* أن تقرر للنساء (كوتا) .. مثل أن تخصص مجموعة من الدوائر الانتخابية يقتصر الترشيح فيها على النساء لكي تضمن وصول عدد كاف من النساء إلى المؤسسة التشريعية، يعتبر هذا تمييزاً وعدم مساواة في هذا الحق السياسي الذي يجب أن يكفل لجميع المواطنين ذكوراً وإناثاً .. وهذا في الظروف العادية .. ولكن هناك ظروفاً في المجتمعات المتخلفة مرتبطة بعوامل اجتماعية وثقافية تجعل من العسير على المرأة الوصول إلى مجلس النواب رغم أهمية وجودها فيه، ففي ظل المساواة في هذه الظروف يفوز المرشح الذكر وتهزم المرشحة ولو كانت أفضل منه علماً وخبرة .. لذلك أقرت اتفاقيات ومعاهدات دولية أن تخصص للنساء (كوتا) لضمان وصولهن إلى مراكز اتخاذ القرار والهيئات المعنية بالتشريع .. وهذا التمييز يسمى تمييزاً إيجابياً.. ويكون مؤقتاً وليس دائماً .. يزول بمجرد زوال العوامل التي تحول دون وصول النساء إلى مراكز اتخاذ القرار منها المجلس التشريعي. ونظام (الكوتا) مثلاً غير معمول به في المجتمعات المتقدمة لسبب معروف وهو أن النساء والرجال متساوون في النظرة الاجتماعية والثقافية، ويختار الناس - بسبب ارتفاع وعيهم - المرشح على أساس الكفاءة بغض النظر عن كونه ذكراً أو أنثى وهذا غير متوافر في المجتمعات المتخلفة كاليمن.* عندما ظهر مشروع التعديلات الدستورية الأخير هنا في اليمن والذي تضمن نصاً جديداً يخصص للمرأة ( 44) مقعداً بحيث أن تكون ( 44) دائرة انتخابية في الجمهورية يقتصر فيها الترشيح على نساء بغض النظر عن أي انتماء سياسي.. خرج سلفيون يحتجون ، ويقولون : هذا تمييز .. هذا عدم مساواة .. يجب أن يتساوى الجميع .. بأي حق تحرم مواطناً ذكراً من الترشح في هذه الدائرة كما تترشح الأنثى ؟! إذن خصصوا دوائر للرجال وحدهم كما فعلتم بالنسبة للنساء .. وقالوا من هذا القبيل كلاماً كثيراً كله من ضرب هذا الهراء.* ومن مظاهر تهافت هذا المنطق أن أصحابه الذين يتباكون من عدم المساواة هذه أو “ الكوتا” التي تتضمن وصول ( 44) امرأة إلى مجلس النواب ، هم من حيث المبدأ يرفضون مبدأ المساواة في الحقوق السياسية بين الذكور والإناث .. يعني أنهم يرفضون أصلاَ وجود المرأة في مجلس النواب بل يحرمون من حيث المبدأ ترشح المرأة في أي دائرة انتخابية.* إن مقاومتهم لمشروع “ الكوتا” يلبسونها ثوب مقاومة التمييز وعدم المساواة ، بينما في الأصل هم مقاومون للمساواة كمبدأ .. أكان فيما يتعلق بالحقوق السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها..* وعلى أي حال .. هذا المنطق الذكوري السلفي المتهافت هو ما يميز موقف رجال الدين المتزمتين والقبليين ليس تجاه الحقوق السياسية للمرأة فحسب، بل وفي كل قضية عادلة .. فقد حرموا تحريماً دينياً حق المرأة في العمل .. وقبل ذلك حرموا خروج الإناث إلى المدارس ، وقرنوا المرأة بالحمار والكلب الأسود ، وحرموا على المرأة الاستمتاع بالحياة وحقروا رأيها وعقلها .. كل شيء مكروه وسيئ وظالم وجهوه نحو الأنثى.لكن هناك عبرة بل عبر يجب الأخذ بها .. فعندما خرجت المرأة إلى التعليم والعمل تراجعوا بفضل إصرارها وإيمانها بحقوقها .. وهكذا .. والعبرة هي أن هؤلاء يتنازلون عن الموروث البشري المتخلف كلما قام الرجال والنساء بفضح هذا الموروث الذي ربطه السلفيون بالدين وجعلوه شريعة تسود شريعة الله.
أخبار متعلقة