«المجموعات البريدية» أتاحت لهن فرصة للمشاركة في صياغة القرارات بعد أن كانت معدومة
جدة / متابعات:تحولت «المجموعات البريدية» إلى وسيلة إعلامية تستخدمها سعوديات لتحريك الرأي العام لاسيما في أوساط المجتمع النسائي والنخبة والمسؤولين لعرض آرائهن حول المشاكل والقضايا المختلفة التي يعايشنها.وتوزّع هذا النشاط «الإلكتروني» على مجموعة من الحملات، تطالب إحداها بـ«إلغاء الوكيل الشرعي» الذي تفرضه وزارة التجارة على السيدات اللاتي يردن استخراج رخص لممارسة العمل التجاري.وبينما تدعو حملة أخرى إلى «تأنيث محال الملابس النسائية»، تطالب حملة ثالثة بـ«العدل والمساواة» للمعلمات السعوديات.وتزامناً مع احتفالات اليوم العالمي للمرأة، أطلقت سيدات أعمال سعوديات حملة لـ«إلغاء الوكيل الشرعي»، وهو الشخص الوسيط بين الدوائر الحكومية وسيدات الأعمال.وأرسلت القائمات على الحملة 6000 بريد إلكتروني إلى عناوين الصحف المحلية والكُتاب. وتم تقسيم الحملة إلى 3 مراحل: أولها تقديم المطالب إعلامياً. والثانية وقف الاشتراك في الغرف التجارية، والإحجام عن التفاعل معها. لتصل الخطوة الثالثة إلى إرسال خطاب لخادم الحرمين الشريفين وتوضيح الضرر الذي يقع على سيدات الأعمال جراء شرط الوكيل الشرعي.وللحملة مندوبات في كل من المناطق الغربية والشرقية والوسطى. كما انضمت إليها، بالإضافة إلى القائمات عليها، نحو 100 كاتبة صحفية أيدن هذه المطالبات.وترى رئيسة حملة «إلغاء الوكيل الشرعي» عالية باناجة أن «المجموعات البريدية» أصبحت احد المنابر الحرة التي وفرها الانترنت، مشيرة في حديثها لـ«العربية.نت» إلى أن هذه القضية كانت مغمورة ولم يسلط الضوء عليها، واستطعنا التعريف بها عبر ارسال آلاف الرسائل الالكترونية لسيدات أعمال وصحفيين ومسؤولين ومهتمين، ما أدى إلى تفاعل الكثيرين. وأضافت باناجة أن القضية أصبحت الآن تتداول بشكل شبه دوري في الصحف والمنتديات والمواقع الالكترونية، وأروقة وزارة التجارة.وتابعت أن «المجموعات البريدية» اكتسبت شعبية واسعة في أوساط المثقفين والمهتمين لكونها نافذة جديدة يتم من خلالها التعبير عن قضايا مغلقة من الصعب إيصالهاعبر الوسائل التقليدية.وتحدثت عن «مؤشرات كثيرة تثبت أن المجموعات البريدية ستقود دفة الحراك المدني النسائي في السعودية».أما حملة تأنيث محال الملابس النسائية، فقد أطلقتها مجموعة من النساء في جدة والرياض، سعياً لمقاطعة محال بيع النساء الداخلية التي يعمل فيها الرجال، وذلك للضغط على أصحاب هذه المحال لاستبدال العمالة الرجالية بالنسائية.وتوجهت الحملة إلى السعوديات والمقيمات عبر آلاف الرسائل الالكترونية والمواقع والمنتديات، وجمعت أكثر من 2000 توقيع.وللحملة مجموعة ضخمة في «الفيس بوك» بلغ عدد المنضويات فيها 1517 عضواً، وتهدف إلى تفعيل قرار مجلس الوزراء السعودي رقم 120 والذي بموجبه يقتصر بيع الملابس النسائية في السعودية على النساء فقط، بحيث يعمم القرار ويتم تنفيذه في أقرب فرصة.وتشهد صفحة الحملة على «الفيس بوك» حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض للأهداف، فبينما يطالب فريق بدعمها استجابة لاعتبارات خصوصية المجتمع السعودي، وانتقاد «تبجح رجل أجنبي بعرض الملابس الداخلية أمام الفتيات وإبداء الرأي والمشورة لهن»، يرفض فريق آخر الحملة، لاعتبار أن بيع المستلزمات النسائية هو نوع من التحايل من أجل إغواء النساء لجرهن إلى الأسواق واحتمال اضطرارها للاختلاط مع الرجال، وكذلك ساعات العمل التي تستلزم عودة العاملات في ساعة متأخرة من الليل. كما تأخذ التعليقات أحياناً قالباً فكرياً، حيث يشتد الجدل بين ما يعرف إعلامياً بالتيار «الليبرالي» المطالب بإعطاء المرأة السعودية ما يعتبره كامل حقوقها، وبين التيار «المحافظ» الذي يعترض على إعطاء المرأة مزايا يراها مخالفة للشرع.في غضون ذلك، اعتبرت نورة الغامدى، إحدى السعوديات المنضويات في الحملة، أن الحملة تلقي الضوء على القضية عبر الفيس بوك والمجموعات البريدية، «وهو ما اختصر مشواراً طويلاً كان علينا أن نسيره من دونه». وبينت الغامدي أن ظاهرة طرح القضايا والتعريف بها عبر المجموعات البريدية، أتاحت للسعوديات فرصة للمشاركة في صياغة القرارات الخاصة بمجتمعهن بشكل أكثر فعالية، بعد أن كانت تلك المشاركة في عداد المعدومة نظراً لخصوصية المجتمع السعودي.الحملة الثالثة، التي تطالب برفع الظلم عن المعلمات السعوديات، اتخذت كلمة «العدل والمساواة» شعاراً، علماً بأنها الأكثر تنظيماً مقارنة بالحملات الأخرى، حيث لديها موقع إلكتروني زاخر بالمشاركات والمقالات من الأعضاء الذين بلغ عددهم 1500 معلمة.وتعكس الحملة طابعاً «دولياً»، فهي عضو مسجل في موقع «حملات إنسان الدولي».ويحوي الموقع أرشيفاً ضخماً لجميع التقارير الإعلامية التي تطرقت للحملة صوتاً وصورة. ويتنافس أعضاء الحملة في التعبير عن قضيتهم بمختلف الأشكال، تارة بالشعر مثل قصيدة «وش ذنبها» التي تحكي معاناة المعلمات السعوديات، وتارة بالرسوم الكاريكاتيرية كإحدى الصور التي تشير إلى باص معلمات وهو يهوي في واد عميق، في إشارة إلي حوادث المعلمات العاملات في القرى النائية.كما يتضمن الموقع رصداً دورياً لأهم مراحل الحملة وشروحات لكيفية مشاركة المعلمات فيها. وتشير آخر تطورات الحملة إلى أن المعلمات بصدد رفع عريضة تظلم للديوان الملكي بجدة، كما أنهم ينسقون للقاء شخصي مع خادم الحرمين الشريفين.من جهتها، اعتبرت رئيسة الحملة غيدا أحمد، أن «المجموعات البريدية فرصة لحشد الدعم والتأييد والمناصرة لقضايانا ومعاناتنا التي يمكن ان تغيب عن الكثيرين، وأتاحت لنا إمكانية مخاطبة المسؤولين وصناع القرار والخوض في مناقشات ومناظرات حول قضايا لم نكن نستطيع أن نناقشها في الهواء الطلق».وأكدت أن هناك حقوقيات سعوديات تفاعلن مع قضيتنا وتبنينها وتطوعن للحديث عنها أمام الجهات الحكومية. وأشارت إلى أن للحملة موقعاً الكترونياً لكن تأثيره لا يقارن بتأثير المجموعات البريدية التي «تدق الباب»، وتتيح خاصية ذهاب المعلومة للآخرين، بدلاً من أن يذهب الآخرون للمعلومة.