أقواس
لا يختلف اثنان بأن الفساد هو السبب الرئيسي المباشر في اتساع رقعة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نعاني منها جميعاً من أقصى الوطن إلى أقصاه. الفساد غول حقيقي يكاد يقتلع أعيننا إن لم يكن قد فعل ذلك.. يمضي يعبث يمزق بدون استئذان ودونما أي رحمة أو شفقة على حياة الناس ومستقبلهم .. مستقبل الوطن .. أحلام الأجيال التي امتزجت بدماء الشهداء الإبرار .. إصرار الأمة والوطن الذين بفضلهم اليوم ننعم بهذه النعم والإنجازات التي ولدت من رحم تضحياتهم وعطاءاتهم الوطنية الخلاقة. للأسف الشديد جداً – وأقولها بمدارة – الآلية التي من المفترض أن تواجه الفساد وتقتلعه من حياتنا تسير ببطء شديد يفتقر إلى أدنى درجة من الإحساس بخطورة الفساد وتناميه واتساع رقعته المميتة .من هذا المنبر – من هذه المساحة الحرة – أقول بصدق لن يكبح جماح الفساد إلا باصطفاف وطني حقيقي للفئة المثقفة – (النخبة) المتشربة لمعاني الثورة والوحدة والقيم النضالية والثورية لوطن الخير والنماء .. وطن الثاني والعشرين من مايو الأغر. لابد لفئة النخبة أن تلعب دورها الوطني والتاريخي للمسؤولية، لاجتثات آفة الفساد من حياتنا في ظل واقع ديمقراطي يسمح لها بحركة تصحيح فكري وثقافي واقتصادي وسياسي بروح تحمل أبجديات حب الوطن والأرض والإنسان. لا يمكن لنا أن نخطو خطوات إصلاح حقيقية – سياسية واقتصادية وثقافية بمعزل عن الفئة الأكثر دراية وتعمق وفهم الدقائق الأمور فئة النخبة المثقفة .. قادة فكر المجتمع ونبضه الروحي بل إن أي عملية إصلاح في أي جانب من جوانب حياتنا دائماً وأبداً ما تقوده هذه الفئة لأنها قنديل زيت يشع نوره في أرجاء الوطن من أقصاه إلى أقصاه. وانطلاقاً من ذلك فإن الخروج من نفق الفساد المظلم يتطلب بالضرورة صحوة وطنية حقيقية في صفوف فئة النخبة تستشعر حجم مسؤولياتها الوطنية والتاريخية والإنسانية أملاً في إنقاذ ما يمكن إنقاذه والانتقال بالوطن إلى مرحلة تحول نوعية يتم من خلالها الضرب بقوة القانون على زمر الفساد والإفساد الذين يعيشون بمقدرات الأمة والوطن ( وعلى عينك يا تاجر ) دون وازع من دين أو ضمير أو شيء من الحياء.