاب المرأة هي أعلى بكثير من تلك المترتبة على الرجل. حيث انه من الأرجح عدم تقبل زواج المرأة المغتصبة.وطالبت الباشا بأن يقف المجتمع والمهتمون ضد قانون الجرائم والعقوبات النافذ، كونه قاصرا في العقوبات المتعلقة بمثل هذه القضايا, وكذا نبذ الصمت وما تنتهي إليه كثير من القضايا والجرائم المتعلقة باغتصاب النساء, التي تتمثل في الحل القبلي (عفا الله عما سلف), وهو ما تم في كثير من القضايا في هذا الجانب، كونها لا تعالج هذه المشكلة بل تفاقمها، بدليل أن أحد الشباب من إحدى المحافظات اليمنية أغتصب فتاة قبل 25 عاما، وتم حل القضية قبليا حيث تم تزويجهما ببعض، وأنه بعد هذه السنوات جدد الجاني فعلته، من خلال اغتصابه لبناته الأربع، وكذا نساء ولديه الاثنين! . [c1]القولبة النمطية [/c]وأشارت رئيسة تحرير صحيفة ( يمن تايمز ) الناطقة باللغة الإنجليزية، نادية السقاف إلى أن أبرز الإشكاليات التي تواجهها المرأة اليمنية بما فيها الإعلاميات تتمثل بالقولبة النمطية التي تحد من إمكانية أنها تبرز في عملها، نظرا للتفكير النمطي بأن المرأة ناقصة أو ما شابه, وفي مجتمع تقليدي يسيطر فيه الرجال على جميع أنواع العمل، وكذا عدم تمكينها من الفرص كما هو الحال بالنسبة للرجل.وأكدت السقاف أن الإعلاميات يتواجدن في المؤسسات الإعلامية الرسمية بشكل ضئيل, لكنهن لسن في مواقع صناعة القرار, وكذلك الحال في بقية الصحف والمجلات، وقالت إنه يمكن كسر ذلك بتحديد نوع من الكوتا النسائية، خاصة في وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية الرسمية، حيث يتم وضع عدد منهن في الإدارات المهمة حتى يتمكن من فرض أنفسهن وإبراز عملهن والانتقال إلى مناصب أعلى ومواقع صناعة القرار.[c1]اعتراف بالقصور [/c]من جانبه تناول مدير عام المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، الدكتور عبد الله الزلب ، في مداخلته ما أنجزته الإعلاميات اليمنيات ، معترفا بالقصور القائم في ما يتعلق بتمكينهن من صناعة القرار في وسائل الإعلام ، وعدم الاهتمام بقضايا الريف اليمني والمرأة الريفية ، لكنه أكد أن ما تحقق للمرأة اليمنية خلال فترة الوحدة اليمنية كثير جدا على الأصعدة كافة .وأضاف : “عدم وجود رؤية لما نريده من وسائل الإعلام (الرسمية، الأهلية، الحزبية) وطغيان الجانب السياسي على حساب القضايا الأخرى، أبرز الإشكاليات التي يعاني منها الإعلام اليمني، وعلينا جميعا في مختلف وسائل الإعلام واجب القيام بدورنا كإعلاميين تجاه المجتمع وقضاياه بعيدا عن المصالح الخاصة والشخصية، وينبغي وضع رؤية وخارطة برامجية تستجيب لقضايا المجتمع، بما فيها قضايا الأرياف التي يتم تجاهلها حاليا من قبل مختلف وسائل الإعلام”.[c1]لا بد منها[/c]ختاما ينبغي التأكيد على مطالب العديد من المهتمين والمهتمات في هذا الجانب، وكذا التقارير والدراسات الرسمية وغير الرسمية، بالقصور القائم في تناول قضايا المرأة في وسائل الإعلام سواء كصانعة قرار أو مستفيدة مما تقدمه هذه الوسائط من معلومات وتراث معرفي ومهاري للنساء، وأنه رغم الجهود التي تبذلها فإنها تحتاج إلى المزيد من الاهتمام لتوجيه وتكوين حالة إجماع لدى الرأي العام وإثارة الوعي بقضايا النساء ومسيرة التنمية التي لا يمكن أن تقف بمعزل عن مشاركتها تماشيا مع توجهات الدولة وسياساتها المختلفة، وأن تقوم هذه الوسائل بـ:- تقديم نماذج لقصص نجاح نساء رائدات في العمل الاجتماعي والتنموي لتصحيح الكثير من الأخطاء والمفاهيم المغلوطة عن النساء ومساهماتهن ومنحهن مساحة أوسع في النشر والاستمرارية، وإعادة صياغة السياسة الإعلامية بإضافة مكون النوع الاجتماعي.- الاستمرار في تعديل الصورة التقليدية النمطية عن أدوار المرأة ومكانتها لضمان إعادة إنتاج القيم الثقافية وإرساء ثقافة م للجنسين تقوم على أساس العدالة والإنصاف والمساواة وإيجاد رأي عام مساند وداعم لقضايا المرأة والتحديات التي تجابهها.- القضاء على التنافر والتناقض بين ما يقدم عن المرأة في وسائل الإعلام وبين وضعها الحالي لضمان رسم سياسة مستقبلية تخدم أهداف التنمية التي لا تستقيم إلا بمشاركة متساوية وعادلة لكل أفرادها، نساءً ورجالا.