من الملكة بلقيس إلى الملكة أروى وكل ملكات اليمن اللاتي حكمن في لحج وأبين والضالع يحكي تاريخنا اليمني ويشهد على قدرة المرأة اليمنية على العمل ، وليس أي عمل بل إدارة بلاد بأكملها..
إن مسألة عمل المرأة في مجتمعنا مازالت تواجه بعدم القبول في ظل عصر التحديث الذي تتسارع فيه عجلة التنمية وتقنيات العمل المتطورة وفي ظل قوانين العمل والتنظيمات المتقدمة المتعلقة بها ، وانفتاح العالم .. وهو أمر محير إذا ما راجعنا تاريخ عمل المرأة في الأزمنة الغابرة التي لم تكن تتمتع بهذه المساحة من الحرية وبكل هذه القوانين والتنظيمات العملية والانفتاح العملي بالنسبة للرجل والمرأة .
إن قانون العمل اليمني في بلادنا كفل للمرأة العاملة حقوقها مثلها مثل الرجل بل وزاد على ذلك حسبما يتوافق وفسيولوجية وطبيعة المرأة ( الحمل والرضاعة ) ، فبالرجوع إلى قانون العمل اليمني فإن العمال والعاملات يتساوون في كافة الحقوق والواجبات ، مع احتوائه على بعض الخصوصيات التي تتعلق بالمرأة الحامل و المرضع ، الأرملة، وكذا حالات الولادة ، ومن هذا المنطلق فإن للمرأة الحق بالعمل إلى جانب أخيها الرجل بمختلف المجالات .
ومع ذلك فإن المرأة اليمنية تعاني الكثير وتحد قدراتها وإبداعاتها من خلال ثلاثة ميمات ( تقف حائلا دون التحاقها بالعمل ، وبالتالي تمكينها اقتصاديا ) .
أقصد بالميمات هنا معوقات ومشكلات ( في الالتحاق بالعمل ، ومعوقات في العمل نفسه ، كما تعاني من مشكلة التمييز في العمل ) .
الميم الأولى معوقات التحاق المرأة بالعمل وهي كثيرة أهمها الموقف المحافظ من خروج المرأة للتعليم ومن ثم العمل والمغالاة في عيوب الاختلاط نظراً للمفاهيم البالية، والموروثات المتخلفة و الميل الأسري نحو الزواج المبكر للفتيات ، الذي يعد أحد المسببات الرئيسية لتدني المستويات التعليمية للمرأة وتدني برامج التدريب لأن زواج الصغيرة يحملها أعباء المنزل في سن صغيرة ويكون سببا في تسربها من الدراسة .
بالإضافة إلى أن عدم تكافؤ الفرص وضعف الاستثمار في الجوانب التي تتناسب وعمل المرأة يعد أيضا عاملا أساسيا في عدم التحاق المرأة بالعمل ، وتلعب البطالة دورا كبيرا في قلة فرص المرأة في الحصول على عمل .
الميم الثانية تتعلق بالمشكلات التي قد تعيق المرأة في العمل ، وتتمثل بمشقة الجمع بين العمل والواجبات المنزلية والأسرية ، وعدم تناسب مكان العمل والسكن والمواصلات المنتظمة ، كما أن عدم وجود حضانات ورياض للأطفال في المرافق أو بالقرب منها أو مناطق السكن وبأسعار مقبولة تتناسب مع دخل المرأة يعد من المعوقات المهمة في عملها.
وتعاني بعض النساء من السلوكيات غير المقبولة من قبل الرجل سواء في العمل أو في الطريق من العمل وإليه أو من التحرش خصوصا العاملات في النوبات الليلية ، وفي الريف تواجه المرأة أعمالا شاقة وظروفا قاسية .
وهناك مشكلة تؤرق الكثير من العاملات وهي مخاوف العنوسة ، فلعلكم لاحظتم في وقتنا الحاضر أن هناك نسبة عنوسة واضحة بين النساء العاملات بل وخريجات الجامعات ، وهذا مرجعه النظرة القاصرة تجاه المرأة العاملة أو المتعلمة .
الميم الثالثة هي معوقات التمييز ، فكلنا نعرف أن المرأة حتى في المجتمعات المتقدمة والمتطورة لا تتمتع بالتكافؤ مع الرجل فهناك حالات من التمييز متفاوتة من بلد لآخر، وفي اليمن كغيرها من الدول العربية هناك كثير من مظاهر التمييز تجاه المرأة تبرز أهمها في تدني نسبة التحاق الإناث بالدراسة والعمل مقارنة بالذكور ، التحيز للرجال (في الغالب) تقريباً عند المفاضلة للقبول في الوظائف وفي الترقيات والأجور ومواصلة الدراسة والهجرة وحكر بعض الأعمال على الرجال دون النساء .
ومازالت المرأة اليمنية حتى الآن تعاني الانتقاص من قدراتها ، فينتهك حقها في المواقع القيادية غالبا وتحرم من الاضطلاع بمسئوليات قيادية في الإدارة والسياسة والاقتصاد ، وكذا التحيز في أمور التملك والإرث ، و اختيار الشريك وإقرار شئون الأسرة والتصرف بعوائد العمل وان كان ذلك التحيز قد بدأ بالانحسار والتلاشي نظرا لتطور وعي المرأة والأسرة .
كما أن هناك موقفا سلبيا من حماية المرأة ، وكثيرا ما يبخس حقها اقتصاديا من خلال عدم احتساب مردود عملها في المنزل أو في الزراعة والصناعات الخفيفة وغيرها من الأعمال الخاصة بالأسرة والتي لا يدفع نظيرها أي أجر للمرأة.
ثلاثة ميمات مازال مجتمعنا اليمني يعاني منها وتضرب انعكاساتها سلبا على عمل المرأة اليمنية وتمكينها اقتصاديا في المجتمع وتقف دون إثبات دورها في عملية التنمية المجتمعية وعلى رأسها التدرج في مواقع صنع القرار التي تعالت مؤخرا صرخات المرأة منادية في الحصول على حقها ولو نسبة الــ 15 % التي وجه بها الرئيس علي عبدالله صالح داعما بذلك المرأة حتى تحصل على أعلى قدر من حقوقها.
لكن نكون مجحفين في حق المرأة إذا لم نعترف بأنها وبالرغم من كل ما تقدم حققت قدرا لا بأس به بتواجدها في مختلف قطاعات العمل في اليمن على طريق الحصول على حقوقها في العمل وكذا التمكين الاقتصادي السياسي بما يكفل لها مساحة من الاستقرار والتنمية الذاتية ، إلا أنه يتطلب جهدا كبيرا ربما بواسطة عملية التوعية المجتمعية وتوفير المناخ الملائم لعملية تأهيل المرأة وتعليمها ، وكذا تطوير التشريعات المتعلقة بعمل المرأة بما يجنبها المعوقات والمشكلات التي تحول دون ذلك .
|
ومجتمع
ثلاثة ( ميمات ) تعوق عمل المرأة في بلادنا !
أخبار متعلقة