بغداد / 14 اكتوبر / رويترز : تفادت العداءة العراقية دانا عبد الرزاق طلقات الرصاص من اجل الاستمرار في رياضة العدو التي تحبها ودفعها تصميمها على النجاح الي ان تصبح الرياضية العراقية الوحيدة التي تشارك في دورة الالعاب الاولمبية ببكين. ولم يواجه كثير من الرياضيين العقبات التي تجاوزتها عبد الرزاق البالغة من العمر 21 عاما لتصل الي بكين بدءا من طلقات القناصة مرورا بندرة منشأت التدريب اضافة الي المعارضة الدينية والثقافية لوجود رياضية امرأة. وقالت عبد الرزاق لرويترز في استاد الشعب المتداعي في بغداد “احب العدو. امتلك المثابرة لمواصلة التدريبات كما امتلك الطموح على الرغم من كافة المشكلات التي واجهتها.” وفي اكتوبر تشرين الاول الماضي كانت عبد الرزاق تتدرب مع مدربها يوسف عبد الرحمن في المضمار البيضاوي في الجادرية ببغداد قبل دورة الالعاب العربية قبل ان يفتح احد القناصة النار من مكان قريب. واستدعى عبد الرحمن ذكريات هذه الواقعة قائلا “لقد تفادت هذه الطلقات مثل افلام الحركة والاثارة. لقد انحنت لتتجنب طلقة اصطدمت بشجرة.” وتبدو ذكريات عبد الرزاق عن الحادث اقل تواضعا من ناحية التوصيف البطولي. وقالت “عقب انتهاء الامر اصبت باغماءة.” وقال “كنت اتدرب سابقا لمدة ساعة ونصف الا اننا كنت استخدم النصف الاخر من الملعب.” وفي مرة اخرى فتح مسلحون النار اثناء توجه الاثنان الي منزلهما عقب التدريبات مرورا بالسعيدية احد اخطر الاحياء والواقع في جنوب بغداد. وقالت عبد الرزاق “طلب مني مدربي الانبطاح فيما انطلق بالسيارة بسرعة عالية. لقد كنت اصرخ الا انني نجوت واحمد الله على هذا. لم اخبر والداي بهذا الامر.” وبات مسلسل العنف جزءا من حياة كافة العراقيين حيث يقتل عشرات الالاف نتيجة التمرد واعمال العنف الطائفي بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسبن قبل خمس سنوات. وعقب نجاتها من طلقات رصاص المسلحين تمكنت عبد الرزاق من تسجيل رقم قياسي عراقي لسباق 200 متر بلغ 24.80 ثانية في دورة الالعاب العربية في القاهرة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي لتختصر نحو 0.3 ثانية من الرقم السابق. وحلت اللاعبة العراقية في المركز الرابع في الترتيب العام. وتكللت مجهوداتها بحصولها على تذكرة للمشاركة في دورة بكين وهي واحدة ضمن خمس “بطاقات دعوة” تم منحها الي العراق من قبل اللجنة الاولمبية الدولية مما اعفاها من مشكلات التأهل المباشر. وستنافس عبد الرزاق في سباقي 100 و200 متر وهو الحلم الذي تحول الي حقيقة عقب ست سنوات من بدء ممارستها العدو خلال فترة دراستها في المرحلة الثانوية. وفازت عبد الرزاق من وقتها باكثر من 12 ميدالية في المنافسات العربية ومنافسات غرب اسيا. وقال “انا في غاية السعادة لانني اشعر بان ثمرة العمل الشاق هي المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية.” وفي العام الماضي اعلنت اللجنة الاولمبية العراقية ان 104 من الرياضيين والمدربين والاداريين والحكام قتلوا منذ 2003. وظل عدد المسؤولين الاولمبيين الذين فقدوا عند 22 شخصا من بينهم رئيس اللجنة الاولمبية العراقية وقتها الذي اختطف مع عدد اخر في يوليو تموز 2006. ولم يعرف بعد مصير هؤلاء. ولم يتحدد بعد الشكل النهائي للفريق العراقي المشارك في الدورة الاولمبية الا ان اتحاد العاب القوى ارسل عبد الرزاق ورياضيا اخر عقب تلقيهما بطاقتي دعوة. وتتدرب عبد الرزاق مرتين يوميا لمدة ستة ايام في الاسبوع ويستمر كل تدريب لما بين ثلاث الي اربع ساعات. ويمكن القول ان المنشأت تمثل الحد الادنى المطلوب لهذه التدريبات. وتبدأ عبد الرزاق التي ترتدي ملابس تدريب محتشمة يغلب عليها اللونين الابيض والاسود كل تدريب بعمليات اطالة واحماء مع عدو خفيف في ظل مراقبة دقيقة من المدرب عبد الرحمن. وكانت المياه تتدفق على حافة مضمار العدو في استاد الشعب الذي يعود لعصر صدام حسين بينما يعدو خطيبها الذي طلب عدم ذكر اسمه الي جوارها. وتحيط السواري الخالية من الاعلام والمدرجات المتصدعة بالملعب في الوقت الذي يقوم فيه من يفترض انهم سيشاركون في دورة الالعاب الاولمبية بالتدريب على العدو. وقالت عبد الرزاق “انه الاستاد الوحيد المناسب للتدريب وهو افضل من لاشيء.” وتبدو التجهيزات في ملعب الجادرية اكثر سوءا حيث دمرت الارضية بسبب مرور عربات الهمفي العسكرية الامريكية خلال الغزو. وستتوجه عبد الرزاق الي بكين بدون اي شيء على العكس من الدعم الذي يحصل عليه بقية الرياضيين والمتمثل في حشد من الاطباء وخبراء التغذية والمدلكين وغيرهم من المتخصصين الذين توفرهم الاتحادات الرياضية الوطنية. وقالت “يفترض ان يكون لدي مدلك لانني اعاني من تشنجات عضلية كل يوم. يجب ان يكون لدي طبيب يقوم بتوفير برنامج تغذية محدد. اشعر بالدوار الي الان بسبب ان التدريبات في غاية الصعوبة في حين انني لا اتبع نظاما غذائيا معينا.” ولم يتم توفير اي صالات للالعاب الرياضية لها من قبل السلطات الرياضية العراقية حيث تقوم دائما بتحمل نفقات التدريب في صالات الالعاب الرياضية العامة من اجل الحصول على القوة البدنية التي تحتاجها. وقالت “اشعر بانني مقيدة من كافة النواحي.” وقد عرض عليها برنامج تدريبي خارج العراق الا انها رفضته نظرا لان اتحاد العاب القوى العراقي رفض ان تصطحب معها مدربها. ومع ذلك فانهما يأملان في ان يكون بوسعهما السفر والتدريب مع قبل بدء دورة الالعاب الاولمبية في اغسطس اب المقبل. وتشجعها عائلاتها على المضي قدما في مسيرتها بالنظر الي ان والدها متسابق دراجات سابق معروف على مستوى العراق وشقيقها احد لاعبي كمال الاجسام الا ان هناك الكثير في دولة العراق المحافظة دينيا الذي يدفع بانها لا يجب عليها المنافسة. وقالت “هناك اشخاص يشجعون الرياضة الا ان هناك تقاليد وتقاليد تقول بانه من الصعب على الفتاة السفر والمشاركة في السباقات بل يجب عليها البقاء في منزلها. الا انني لا اقوم باي شيء خاطىء او حرام.” ويرافقها مدربها عبد الرحمن في كافة خطواتها وساعدها على تجاوز الاخطار والصعوبات الخاصة بكونها رياضية عراقية. وقال “لا يمكنني القول انها ستفوز بميدالية في دورة الالعاب الاولمبية لان هذا صعب الا اننا نقوم على الاقل بتطوير انفسنا. ربما نقترب من الاخرين او نحطم الرقم القياسي العراقي. هذا سيكون انجازا.”