لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الاستقرار السياسي من عدمه في عملية تقدم أي بلد أو تراجعه, حتى أن جميع الجوانب الأخرى, التي يقع في مقدمتها الجانب الاقتصادي, متعلقة بهذا الاستقرار النابع أساسا, في حالة البلدان التي توجد بها ديمقراطية, من حالة الوفاق بين جميع الأطياف السياسية, وفاقا يراعي مصلحة الوطن قبل مراعاة أي مصالح حزبية أو جزئية أخرى.وفي حالة اليمن, البلد الذي اتفق أبناؤه على الخيار الديمقراطي كأساس لإدارة حكمهم منذ توحيده في العام 1990, نجد أن حالة عدم الاستقرار هي الكابوس المخيم على كل اليمنيين, خصوصا في هذه الآونة التي كلما استبشرنا فيها بتوصل الفرقاء إلى اتفاق للحوار بينهم, نرى هذا الطرف أو ذاك يتراجع قليلا؛ لأسباب يتكرر طرحها.وأمام هذه الحالة التي تقلقنا جميعا, لا يمكن أن نعول على أي شيء, إلا على القيمة الحقيقية للحوار الجاد بين جميع الأطراف في هذا الوطن, وهو الحوار الذي, للأسف, كلما تقدم خطوة كبا فضج الجميع لعملية انتشاله.مؤخرا, ناقش أصدقاء اليمن في مدينة نيويورك الأمريكية, (سبتمبر الماضي), الجانب السياسي اليمني, لأول مرة, منذ مؤتمر لندن,( يناير 2010), وهو أمر لم يكن ليصل إلى الخارج إلا لأن الداخل, وكما يبدو, عجز عن أن يقبل بعضه من أجل الوطن.ومن البديهي أن يجمع المجتمعون في نيويورك على أهمية الحوار السياسي, وإجراء انتخابات حرة ونزيهة, لكن هذا الذي يبدو بديهيا الآن سيكون غير ذلك في القريب العاجل إذا لم يستشعر الداخل اليمني مسئولية الحفاظ على الوطن من أي مكروه لا قدر الله.وإذ أستغرب كثيرا الحالة التي تسود الأرضية السياسية في البلاد, فإن استغرابي أكثر حين أرى ما يمكن تسميته بـ«المعظم» يستمرئ الصمت تجاه عجلة سير الوطن إلى ما لا نتمنى.ويجب أن نعلم أن الوطن يظل فوق الجميع, وأن الاعتراف بـ«المشكلة» بـ«الأزمة» هو المقدمة الحقيقية للنية الصادقة في معالجة ما يعانيه الوطن اليمني.وكما أكرر دائما, فالوطن هو وطن 25 مليونا لن يجدوا إذا حدث أي مكروه, لا سمح الله, غير الويلات والآلام كتلك النماذج التي نراها في الواقع المحيط.وإذ أتحدث بهذه النبرة التي تعلوها الحسرة والندامة على وطني, فإن الأمل يحدوني في أن للحكمة اليمانية طريقا لا شك أن حكماؤنا سيسلكونها عما قريب لمنع أي شيء قد يسوء مستقبل الوطن والشعب.لكن حجم هذا الأمل لا يكفي, فالواقع يريد منا أن لا نظل عند شباك الأحلام, ومناداة الأمنيات, بل يريد منا الإسراع نحو تسوية الملعب السياسي كنافذة إلى الاستقرار السياسي الذي سيمثل كل الخير لكل الشعب ولربوع الوطن قاطبة.ولا أريد أن أظل عند باب التشاؤم من أن سياسيي اليمن لا يزالون عشاقا للخلاف الذي يجعلنا أضحوكة في نظر العالَم الذي كنا في نظره بالأمس القريب أعجوبة الواقع العربي؛ بكسرنا لحاجز المستحيل في العام 1990, وما حدث في هذا العام لا تكمن عظمته في تحقيقه بل في المحافظة عليها.. وإذا كنت أعتقد أن التوقيت الذي أتاحته الفرصة التاريخية آنذاك غير ناضج بالقدر الكافي إلا أنه لا يمكننا التراجع عن خطوة قدمناها أمام الجميع وكنا مثار فخر واعتزاز.. فلنسجل ذات الفخر والاعتزاز الآن ومستقبلا ولنحافظ عليه, وذاك هو المحك الذي سنختبر فيه حكمتنا الشهيرة أمام الجيل الحالي والأجيال التي ستليه.[c1][email protected][/c]
وذاك هو المحك!!
أخبار متعلقة