طوال ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية وقف الجيش على الحياد
تشييع جنازة العميد الحاج
بيروت/ 14 أكتوبر/ اليستير ليون: اغتيال ضابط لبناني كبير كان يتقدم المرشحين لتولي منصب قائد الجيش قد يجر القوات المسلحة اللبنانية إلى معركة سياسية أوسع جارية بالفعل على الرئاسة. ووقف الجيش تحت قيادة العماد ميشال سليمان الذي قد ينتخب رئيسا للبنان إذا اتفق الفرقاء وجرت الانتخابات في موعدها يوم الاثنين القادم على الحياد بدرجة كبيرة طوال ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية بين فصائل لبنانية مختلفة. وينظر إلى الجيش على انه قوة تعمل على توحيد البلاد والمؤسسة الوحيدة القادرة على الحفاظ على سلام متوتر في لبنان. لكن في نهاية الأمر ترغب الأغلبية الحاكمة التي يؤيدها الغرب في وجود جيش قوي يتولى المسؤولية الكاملة عن حماية حدود البلاد فور نزع سلاح حزب الله والميليشيات الفلسطينية. وهذه لعنة تطارد حزب الله، الذي يقول إن أسلحته ضرورية لصد أي عدوان إسرائيلي مادامت القوات اللبنانية ضعيفة وغير كافية التسليح. وقتل العميد الركن فرانسوا الحاج قائد عمليات الجيش في انفجار سيارة ملغومة يوم الأربعاء وكان من أبرز المرشحين لخلافة سليمان قائد الجيش الحالي. وقال بول سالم مدير مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت "هذا الاغتيال أضاف نغمة توتر إلى مسألة من سيكون قائد الجيش القادم أنها مسألة يقتل الناس من أجلها.، "لقد أظهر على السطح قضية المهمة الموكلة للجيش. وإذا كانت الولايات المتحدة وسوريا قد توصلتا إلى نوع من التوافق بشأن الرئاسة فلم يمتد هذا فيما يبدو إلى الجيش." وثارت تكهنات كثيرة حول هوية وأهداف من يقف وراء مقتل الحاج بسيارة ملغومة في بعبدا وهو في طريقه إلى وزارة الدفاع. ولم يتكشف قدر كبير من الحقائق يدعم أياً من النظريات التي ترددها وسائل الإعلام عن الهجوم والذي ابتعد عن سياق الاغتيالات السابقة. فاغتيال الحاج هو تاسع حادث اغتيال منذ مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء الأسبق في فبراير عام 2005 وكان أول ضابط في الجيش اللبناني يقتل بينما استهدفت عمليات الاغتيالات السابقة سياسيين وصحفيين. ويلقي سياسيون لبنانيون مسؤولية اغتيال الحريري وباقي الشخصيات السياسية الأخرى على دمشق. لكن سوريا تنفي ذلك وتحقق الأمم المتحدة في هذه الاغتيالات. هل كان مقتل الحاج ثأرا معلقا بعد ان لعب دورا كبيرا في الحملة التي شنها الجيش على متشددين يستلهمون نهج القاعدة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان في وقت سابق من العام. وقتل في الحملة 168 جنديا ونحو 230 متشددا من جماعة فتح الإسلام مما أثار شكوكا في تورط الجماعة الإسلامية المتشددة في تفجير الأربعاء. ويقول آخرون ان اغتيال الحاج ينطوي على تحذير للجيش حتى لا يميل نحو الولايات المتحدة أو ينهي تسامحه مع الأنشطة المسلحة التي يقوم بها حزب الله الشيعي. وهناك نظرية مغايرة تماما تقول ان الحاج سقط ضحية قوى لا تريد ان ترى الجيش تحت قيادة ضابط على علاقة ودية بحزب الله ومقرب أيضا من زعيم المعارضة المسيحي ميشال عون. وتحدثت دمشق عن يد إسرائيلية في اغتيال الحاج الذي نسفت سيارته عام 1976 حين رفض الانضمام إلى ميليشيا موالية لإسرائيل في مسقط رأسه قرية رميش بجنوب لبنان. أو ربما قضى عليه خصومه السابقون في ميليشيا مسيحية سابقة كانت تعرف باسم القوات اللبنانية حتى لا يصبح قائدا للجيش. وحين سئل عن إمكانية وقوف متشددين إسلاميين وراء التفجير الذي أودى بحياة الحاج وحارسه قال مصدر أمني "هذا واحد من بين عدة احتمالات كثيرة. لا نستبعد شيئا." ومن الأسئلة المحيرة كيف تمكن المهاجمون من نصب هذا الشرك في بعبدا الحصينة التي يوجد بها مقر القصر الرئاسي والسفارات الأجنبية والمقار الدبلوماسية. وقال هلال خشان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت "من المفترض ان تحظى شخصيات الجيش بأفضل حماية. لكن المهاجمين كانوا على علم بتحركات الحاج." ويرى خشان ان اغتيال قائد عمليات الجيش (54 عاما) هو شأن داخلي نفذ داخل الجيش أو من قبل جماعات على صلات وثيقة بالجيش.، وقال "انه انقلاب داخل الجيش." لا تبدو أي فكرة مستغربة لدى اللبنانيين الذين تسيطر على أفكارهم نظرية المؤامرة لكن الأكثرية تأمل ان تؤدي صدمة اغتيال الحاج إلى دفع الزعماء اللبنانيين إلى اتخاذ القرار والاتفاق على طريقة لتعديل الدستور للسماح لسليمان بتولي الرئاسة. ورغم توافق الآراء منذ أسبوعين على انتخاب سليمان رئيسا ليشغل المنصب الشاغر منذ انتهاء فترة إميل لحود الرئيس السابق في 23 نوفمبر الماضي إلا ان الخلافات مازالت مستمرة بشأن تعديل الدستور. ويجب ان يتولى الرئاسة وأيضا منصب قائد الجيش شخصية مسيحية مارونية وفقا لنظام التقسيم الطائفي للسلطة في لبنان. وقال الفرقاء المتناحرون ان اغتيال الحاج يظهر الحاجة إلى إنهاء الأزمة الرئاسية المستمرة منذ أشهر والتي تعتبر أسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 1975 و1990. وأعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في بيان يوم الاثنين ان انتخاب الرئيس اللبناني تأجل للمرة الثامنة إلى 17 ديسمبر لإعطاء الجماعات المتناحرة فسحة من الوقت للاتفاق على تعديل دستوري ضروري للسماح لسليمان وهو موظف عمومي بالترشح لمنصب الرئيس.، لكن يقول محللون ان هذه النغمة التصالحية قد يكون عمرها قصيرا. ويقول سامي البارودي من الجامعة الأمريكية الذي يلقي المسؤولية على المعارضة "هناك إدراك متنام بأن هذه الأزمة يجب ان تحسم. لكن ليس مقدرا لنا ان نحظى برئيس الأسبوع القادم.، "السياسيون يدلون بالتصريحات لتفادي غضب الشعب لكن بعدها يعود كل فريق إلى موقفه (الأصلي)."