حدث وحديث
داليا عدنان الصادقشاهدت حلقة خاصة عن حقوق الوالدين في برنامج (قبل أن تحاسبوا) وهذه الحلقة تحكي قصة واقعية وليست من خيال مؤلف.. قصة حكاها رجل مسن يبلغ من العمر (68) عاماً والدموع تنهمر من عينيه وقصته هو أنه فقد بصره منذ سنوات عدة ولكنه في كامل صحته وحيويته وبرغم العمر الذي بلغه ذلك الرجل المسن فان لديه الكثير ليعطيه من خبرته وحكمته حكم عليه أبناؤه حكماً قاسياً كبلوا يديه وحرموه ان يعيش حياة طبيعية بينهم في أخر ايام حياته أوصدوا عليه الأبواب (ابواب الحياة) بعد ان فتحها لهم على مصرعيها.. فسدوا عليه منافذ السعادة وجعلوه بصورة يرثى لها نزيلاً في دار المسنين في واحدة من تلك الدور التي انتشرت في مجتمعاتنا العربية.بعد رحلة شقاء وغربة أستمرت سنوات طويلة وبعد ان ظن في تلك الرحلة الطويلة انه يضحي وأن عطاءاته لابد ستجد لها مكاناً وان مايقدمه لابنائه سيلقاه من أبنائه الذين تخرجوا وعملوا وتزوجوا ولكنه فوجىء بالنهاية التي سطرها له أبناؤه ففي أرذل العمر وجد نفسه وحيداً حتى شقته التي كان يسكنها تملكها الأبن الأصغر بعد وفاة الأم ولم يجد الأب باباً مفتوحاً له بعد رحلة الشقاء والغربة والتضحية سوى دار العجزة.. فلا واحد من أبنائه وجدت الرحمة طريقاً الى قلبه ليعرف حقوق والده عليه.إن قصة ذلك الرجل المسن الذي يحكي قصته والدموع تنهمر من عينيه فيها معاناة أب يعاني من أبنائه تجاهلاً واهمالاً ونكراناً وجحوداً فهو ينادي أطفال الأمس الذين شبوا وتنكروا له وتركوه يكابد صراع الوحشة ووحشة النكران.لقد كان مشهداً أختصر الهدف والكلمات وجسد القضية ونقل بالصوت والصورة حجمها وأبعادها الإنسانية انه مشهد مؤلم يظل الإنسان ذاكراً ذاته معانياً في سبيل تضحياته يظن انه يفعل الصواب وانه يقدم أسمى أنواع التضحيات .. حيث يتغرب ويحرم نفسه من الحياة لكي يقدم لابنائه الحياة الكريمة وعندما لا يبقى لديه مايعطيه يركن على الجانب ويترك يد الأيام تتلاعب به بقية حياته فلايجد أي خطأ سوى ظنه أن مافعله هو الصواب.