إعداد / بشير الحزمي احتفلت بلادنا وسائر بلدان العالم نهاية الاسبوع الماضي بيوم الصحة العالمي تحت شعار " بالاستثمار في الصحة يبنى مستقبلاً أكثر امناً" الاحتفال نظمته وزارة الصحة العامة والسكان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وحضره عدد من القيادات الصحية وممثلو المنظمات الدولية المانحة ومنظمات المجتمع المدني وعدد من اعضاء مجلس النواب والشورى ورجال السلك الدبلوماسي المعتمدون أكدت فيه قيادة وزارة الصحة العامة والسكان اهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية والاقليمية والدولية للاستثمار الامثل في الصحة التي تعتبر من الركائز الاساسية للتنمية المستدامة مجددة الدعوة الى تعزيز وتوسيع الشراكة الفاعلة للارتقاء بالاوضاع الصحية وتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين ووضع معايير علمية للحد من الوفيات وتعزيز الوقاية."السكان والتنمية" وبهذه المناسبة تتناول في السطور التالية العلاقة الجدلية والتأثير المتبادل بين السكان والصحة حسب ما اورده كتاب اساسيات علم السكان الصادر عن مركز التدريب والدراسات السكانية بجامعة صنعاء والذي جاء فيه:ان التوصل الى تحسين نوعي في الحالة الصحية للسكان عن طريق تكثيف العمل في مجال الرعاية الصحية الاولية، والتركيز على خدمات الامومة والطفولة والعمل على التحكم في امراض الحمل والولادة والنفاس والوقاية منه او السيطرة على الامراض المعدية والمتواطنة، وتحسين الوضع الغذائي في المجتمع، وتوفير الماء النقي وتحسين الظروف السكنية للأسر، وزيادة التغطية بالخدمات الصحية الاساسية للسكان يعد هدفاً استراتيجياً ملزماً تبنته الحكومة اليمنية، وتؤكد عليه في العديد من خططها وبرامجها المختلفة وتعرف الصحة بمفهومها الشامل والكامل بأنها المرآة الصادقة التي تعكس مدى التطور الاجتماعي، كما ان المؤشرات التنموية الاجتماعية تعد ركيزة أساسية للصحة وإحدى المعايير الحساسة لها، فالصحة تعني الانسان المنتج الذي يعد هدف التنمية ووسيلتها.وتعريف منظمة الصحة العالمية للصحة ينص على انها حالة الاكتمال الفيزيائي والعقلي للشخص وشعوره بالرفاه الاجتماعي التام ، وليس مجرد غياب المرض او العجز.ومن هنا يتضح ان الجوانب الاجتماعية للإنسان جزء اساس من صحته، ، كما ان الصحة تتأثر بالعديد من العوامل الاجتماعية.وللصحة تأثيرات مباشرة على النمو الاقتصادي والاجتماعي تتمثل بزيادة الانتاج فالأصحاء اكثر قدرة على الانتاج في شتى الميادين، كما ان التحسن الصحي والغذائي من شأنه ان يزيل القصور العقلي والذهني عند الاطفال ويجعل من الأجيال قوة قادرة على الدفع بعجلة التنمية قدما الى الامام.*آثار النمو السكاني على التنمية الريفيةهناك إجماع بأن المتغيرات السكانية تؤثر على التنمية الريفية مبدئياً بإبطاء جهود التنمية وهذا يعني ضرورة حساب التقدم في افتتاح الغذاء والصحة والتعليم والمجالات الأخرى إمام زيادة الطلب الناجم عن الزيادة السكانية المرتفعة والتي تصل الى مايزيد عن 3 % في السنة مما تسبب هذه الزيادة في السكان عوائق تنموية كثيرة من اهمها ارتفاع معدلات الاعالة واتساع القاعدة الهرمية للسكان صغار السن الذين يشكلون تقريباً 48 % من مجموع السكان بما يتطلب إنفاق متواصل لتوفير الحياة المناسبة والخدمة الجيدة خصوصاً في مجال التعليم والصحة والمتطلبات الأخرى الاستهلاكية والاحتياج للعديد من المرافق الأخرى.كما ان معدلات الاعالة العمرية تشكل مايقارب 120 % في حين ترتفع العالية الاقتصادية الى 45 % مما يولد اختناقات كبيرة في الاتفاق العام لخدمات والسلع وتحسن اداء بقية المرافق وعلى سبيل امثال تم احتساب الاحتياجات الاستثمارية والتشغيلية لتحسينات المطلوبة في مجال التعليم فقد تم رفع معدلات التحاق الطلاب في مراحل التعليم الاساسي من 57 %الى 85 % فاتت أنتائج توحي بضرورة توفير بناء 42 الف فهل في الفترة 1992م-2001م توظيف 72 الف مدرس واعتماد 16 مليار ريال مصاريف تشغيلية بأسعار عام 1990م وبالتالي فإن هذا الانفاق الهائل المطلوب بمجابهة النمو السكاني المتزايد فقط وليس من اجل تحسين الوضع التعليمي فكيف تكون بقية القطاعات الخدمية الاخرى والتي لاتقل عما أشير اليه فإنه سيتضح لنا مدى خطورة النمو السكاني وضرورة تكاتف الجهود من اجل تقليص حدة هذا التوتر وفي القطاع الريفي بشكل عام تزداد معدلات الخصوبة البشرية من7.6-5 مولود لكل إمرأة في عمر الانجاب وهذا المعدل وضع الريفي في حافة الفقر والمجاعة ويقف حجر عثرة امام الجهود التنموية مما ينعكس سلباً على سكان الريف وحسب التعداد الاخير للسكان اتضع ان نسبة 83 % تقريباً من السكان يتركزون في الريف وهذه النسبة هم تحت عمر 18 عاماً ويقدر لهذا العدد ان يتضاعف خلال 24 سنة والذي سيزيد الوضع سوءً على ماهو عليه من فقر .لذا فإن اهتمام الدولة والمجتمع يجب ان يركز على تقليل المراضة، والحد منها اكثر من معالجة الافراد كما ان العناية الصحية يجب ان تركز اولاً على الوقاية المبكرة من المرض ومن ثم علاجه عند حدوثه وثانياً تأهيل المريض للعودة الى حياته العملية الطبيعية.[c1]التنمية الصحية[/c]ان التنمية الصحية تهدف اساساً الى تحسين الاوضاع الصحية للمجتمع وذلك بالتخلص التدريجي من اسباب المراضه والوفيات وتكتسب اهميتها كونها تمس العامل الاساسي للتنمية وهو الانسان الذي به تتحقق التنمية وهو الذي يجني ثمارها في نفس الوقت، وبالمقابل فإن تحسين الصحة يتوقف على مدى التقدم المحرز على ثلاث جبهات رئيسية هي : التغذية والرعاية الصحية، والاصحاح البيئي.[c1]انعكاسات الوضع الصحي على الابعاد السكانية[/c]ان الوضع الصحي له تأثير على النمو السكاني اذ عن طريق تخفيض المراضاة والوافيات تتأثر معدلات الخصوبة كما ان تحسين الوضع الصحي يساعد على تحاشي أمراض كان من الممكن ان تؤدي الى زيادة احتمال الإصابة بالعقم.[c1]السكان والصحة .. علاقة جدلية وتأثير متبادل[/c]ان العلاقة الجدلية والتأثير المتبادل بين السكان والصحة يتضح جلياً من خلال العديد من المرتكزات لعل أهمها:-انتشار الامراض التناسلية والتهابات الحوض تؤدي الى زيادة الإصابة بالعقم.-الإصابة ببعض الامراض المعدية كالملاريا وداء المقوسات وغيرها تؤدي الى الاجهاضات او الولادات الميته او المبتسرة او مواليد بأوزان منخفضة.-النمو السكاني السريع يؤدي الى زيادة الضغط على الخدمات الصحية مما يؤثر سلباً على نوعية هذه الخدمات الامر الذي بدروه يزيد من المراضة والوفيات .-الكثافة السكانية المفرطة تؤدي الى انتشار الامراض المعدية والأوبئة وتدهور البيئة خاصة في البلدان النامية.-يتأثر السلوك الانجابي للأمهات والآباء في المجتمعات التي تكثر فيها الوفيات لاسيما وفيات الرضع والاطفال دون الخامسة، حيث يحاولون تعويض هذه الوفيات بمزيد من الانجاب.-ان ارتفاع معدل تكرار الحمل، والفواصل الزمنية القصيرة بين حمل وآخر يؤثر سلباً على صحة الام والطفل.-ان الحمل المبكر والمتأخر له تأثير سلبي على صحة الأم والوليد.ولقد أظهرت العديد من الدراسات العلمية بأن الوفيات لدى الأمهات البالغات من العمر 15 عاماً فقط كانت سبعة أضعاف الوفيات لدى الأمهات اللاتي أعمارهن تتراوح بين 34.20 عاماً.كما ان العديد من الدراسات اثبتت بما لايدع مجالات للشك ان هناك علاقة طردية بين عدداً الولادات ووفيات الامهات فكلما زادت الولادات زاد معدل وفيات الامهات.[c1]المشكلات السكانية وبعدها الصحي[/c]وعلى الرغم من ان الشواهد تدل على ان الجمهورية اليمنية دخلت في المرحلة الثانية من الانتقال الديموغرافي التي تتميز بالثبات النسبي لمعدلات الخصوبة المرتفعة اوميلها للانخفاض بشكل طفيف وانخفاض معدلات الوفيات نتيجة لانحسار الأوبئة والامراض المعدية والمستوطنة الناتج عن التحسن النسبي في الخدمات الطبية والصحية وكذا خدمات الاصحاح البيئي.غير ان الزيادة السكانية ووعي المواطن وإقباله على الخدمات الصحية والطبية جعل نسبة الإقبال على الخدمات الطبية والصحية تتزايد بشكل كبير مما يجعل الخدمات المتوفرة تبدو ضئيلة وفي تناقص دائم مقارنة بالطلب المتزايد عليها الامر الذي يؤدي الى تضائل فعاليتها وشموليتها المتمثلة بتناقص نسب التغطية بالخدمات الصحية، ولعل مايزيد الحال سوءً هو تضائل وثبات نسبة الإنفاق القومي على الصحة.كما ان معدلات الزيادة السريعة في السكان لها تأثير سلبي على فرص تنمية الوارد والتنمية على المستويين القومي والقطاعي وعلى الأصعدة الخدمية للسكان من مياه شرب وخدمات صحية وتعليم وأمن وإنارة وغيره من الخدمات الأساسية كما ينعكس على رفاهية الفرد والأسرة صحياً وثقافياً ومعيشياً.ان تقدير الاحتياجات المستقبلية في القطاع الصحي بعد جزءاً من التخطيط الصحي، الذي بدوره يحتاج الى معرفة النمو السكاني وعدد السكان بشكل عام والتوزيع الجغرافي بالاضافة الى التركيب العمري والنوعي لهم، فمن المعروف ان فئات من المجتمع تحتاج الى نوع من الخدمات الصحية تختلف عنه للفئات العمرية الاخرى.الى ذلك فإن نمط النمو السكاني المرتفع سيؤدي بالضرورة الى زيادة الطلب والاحتياج الى تأهيل للقوى العاملة في المجال الصحي، وكذلك للمؤسسات الصحية وسيكون الطلب اكثر بكثير اذا ما حاولنا تحسين هذه النسبة وتخفيف العبء بغية الوصول الى نوعية افضل للرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، لكن البديل المنخفض الذي تبنى اهداف الاستراتيجية السكانية ونشر برامج تنظيم الاسرة بشكل اكبر وتخفيض مستوى الخصوبة سيجعل من رفع المستوى الصحي للسكان امراً مقدوراً عليه وبتكلفة اقل تتناسب الى حد ما مع امكانية البلد المعني ومن المؤسف ان تظل نسبة كبيره من سكان اليمن " قاطني الريف" لايحصلون الا على مايقرب من ربع الخدمات الصحية والطبية المتوفرة بينما يذهب مايقرب من ثلاثة ارباح تلك الخدمات الى السكان (قاطني المدن).ومن ذلك يتضح ان الخدمات الصحية المقدمة على مستوى الجمهورية لاتغطي إلا نسبة بسيطة من السكان وان معظم الكوادر الطبية والصحية وكذا المؤسسات الصحية تتركز في عواصم بعض المحافظات.
السكان والصحة.. علاقة جدلية وتأثير متبادل
أخبار متعلقة