وقفة تأمل
يعد الفحص الطبي قبل الزواج إجراء صحي بالغ الأهمية لكل من يرغب في الزواج من الذكور والإناث علي حدٍ سواء وخاصة لمن سيتزوجون من الأقارب وذلك من اجل حماية أطفالهم من أية أمراض وراثية كأمراض الدم الوراثية ،ولما لذالك من أهمية فقد أوصت جامعة الدول العربية بالفحص الطبي قبل الزواج وحرصاً من بعض الدول العربية على ضمان تحقيق ذلك فقد سنت أنظمة لتطبيق الفحص قبل الزواج. وتعتبر الأردن أول دولة عربية سنت نظاماً يجبر من يريد الزواج على القيام بالفحص الطبي قبل عقد القران ،فيما اكتفت كل من السعودية و البحرين و الإمارات بحث مواطنيها بشكل اختياري على القيام بهذه الفحوصات.و بشكل عام فالمجتمعات العربية بما فيها المجتمع اليمني من أكثر المجتمعات التي يشيع فيها ظاهرة زواج الأقارب ضمن نطاق القبيلة أو العشيرة أو العائلة والأسرة الواحدة. أضف إلي ذلك أن المجتمعات العربية ما تزال تنظر إلى الفحص الطبي قبل الزواج كأمر غير ضروري أو غير محبذ, نتيجة لعدم وجود الوعي الكافي بهذه الجوانب لدى غالبية أفراد المجتمعات العربية من جهة, ولأنه قد يخشى أحد الطرفين المقبلين على الزواج من أن يؤدي هذا الفحص إلى كشف ما قد لا يرغب بالتصريح به احد الطرفين للآخر من جهة أخرى, ولذالك فإن الوصول إلي تحقيق الفحص الطبي قبل الزواج في المجتمعات العربية عموماً يلزم منه تكثيف التوعية بأهمية هذا الأمر ،بحيث أن يكون لكل فرد من الزوجين أكان ذكراً أو أنثى الحق في أن تتوفر لديه ابسط الضمانات بان يكون شريكه سليم الجسد معافى البدن وكذلك نسله من بعده ، وان يكون أيضا للمجتمع الحق في وجود أقل نسبة من المعاقين جسدياً أو المتخلفين عقلياً أو المصابين بمرض مزمن نتيجة بعض التشوهات الوراثية أو بعض الآفات الجنسية.فبحسب المعلومات المتوفرة عن بعض الدراسات والأبحاث الطبية فانه يتوقع أن يصاب طفل واحد من كل 25 طفلاً بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية خلال الخمس وعشرين سنه من عمره ،و أن يصاب طفل واحد لكل 33 حالة ولادة لطفل حي بعيب خلقي شديد. وان يصاب نفس العدد بمشكلات تأخر في المهارات و تأخر عقلي، وان تسعه من هؤلاء المصابين بهذه الأمراض يتوفون مبكرا أو يحتاجون إلي البقاء في المستشفيات لمده طويلة أو بشكل متكرر ولها تبعات مالية واجتماعيه و نفسيه . وطبعاً هذه الأعداد سيكون لها تبعات وأثار عكسية سيئة و معقدة على الأسرة و المجتمع بأسره.ووفقاً للمعلومات الصحية المتوفرة علي المستوي العربي فأن أكثر الأمراض شيوعاً في المنطقة العربية هي أمراض الدم الوراثية مثل فقر الدم المنجلي و فقر دم البحر المتوسط و أنيميا الفول.القسم الثاني أمراض الجهاز العصبي كمرض ضمور العضلات الجذعي و أمراض ضمور العضلات باختلاف أنواعها و ضمور المخ و المخيخ ، و أمراض التمثيل الغذائي المعروفة بالأمراض الإستقلابية التي تنتج بسبب نقص أنزيمات معينة، و أمراض الغدد الصماء خاصة أمراض الغدة الكظرية و الغدة الدرقية.و معظم هذه الأمراض تنتقل بالوراثة المتنحية و التي يلعب زواج الأقارب فيها دور كبير في زيادة أعدادها.ومن هنا تبرز أهمية الفحص قبل الزواج و القيام بتحاليل لكشف إذا ما كان الشخص الراغب في الزواج حاملاً لأي مرض من تلك الأمراض بغض النظر عن صلة القرابة بينهما.لذلك فأن فحوصات ما قبل الزواج هي مسألة مهمة للأقارب وغير الأقارب. ولكنها تكون أكثر أهمية للأقارب لما يلعبه زواج القارب من دور كبير في الإصابة بالأمراض الوراثية الناتجة عن الوراثة المتنحية كفقر الدم المنجلي و أنيميا البحر المتوسط (الثلاسيميا).إن الكثير من الإمراض الوراثية لا يوجد لها علاج أو يصعب علاجها وذات تكلفة عالية و قد تترتب على إجراءات العلاج سواء بتناول الدواء طوال الحياة أو التغذية الخاصة أو نقل الدم بصفة منتظمة أو زرع الأعضاء فان الفحص قبل الزواج يشكل وسيلة ملائمة لمكافحة الأمراض الوراثية و وسيلة للوقاية وبأقل كلفة مقارنة بالفوائد الكبيرة التي تتحقق إذا ما تم حماية المجتمع من الأمراض الوراثية والتي يكلف علاجها مبالغ طائلةفالفحوصات التي سوف تجرى للكشف عن الأمراض الوراثية هي للكشف إذا ما كان الشخص حاملاً للمرض أم لا. والشخص الحامل للمرض ليس شخصاً مريضاً، بل هو شخص سليم و لكنه يحمل صفات و راثية يمكن أن ينقلها لذريته إذا حدث و كانت زوجته أو كان زوجها أيضا حاملا لنفس المرض. هذا من ناحية ،و من ناحية أخرى ليس هناك بإذن الله مشكلة لو كان واحد من الطرفين حاملاً للمرض و الطرف الأخر ليس حاملاً. المشكلة فقط تحدث إذا كان الطرفان كلاهما حاملين للمرض.