الأسبوع الماضي كان حميد الأحمر غائباً عن المؤتمر الصحفي الذي عقده المشترك، وأعلن فيه بشكل صريح قبوله مبادرة رئيس الجمهورية - وإن سماها خطاباً - واستعداده للعودة إلى الحوار والتوقيع على محضر خلال أسبوع. ذلك الإعلان كان قد أعطى نوعاً من الانطباع أن لغة العقل والحكمة تغلبت على رؤية قيادات المشترك، وأنها ربما تجنح للعودة إلى الحوار لاسيما في ظل ما أبداه الرئيس والمؤتمر الشعبي العام من مرونة كبيرة في هذا الشأن. لكن غياب حميد عن المؤتمر الصحفي للمشترك وما أعقب موقف المشترك آنذاك من تحول عن مضمون البيان إلى بيان توضيحي جديد صدر ليلاً، ثم انطلاق مظاهرات ومسيرات لشباب ينتمون إلى أحزاب المشترك تثير الكثير من الأسئلة عن الدور الذي بات يلعبه حميد الأحمر في صنع قرار أحزاب المشترك. ولا شك في أن قراءة سريعة لتطورات الأحداث تؤكد أن خروج المسيرات اللاحقة للمؤتمر الصحفي للمشترك إنما جاء بهدف عرقلة توجه المشترك وعودته إلى الحوار، وهو أمر لا يمكن تفسيره إلا بمحاولة حميد الأحمر إفشال مساعي العودة إلى الحوار لتحقيق أهداف شخصية خاصة به. ربما يعتقد البعض أن المشترك هو من يستخدم حميد الأحمر لصالحه، لكن مثل هذا الاعتقاد لا يبدو صحيحاً إذا ما عرفنا أن تصريحات معظم قيادات المشترك تحاول التأكيد على أن المسيرات الأخيرة ليست من تنظيم المشترك، وهو أمر لا يمكن ألا تتفاخر به قيادات تلك الأحزاب إلا إذا لم يكن من صنعها وتخطيطها أو على الأقل محاولة منها التخلّي عن المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تنجم عن هذه المسيرات من أعمال عنف وبلطجة وتخريب. لكن في المقابل فإن مشاركة أعضاء تلك الأحزاب في مسيرات تقول إنها لم تدع إليها لا يعني إلا أن تلك الأحزاب قد فقدت فعلاً قدرتها على إلزام أعضائها بالقرارات التنظيمية، أو أن حميد الأحمر هو من بات يوجه ويصنع قرار المشترك ويستخدم أعضاءه وأنصاره وقوداً لمحرقة يتوهم أنها قد تكون طريقه نحو الوصول إلى كرسي السلطة. وإذا كان صحيحاً أن حميد بأمواله يمكن أن يبتز المشترك ويمارس ضغوطاً على قياداته لتمرير بعض مصالحه وأهدافه السياسية، فإن الخضوع الذي يبديه المشترك أمام مصالح ومطامع حميد يثير الغرابة والعجب والدهشة حقاً. إذ كيف يمكن لأحزاب سياسية ذات تاريخ نضالي وطني يمتد لعقود أن ترهن رؤاها وبرامجها وقرارها السياسي في يد شخص أو لمصلحته لاسيما حين يكون ذلك الشخص - رغم محاولته الظهور كرجل براجماتي - شيخاً قبلياً يتفاخر بقبيلة حاشد أكثر من تفاخره بانتمائه السياسي للإصلاح أو المشترك.. ويراهن على سلاح قبيلته أكثر من مراهنته على سلاح الدستور والقانون أو التعددية السياسية؟!. والأكثر إيلاماً للنفس والفكر والروح هو أن يكون شباب أحزاب المعارضة في المشترك من حملة الشهادات الجامعية والماجستير والدكتوراه والمثقفين هم الوقود الذين يحوّلهم حميد إلى مجرد مخربين وغوغائيين أحياناً، وأحايين أخرى أوراق يرمي بها في المسيرات والمظاهرات لتحقيق أهدافه تحت وهم أن الشباب هم من يصنعون التغيير والثورة، في حين أنه لو حدث التغيير فإن من سيجني مكاسبه لا شك حميد الأحمر مستنداً إلى نفوذه القبلي والمالي. ولعل من المهم التذكير أن حميد وأسرته لايزالون يستغلون استشهاد بعض أفراد الأسرة في ثورة 26 سبتمبر لنحو نصف قرن ويستخدمونها لتحقيق مكاسب خاصة سياسية واقتصادية، في حين أن أبناء الآلاف من الثوار وأحفادهم لا يجدون حتى من يعيلهم!. فيا ترى ماذا سيفعل حميد لو حدث تغيير كما يتوهمه عبر صدور شباب تواق للتغيير لكنه لا يعرف النهاية التي سيؤدي إليها ما يجندون أنفسهم لأجله؟!.
حين يتحول الشباب وقوداً لمصالح شيخ..!!
أخبار متعلقة