أضواء
تبرهن غزة اليوم، ما برهنته من قبل ضفاف الجولان وجنوب لبنان وقادسية صدام وبقية حروب الحناجر الصوتية من تاريخ العرب المجيد: تبرهن أننا وبكل امتياز نطبع في كل معركة وبالدبلجة المتطابقة، خارطة الطريق إلى الهزيمة. كل حرب نشنها ليست أكثر من صورة حرفية للهزيمة التي سبقتها، ومع هذا ندعي الانتصار فلم نقف مع واقعنا كي نشخص أسباب براهين الهزيمة. ولخمسة أيام أمام شاشات الفضاء، تأكدت بالدليل أننا نسلك خارطة الطريق إلى الهزيمة، والإعلام قد يحمل إشارة حروب الحناجر لأمة برهنت على أنها مجرد ظاهرة صوتية. انتهت قنوات الإبل للتو من مهرجانات - الذود - بالمغاتير والمجاهيم، فجاءها الفرج من غزة لتتحول حناجر - البدو - إلى رسائل جهادية تذود عن حمى الأمة المنتهك. أكثر قنوات العرب نفوذاً وتأثيراً تحولت إلى أداة تهييج وتجييش. نسيت دورها الأساس كناقل خبر لتتحول إلى دولة عربية مستقلة ترسل طاقمها على يخت إلى غزة كي تتحدى - بالتضليل - فك الحصار وتضع على مقدمة اليخت مصوراً شهيراً بعد أن تسنم فيها منصب مدير قسم الحريات بالقناة. أي حريات عروبية تلك التي تسند إلى شخص مؤهلاته حامل كاميرا؟ في حرب الحناجر العربية، تحول أبطال المقاومة في كل عواصم العروبة إلى مجرد ضيوف في دكاكين بيع الكلام الفضائية، تلك التي تتاجر بدماء الأطفال والنساء وعجز الكهول. كل يدعي رغبته في جهاد مزعوم لملايين تظن أن هزيمة إسرائيل قادمة عبر الهتاف في شوارع المدن العربية. أيها العرب الأشاوس: إذا أردتم طريق الانتصار فاعكسوا الطريق. أوقفوا حروب الحناجر خمسين سنة قادمة والتفتوا لأمراضكم وعللكم، تلك التي بنت عليها إسرائيل طريقها إلى النصر. التفتوا لجامعاتكم وعالجوا أمراضكم الاجتماعية وصححوا معادلاتكم الاقتصادية. ثلاثة ملايين يهودي يحكمون نصف العالم اليوم فيما نحن 300 مليون لا يتحكم أحد منهم في حنجرته. عشرون مليون مهاجر عربي في واشنطن ولندن وباريس لم يستطع كل هذا الحشد أن يشكل قوة ضغط توصل رسالتنا إلى هذا العالم فبقيت هذه الملايين المهاجرة مجرد كتائب للمظاهرات أمام سفارات إسرائيل وكأن الحروب تدار باللافتات والحناجر! [c1]* عن/ صحيفة (الوطن) السعودية [/c]