في ورشة علمية بأمانة العاصمة حول الفجوة بين مخرجات التعليم الثانوي ومتطلبات التعليم الجامعي
من فعاليات ورشة حول الفجوة بين مخرجات التعليم
صنعاء / سبأ:حقق التعليم الثانوي في اليمن نمواً ملموساً خلال الأربعة عقود الماضية وانتشر في مختلف مناطق اليمن وتزايد عدد المتعلمين فيه عاماً بعد آخر .لكن واقع هذا النمو ومستوى تطوره ومدى ارتباطه بمفهوم التنمية البشرية الشاملة يشوبه الكثير من أوجه القصور مع وجود العديد من الاختلالات والإخفاقات التي جعلته عاجزاً عن تحقيق الأهداف المناطة به التي من أهمها إعداد الطلبة للدخول في سوق العمل مباشرة أو مواصلة تعليمهم الجامعي.وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التقت عدداً من المشاركين من أكاديميين وممثلين عن السلطة المحلية وتربويين في الورشة العلمية التي اختتمت بأمانة العاصمة الاثنين الماضي والخاصة بمناقشة الفجوة بين مخرجات التعليم الثانوي ومتطلبات الالتحاق بالتعليم الجامعي في اليمن، تحدثوا خلالها عن أسباب تدني مخرجات التعليم الثانوي ومتطلبات التعليم الجامعي والحلول اللازمة لردم الفجوة بينهما .يقول أمين عام المجلس المحلي بأمانة العاصمة أمين جمعان أن الأسباب الجوهرية وراء التزايد السلبي لأعداد المتخرجين من الجامعات تكمن في السياسات المتبعة من قبل الجامعات الحكومية لآليات المفاضلة والقبول والتي تدخل في نطاق علمي وهو ما يؤدي إلى لجوء حاملي الثانوية إلى الالتحاق بكليات وتخصصات غير مرغوبة مع ميولهم وطموحاتهم المستقبلية.ويذكر أستاذ التربية بجامعة عدن الدكتور أنيس طايع أن أسباب الفجوة بين التعليم الثانوي والجامعي متعددة ومتنوعة، ولا يمكن حصرها في مرحلة واحدة من مراحل التعليم..موضحا أن المناهج في التعليم العام هي السبب في عدم التوافق بين مناهج التعليم العام والجامعي بحيث أن الطالب عندما ينتقل من التعليم الثانوي إلى مرحلة التعليم الجامعي يصطدم بوجود فجوة معرفية بينه وبين ما تحصل عليه في التعليم العام.من جانبه أكد عميد كلية التربية بجامعة حضرموت الدكتور عبدالقادر باجبير أن تدني مستوى خريجي التعليم الثانوي يكمن في ضعف كفاءة وقدرة المعلم في التعليم الثانوي إلى جانب ضعف المنهج التعليمي وحجم المباني المدرسية بسبب زيادة الطلاب الملتحقين بالمدارس بحيث لا يستطيع المدرس إكساب المعلومة لجميع الطلاب.وبحسب مدير عام مكتب التربية بأمانة العاصمة محمد الفضلي فإن أسباب تدني التعليم الثانوي الذي أدى إلى فجوة بين مخرجاته وبين متطلبات التعليم الجامعي تعود بدرجة رئيسية إلى النمو السكاني المتسارع في الجمهورية اليمنية الذي ينعكس طردياً مع عدد خريجي الثانوية العامة كل عام .. إضافة إلى أن منهاج التعليم الثانوي لا يؤهل الملتحقين به لكسب مهارات علمية أو حرفيه ومهنية تساعد المتخرج على الالتحاق بسوق العمل أو القيام بعمل إنتاجي أو حرفي.وقال الفضلي « أن تدني وضعف مستوى درجات غالبية خريجي التعليم الثانوي يؤدي إلى حرمانهم من الالتحاق بالتعليم الجامعي بسبب طلب نسب عالية , إضافة إلى أن ارتفاع كلفة الدارسة الجامعية ومتطلبات السكن للطلاب في الأرياف والمحافظات البعيدة تحول دون التحاق العديد منهم في الجامعات وخاصة الإناث».من جهته قال مدير مدرسة الشهيد محمد أحمد إسماعيل بمديرية السبعين بأمانة العاصمة محمد العولقي « لا يمكن أن تتحسن نوعية التعليم ما لم يكن المعلم على مستوى عال من الجودة من حيث تأهيل قدراته على تنمية المهارات المختلفة التي يحتاجها الطلاب سواء في تعلمهم الطويل أو في التحاقهم بسوق العمل..لافتاً إلى أن أغلب الدراسات تؤكد أن السبب الرئيسي لتدني التعليم العام وضعف مخرجاته يرجع إلى تدني مستوى تأهيل المعلمين .وأكد العولقي أن الإحصاءات التعليمية تشير إلى أن هناك 14 ألفاً و73 مدرسة ثانوية أو مشتركة تدار من قبل مدراء يحملون مؤهلاً ثانوياً ومادون يمثلون نسبة 9ر43 في المائة إضافة إلى أن هناك 10 آلاف و45 مدرسة ثانوية أو مشتركة تدار من قبل مدراء يحملون مؤهلات غير تربوية ويمثلون ما نسبتة 13ر31 في المائة.[c1]حجم الفجوة[/c]وعن حجم الفجوة أوضح مدير مكتب تربية الأمانة أن الفجوة بين مخرجات التعليم الثانوي وقدرة التعليم العالي على استيعابها يزداد حجمها وعدد ضحاياها كل عام دراسي جديد .وأضاف أن الإحصائيات تبين أن القدرة الاستيعابية للجامعات الحكومية خلال التسع السنوات الماضية من العام 2001م ـ 2009م , تزداد سنوياً بمعدل 4700 طالب وطالبة بمقابل عدد مخرجات التعليم الثانوي للمجتازين الامتحانات الذي بلغ مليوناً و157ألفاً و532 طالباً وطالبة للفترة نفسها وبمعدل سنوي للنجاح 128 ألف طالب وطالبة.وأكد أن الفارق بين مخرجات التعليم الثانوي وقدرة الجامعات الحكومية كبير للغاية بأضعاف أعداد المتسربين والراسبين في الثانوية العامة الأمر الذي يبين بوضوح حجم الإهدار والتسرب الأعلى لأهم ثروات الأمة المتمثلة في أبنائها.[c1]سياسات القبول في الجامعات اليمنية[/c]الأمين العام للمجلس المحلي بأمانة العاصمة يؤكد أن التعليم الثانوي بالأمانة يواجه صعوبات عدة تضعف من كفاءة مخرجاته ومهنيه اختصاصه وتجعله عاجزاً عن تحقيق المأمول وغير قادر على الإسهام في قيادة تحولات التنمية .وأشار إلى أن الجامعات الحكومية تنتهج سياسات قبول غير موائمة لسياسة التعليم الايجابي الأمر الذي يزيد من أعداد خرجي الجامعات من حملة التخصصات التي لا تنسجم مع سوق العمل الأمر الذي يشكل ضغطاً قوياً على الدولة لاستيعاب هذه الإعداد التراكمية في أطار سياسات التوظيف السنوي عبر وزارة الخدمة المدنية إلا أن المشكلة تظل قائمة وتتوسع يوماً بعد آخر.وفيما يخص ردم الفجوة بين المخرجات الثانوية ومتطلبات الجامعات يقول الدكتور أنيس طايع أن معالجة الفجوة تكمن في تطبيق إستراتيجيتي تطوير التعليم الأساسي والثانوي وكذا تطوير إستراتيجية التعليم العالي إضافة إلى تحسين وتطوير المناهج وتأهيل المدرسين.ودعا إلى ضرورة وجود سنة تمهيدية للطالب بعد التخرج من الثانوية وقبل الالتحاق بالجامعة بدلاً من أن يجلس في البيت لسنة كاملة يتلقى فيها المهارات والمعارف التي يحتاجها في الجامعة لتلافي القصور الذي حصل في التعليم العام وتحسين وضعه في التعليم الجامعي.وعن رأي السلطة المحلية في هذا الجانب لأهم المعالجات أشار أمين جمعان إلى أنها تكمن في إجراء مسح للاحتياج الأكاديمي والتخصصي العلمي والفني وتوجهات السوق تزامناً مع إعداد الخطة الخمسية على أن يتولى ذلك المجلس الأعلى لتخطيط التعليم بحيث تتضمن أجندة النتائج مشروع قرارات ملزمة للجامعات الحكومية .وأضاف جمعان أن من أهم المعالجات العمل على إنشاء أكاديمية علمية لتوجيه تخصص ما بعد الجامعة اعتماداً على الاحتياجات التنموية والإدارية للنطاق الرسمي الحكومي ولسوق العمل المحلي بأمانة العاصمة صنعاء وعموم محافظات الجمهورية مع التأكيد على تلبية احتياجات العمالة للجوار الخليجي .من جانبه أكد عميد كلية التربية بجامعة حضرموت الدكتورعبدالقادر باجبير أن معالجة الفجوة لن تتم إلا إذا تكاتفت الجهود من قبل وزارات الدولة بصورة عامة وهي وزارة التربية والتعليم والمالية والخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي ، وهي المعنية بتضييق الفجوة بين مخرجات التعليم الثانوي ومتطلبات التعليم الجامعي.بدوره يرى مدير عام مكتب التربية والتعليم محمد الفضلي أن المشكلة تتطلب وقفه جادة من الدولة والمجتمع وكل مؤسساته بوضع معالجات علمية مدروسة وفق رؤية إستراتيجية واضحة محددة المهام والمسؤوليات بحيث تتحول إلى إجراءات تنفيذية تساهم وتتكامل في تنفيذها كل مؤسسات الدولة ذات العلاقة وذلك كخيار وطني تنموي.وقال الفضلي « لا بد أن تتبنى وزارة التربية والتعليم إستراتيجية تطوير التعليم الثانوي والأساسي وتحويلها إلى برامج تنفيذية عملية على مستوى الوزارة والمحافظات والمديريات والمدارس الأمر الذي سيحقق كثيراً من جوانب تجويد وتطوير التعليم بمعنى أن لا يقتصر دور الوزارة على نشر التعليم فقط بل يجب أن يتحول اهتمامها وأولوياتها إلى تجويد التعليم الثانوي في كل مدارس الجمهورية اليمنية».وأشار إلى أهمية تفعيل دور وزارة التعليم الفني والتدريب المهني التي ستلعب دوراً مهماً في معالجات المشكلة والتي تعد هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن استيعاب وإعداد وتدريب وتأهيل آلاف الشباب كل عام لسوق العمل ولن يتسنى ذلك إلا بتنوع تخصصات التعليم المهني والفني بحسب البيئات الاقتصادية المحيطة به والمتطلبات الملحة لسوق العمل .