مع الأحداث
أبرار بنت محمد السقاف صفحة جديدة بها ثلاثمائة وستون سطرا كل سطر به ثلاثون كلمة وكل كلمة بها أربع وعشرون حرفا ، كيف و بماذا كتبناها وكيف سنخط الصفحة التالية ؟ هذا هو العمر دواليك .. كلا منا له أسلوبه في تدوين أسطر أو كلمات و أحرف هذه السطور وكذا لون ورائحة هذه الصفحة , ولا شك إن ذلك يرتكزعلى قيم ونضج الذات وأفاق الفكر كل ذلك يرتكز كل على درجة الإيمان والمعتقد , التي وبفعل العولمة انقلبت الكثير من الثوابت والموازين و أصبحت تتباين بين شخص وآخر فكيف بمجتمع و آخر . كلمح البصر تنصرم الأيام دون أن نشعر ويتلاشى أمامنا عام كامل نستقبل بعده عام كسماء ملبدة بالغيوم ضبابية نخشى عارضها ونرجو رحمتها يكون الأمل بدرجة المعنويات الذاتية , و نودع الأكثر والأهم الذي ربما لا يعوض ولا يستدرك بأي حال إلا من وفقه الله إلى حسن خاتمة تمحوا ذلك , لقد عشنا ذلك العام بأفراحه وأحزانه ، وكل إنسان بما سبق له من تجارب يصل إلى درجة من النضج الفكري والروحي وهذا غالبا كي يستقي من ذلك الفكر الناضج كيفية إدارة حياته ، وعلى حسب اختلاف الشخصيات والأساليب في توجيهه الإدارة يخط تلك الأعوام بأعماله وصفحاته البيضاء الناصعة أو العكس ، وقد يكون بها تلطيخا بعض الشئ هذا من جانب أخر ، لذلك شخصية الإنسان المحور الأساسي في إدارة الحياة وصياغة الأفكار حتى لاتنقضي تلك الأيام دون تجديد يغيرنا إلى الأفضل الذي نطمح به ! كي ننمي ما بدأنا به من طموحات أو نتلافى ونستدرك ما قد سبق لنا من تقصير أو أخطاء ، يجب أن تكون هناك وقفة حاسمة مع الذات لا تنتهي بتسفيهنا لذلك الأمر الجلل , كما يحدث في كل وقفة إن وجدت ، كثير من الناس لا يحاسبون أنفسهم إلا عند حدوث مصيبة ما تقلب كيانهم وتهدد معيشتهم عندها وأحياناً فقط يدركون بأنه هناك من يستحق اللجوء إليه وبأن حياتهم تحتاج إلى التغيير أو التقويم ، لو نظرنا إلى شؤون حياتنا الخاصة نظرة واحدة فقط لأدركنا أهمية محاسبة الذآت وأحياناً جلد الذآت لأننا بشر خلقنا الخالق سبحانه وتعالى لنذنب ونستغفر وننسى ونتذكر ونتوب ونؤوب فهذا في حد ذاته ضرب من العبادة وهذه سنه الله في خلقة منذ أن خلق أبو البشر سيدنا آدم عليه السلام , فيكف بعصرنا الذي يختلف عن كل ما سلف من العصور ، لأننا بكل تأكيد لن نصل إلى مرتبة الرضا عن الذآت في هذا الجانب إلا من قبيل الغرور والعياذ بالله . لقد خلقنا الإنسان في كبد ... هذا تأكيد على أننا المصاعب ستواجهنا بشكل يومي في حياتنا ، بعضها من صنع أيدينا والأخر من الإبتلاءات ولكن السائد بظهور متاعبنا ماصنعناه نحن بأيدينا . الإنسان بحاجة ماسة إلى الاستغراق بالتفكير بشكل جدي بل إن ذلك من نصوص القرآن الكريم ( أولو النهي أولو الأبصار ... ألخ ) ولذا لابد من إعادة النظر في أحوال وأسلوب حياة كل منا ، فنحن بأمس الحاجة إلى تلك الأدوات لتساعدنا على القضاء على سلبياتنا التي اعتادت عليها سلوكياتنا , حيث هناك لين وشفافية في القلب يجب استغلالها لتوعية النفس ومعرفة مكامن الضعف والانهيار لاستخدامها في تهذيب النفس ، ومتى نخرج من محاسبة ذاتنا بنتيجة مثمرة عندها نعرف بأننا قد حاسبناها وغير ذلك لا يمت لها بأي صلة . لكي لا نطيل على أنفسنا مشوارا طويلا سنخوضه قريبا إذا شاء لنا القدر ، هناك سؤال يطوي علينا الكثير من المسافات لأنه يحمل لنا الأمل الذي نعيش عليه وينشد الطموح التي نتشبث بها ، سؤالا يشمل مصالحنا حال معيشتنا وعند رحيلنا ، ماذا أعددنا لهذا العام الجديد ؟ ما فات من الماضي لم يعد بوسعنا استرجاعه ولكن طالما هناك أمل وفرصة جديدة ستقبل علينا فهي أهلا لتكون بمتناول الأيدي لاستثمارها هذا من ناحية العقلاء . إن الحياة فرصة ومتاع لمن يعرف كي يستثمرها ليس من الناحية الدنيوية فحسب ، وعندما يكون للإنسان خطة يسير وفقها وهدف سامي يسعى لتحقيقه فمؤكدا بأنه لن يسلك درب الضياع والتيه لان تلك الأهداف والخطط حصانة ذاتية للإنسان تضمن له حياة كريمة وفكرا مبدع .. لذا يجب أن يكون للإنسان خطة إستراتيجية يفتتح بها أعوامه المقبلة ويختم بها السابقة ، كي يكون كل عام خطوة له إلى الأفضل ، فالعام السابق يكن له درسا تعلم منه تلافي الأخطاء وتجاوزها التي لا تخلو منها البشرية ، والعام المقبل تطويرا وانتقالا إلى مرحلة أفضل لتلك الانجازات وإتمامها . بلا شك في يوم من الأيام ستخلو تلك الدنيا التي نتهافت عليها من سائر الأرواح ، لذلك نحتاج دوما أن نضع لنا بصمة ملموسة في حياتنا نتزود منها ونخلف بها ثمرة حسنة لمن بعدنا هذا عند الرحيل ، أما من جانب البقاء في الدنيا فأنفسنا بطبيعتها لا تقبل العيش دون هدف وهنا تكمن أهمية الهدف والتخطيط لان الحياة دون هدف أشبه بالموت يصل الإنسان بها إلى ذروة من اليأس والتحطيم عند ذلك قد يكون الموت أرحم أحيانا لأنه لن يجد في قبره من يخضع برأسه ويهين كرامته أمام الملأ ! هذه الدنيا على كل حال إذا تشبثنا بها وعشنا من أجل المصالح الدنيوية فحسب فلن نحصل عليها وسنركض وراء سراب يأبى أن يحتوينا ، وهذه هي الخسارة الحقيقية .