حملة التحصين ضد مرض الحصبة..
إعداد/ زكي نعمان الذبحانيجلنا يعلم الشيء الكثير عن أعراض الحصبة، فهو مرض ألفه الكثيرون ولمسوا آثار أعراضه على أطفالهم المحرومين من التحصين، بل ومن بينهم من يدرك خطورة هذا المرض ويعلم الكثير عن الآثار الظاهرية التي تنجم عن مضاعفاته.وحقيقة مشكلة الحصبة ليست بالهينة، ومع أن أعراضها قد تبدو عادية نوعاً ما بادئ الأمر، لكنها يمكن أن تشتد وتسوء مدخلة المريض في مرحلة مضاعفات تهدد صحته على نحو فيه خطورة على حياته.إن من الأولى أن يعي ويدرك الآباءوالأمهات هذا جيداً وأهمية أن يحضى أطفالهم بحماية كاملة ووقاية دائمة من أداء الحصبة، بأن يحرصوا أيما حرص على تحصين فلذات الأكباد بلا استثناء، مع الالتزام بقواعد الوقاية والنظافة العامة والشخصية حتى لا ينالهم الأذى الذي يلقيه ويلحقه هذا المرض الوخيم على أجسادهم الغضة الصغيرة التي لاتقوى على حماية نفسها ولا تمتلك القدرة الدفاعية الكافية لصد ودحر عدوى فيروسات مردت على قتل وتدمير الأجساد الصغيرة..ففي الشهر التاسع من عمر الطفل يأتي موعد الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لهذا المرض، بينما الجرعة الثانية عند بلوغ عام ونصف من العمر، وهذا معمول به في كافة مراكز التحصين ضمن مرحلة التطعيم للأطفل الرضع المسماة بمرحلة التحصين الروتيني يمنحون خلالها كرتاً يدون عليه نوع جرعات التطعيم مواعيدها.وإذا بنا على عتبة حملة تحصين تكميلية ضد مرض الحصبة تستهدف جميع الأطفال في الفئة العمرية من (9أشهر- 15 عاماً) إلى جانب اعطاء الأطفال الذين يتراوح أعمارهم بين (9 أشهر- 5 أعوام) جرعة من فيتامين (أ) اللازم لجهاز المناعة ودعم مقاومة الجسم للأمراض، أود القول بأنها حملة ذات خصوصية تختلف عن كل حملات التحصين ضد شلل الأطفال، ستشمل فقط محافظات (عدن- مأرب- شبوة- الجوف- صعدة) بجميع مديرياتها، بالإضافة إلى مديريات (إب- الظهار- المشنة) بمحافظة إب، ومديريتي (ظليمة حبور- ثلا) بمحافظة عمران، ومديرية (بني سعد) بمحافظة المحويت، ومديرية (جيشان) بأبين، كما إنها. أي الحملة ليست من منزل إلى منزل، وإنما يأتي تنفيذها في المراكز والوحدات والمرافق الصحية والمدارس والمواقع المختلفة المعلن عنها في سائر المحافظات والمديريات المستهدفة.وبالتالي تستدعي هذه الحملة إعارتها جل الاهتمام من الآباء والأمهات بتحصين أطفالهم المستهدفين، وما من مشقة سيجدها أي منهم في تلبية نداء التطعيم لحماية فلذات الأكباد من خطر الحصة وما يترتب على الاصابة بهذا الداء من مضاعفات غاية في الخطورة.إنه يتميز بقدرة كبيرة على الانتشار والانتقال عبر استنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء المنبعث في فم أو أنف المصاب به بفعل العطاس أو السعال أو عند استعمال المتعلقات الشخصية للمريض الملوثة بالفيروسات، كالمناديل والمناشف، وكافة الأشياء التي يقع عليها شيء من افرازات أنفه أو لعابه.وليس لفيروسات الحصبة من مضيف سوى الإنسان، فهو المصدر الوحيد للعدوى، خاصة في الطور الرشحي الذي يعتبر أخطر الأطوار وأهمها نشر العدوى.وكون للحصبة ميزة السرعة في الانتشار والانتقال من شخص لآخر، ولها أيضاً قدرة عالية على إحداث مضاعفات من شأنها الفتك بالمصابين في بعض الأحوال أو التسبب في عاهات وتشوهات مأساوية، فذاك مايبعث على الأهتمام بتجنب واتقاء اصابة فلذات الأكباد بتحصين المستهدفين منهم ضد فيروس الحصبة الوخيم.وللأسف الشديد لا يوجد علاج على الإطلاق يمكن اللجوء إليه لشفاء المصابين بالحصبة، ليس في اليمن وحدها، بل والعالم بأسره، إلا أنه مرض قابل للشفاء إذا ما تمكنت دفاعات الجسم من فرض السيطرة والقضاء على الفيروسات الشرسة المسببة للمرض وحضي المريض وحف برعاية منزلية وصحية مناسبة، أما إذا لم يتحقق الشفاء وعجز الجسم عن دحر وصد عنفوانها، فينجم عن ذلك مضاعفات سيئة غاية في السوء تخلف عاهات مستديمة، منها ما يؤدي بحياة المصاب، ومن هذه المضاعفات الخطيرة على الصحة التهاب الرئة البتكيري والتهاب الأذن الوسطى والتهاب أنسجة المخ أو أنسجة الحبل الشوكي، مفضية إلى أعاقات وعاهات، كالصم والعمى والإعاقة الحركية.علاوة على أن من شان الالتهابات التنفسية الخطيرة أن تؤدي إلى توقف التنفس ومن ثم وفاة المريض.أيضاً للحصبة مضاعفات أخرى قد تقود إلى الوفاة، مثل التهاب الجهاز الهضمي والإسهال الشديد والجفاف وسوء التغذية، كذلك تتسبب بنفاذ مخزون فيتامين (أ) في الجسم، وهذا بدوره يساعد على ظهور بعض المضاعفات السابق ذكرها. فلو أن طفلاً أصيب بالحصبة وهو يعاني أصلاً من نقص مسبق بهذا الفيتامين، فذلك يجعله عرضه للإصابة بالعمى.ولعل ما نسميه السيطرة على مرض الحصبة عبر التحصين، وهو في جملة الجهود والمساعي الرامية للقضاء على هذا المرض في بلادنا، وأقل ما فيه التخفيف من حالات الإصابة وما تقود إليه من آثار ومضاعفات خطيرة إلى أدنى حد ممكن، حتى لا تظل الحصبة مشكلة مهددة للصحة تنال من راحة وعافية الأجيال وتبعث على الألم والمعاناة وبالأخص الفئة العمرية من (9 أشهر- 15 عاماً) باعتبارها الفئة الأكثر إصابة بهذه الآفة.الأسلم إذن نحمي أطفالنا ونقيهم شرور الإصابة بتحصينهم بجرعتي التطعيم الروتيني الأساسيتين، الأولى بلوغ الطفل الشهر التاسع من العمر والثانية في عمر عام ونصف. كذلك تطعيمهم خلال حملة التحصين التكميلية نحو القضاء على مرض الحصبة التي تستهدف –على نحو ما أشرنا إليه سلفاً- تحصين الأطفال في الفئة العمرية من (9 أشهر – 15 عاماً)، والمزمع تنفيذها خلال الفترة من (-24 29 نوفمبر 2007م) في سائر المحافظات والمديريات المحددة في جدول الحملة، بغية خفض عدد المعرضين بمرض الحصبة عبر تحصين المستهدفين وزيادة نسبة المحميين من الأطفال المطعمين مسبقاً، إلى جانب وقف انتشار الفيروس في المجتمع. أضف إلى أنه يواكب هذه الحملة تزويد الفئة العمرية من (9 أشهر- 5 أعوام) بجرعة من فيتامين (أ) لما تؤمنه للفئة المستهدفة من تعزيز لنموهم وزيادة مناعة أجسادهم ضد أمراض كثيرة تقف الحصبة على رأسها.وألفت إلى أن الحملة التكميلية الحالية لا تعتمد على إستراتيجية التطعيم من منزل إلى منزل، وإنما تتخذ فرق التحصين خلالها المرافق الصحية والمدارس ومواقع مختلفة يعلن عنها للناس في عموم أنحاء وأرجاء المحافظات والمديريات المستهدفة لتؤدي ما عليها من مهام محددة لتطعيم كافة المستهدفين من الأطفال. حيث تتوزع هذه المرافق على النحو الآتي:المواقع الثابتة : وتشمل:- المرافق الصحية: يمكن أن تشمل أيضاً المرافق الصحية الخاصة لتغطية الأحياء أو القرى التي تتوافر فيها المواقع.- المواقع إما مدارس أو مساجد أو منازل مشايخ أو عقال، وذلك لضمان انتشار أوسع لمواقع التحصين، ومن ثم تقريب خدمة التطعيم إلى المستهدفين لتسهيل هذه العملية وخفض الضغط على المرافق الصحية.- فرق متحركة في مدارس المدن الكبيرة ومراكز المديريات، بينما يتم التطعيم في مدارس الأرياف عبر الفرق المتحركة في الريف.- فرق متحركة في الأرياف،مهمتها التطعيم في المناطق الريفية التي لامواقع صحية ثابتة أو مؤقتة فيها لتقوم بتطعيم المستهدفين في مدارس القرى أولاً، ثم اختيار أماكن خارج المدارس –إن أمكن- لتطعيم المتغيبين وغير الدارسين، وإلا تظل تمارس عملها هذا داخل المدارس.ولو عدنا إلى مسألة تحصين الذين أصيبوا بمرض الحصبة سلفاً وشفوا منه لا سيما وأن هذا المرض لا يصيب الإنسان سوى مرة واحدة في حياته، فإننا سنقف على هذه المسألة لفهم حقيقة الأمر. وما أوضحه الأطباء المختصون في هذا الإطار: إن للحصبة أعراضاً شبيهة بأعراض أمراض أخرى، فالحصبة الألمانية مثلاً تسبب حمى خفيفة وسعال وزكام وطفحاً جلدياً يشبه طفح الحصبة، وبذلك يصعب التفريق بين المرضين، مايعني بالضرورة تحصين الطفل وإن كان قد أصيب بالمرض مسبقاً.إذا لو صح هذا الاحتمال يبقى الطفل عرضة للإصابة بالفيروسات البرية الضارية للحصبة الحقيقية وما تسببه من مضاعفات خطيرة تهدد صحة الطفل، بل وربما حياته.إن ما يمنع من التحصين ضد الصحبة – حقيقة- يشمل فقط حالات معينة، كالحمل مثلا بالنسبة للنساء الصغيرات ضمن الفئة المستهدفة، أو عندما يكون الطفل مصاب بالسل ولا يتلقى العلاج.وهذا ينطوي أيضاً على الحالات المرضية الشديدة التي تستدعي بقاء الطفل بالمستشفى لتلقي الرعاية والعلاج بعد التأكد مما إذا كان وضعه الصحي لا يسمح بتحصينه وذلك بسؤال الطبيب المسؤول عن علاجه. ولا حاجة إلى إعطاء الصغار الذين تقل أعمارهم عن تسعة أشهر جرعة من لقاح الحصبة، فالطفل أساساً يولد محمياً من هذا المرض، ومع استمراره في الرضاعة الطبيعية تستمر مناعته ضد المرض آخذه في التقلص تدريجياً حتى تزول تماماً قبل الشهر التاسع من عمره.كما لا حاجة لمن تزيد أعمارهم على خمس عشرة عاما للتحصين ضد الحصبة، لأن إصابتهم بالمرض في مثل هذا السن فما فوق نادرة الوقوع. وهنا لا يبنى الحكم على الأمور النادرة.على ما تقدم فإن الأمل معقود بعون الله على تطعيم سائر المستهدفين من (9 أشهر -15 عاماً) خلال الحملة التكميلية نحو القضاء على الحصبة وذلك في عموم المحافظات والمديريات المستهدفة بما يحقق التغطية الشاملة للمستهدفين الذين يمثلون الشريحة الأوسع في المحافظات والمديريات المستهدفة.[c1]المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان[/c]