د. زينب حزام يقول أحد الأطفال :” منذ الصغر كنت ألاحظ الناس وأسجل في ذاكرتي المفارقات والمتناقضات التي تظهر في كلامهم وسلوكهم الاجتماعي عبر الرسم والألوان . كان البعض يسخر من هذه الخرابيش ولكنني وجميع أطفال المدرسة ما زلنا نرسم على الحائط في المدرسة وفي الشارع رسومات تعبر عن همومنا وأحلامنا بالمستقبل المشرق”.إن تشجيع الأطفال على الرسم وتقديم الألوان والأدوات الفنية ضروريان لتنمية مواهبهم فتشجيع الطفل على الرسم يجعله يبحث عن المزيد من المعلومات والمعرفة في هذا المجال خاصة في فترة ما قبل المدرسة ، وفي المرحلة الدراسية الابتدائية وبالذات في السنوات ( الأولى والثانية والثالثة والرابعة) لذلك يجب منح الأطفال جزءاً من وقت الدوام للرسم والتعبير عما يدور في خواطرهم بالوان مختلفة ، حيث يتمكن الطفل من رسم الكاريكاتير وهو اقرب إلى نفوس الأطفال من الرسم العادي مما يفسر تعلق الأطفال بأفلام الرسوم المتحركة والصور الكاريكاتيرية لان الفنان مهما بلغ من الموهبة وقوة التعبير لا يستطيع أن يصل بفنه إلى مستوى الصورة الطبيعية التي يراها الطفل. أما رسام أفلام الكرتون ورسام الكاريكاتير فأنهما لا يرسمان شيئاً واقعياً ولهذا يقبل الطفل عملهما. إن رسم الكاريكاتير وسيلة يستخدمها الطفل رغبة في الدفاع عن الطفولة والدفاع عن الإنسان بكل مراحله . [c1]في محراب الرسم [/c]مساعدة الأطفال على رسم الواقع والطبيعة مثل البحر والشمس والحديقة، ورسم القصص الخيالية ونشرها في الصحف والمجلات وتكريمهم على مواهبهم الفنية يبعث السرور لديهم ويشجعهم على الاستمرارية في تعلم فن الرسم، خاصة إذا قدمنا لهم المساعدات المادية والمعنوية... الخ . فالطفل يعد حالة ثقافية مستمرة ومتصلة مع الآخرين. إن تشجيع الطفل على فهم الواقع الذي يرسمه وشرح المشاهد التي يريد رسمها يساهمان في صياغة فكره ، خاصة إن الإبداع لا يمكن ضبطه بقانون فقد يدفع مشاهد ما في الطبيعة لخلق لوحة رائعة أو قصيدة شعرية أو قصة أدبية وهذا الواقع الذي يعيشه الطفل الموهوب في مجال الرسم يساعده على مواكبة المضمون المستمر لخلق الحالة الإبداعية عنده. إن الرسام المبدع يعيش واقعه وبيئته يرى كل يوم مجموعات كبيرة من المفارقات والصور التي تحفزه للعمل وعندما يريد رسم لوحة ما يبحث عن المشكلة التي تشغل الناس أكثر من غيرها.ويقوم بتصنيف الموضوعات على درجات : أولى ، وثانية ، وثالثة ، ولكن الظروف احياناً تجعل الثالثة أولى والرابعة ثانية ... الخ والاحتمالات مفتوحة باستمرار. غير أن الواقع هو الذي يحدد “ الأفضل في هذا العمل الفني”. “ الرسم” عندما يتزامن مع حدث واقعي حار تكون ترجمته لدى المشاهد اقوى لأنه يخاطب همه اليومي.. وهناك رسومات كثيرة ومناسبات كثيرة يجب أن نساعد الطفل الموهوب في التدريب على رسمها حتى نعده إلى مستوى الفن التشكيلي الرائع. ولا شك في أن الطفل بطبيعته يحاول اكتشاف البيئة والواقع المحيط به وتستهويه الأنشطة التي يختبر فيها إمكانياته الجسدية والفكرية وهو يمارس شيئاً طبيعياً فطر عليه ، مثل اللعب بالصلصال والطين حيث يقوم بتشكيل أدوات فنية من حياته اليومية مثل صنع سلة وعليه فواكه من الصلصال وهذا نوع من فن النحت البسيط وهذه الأدوات الفنية من صلصال وأفلام ملونة تمنح الطفل الفرصة للتعرف على الواقع بنفسية وبالتالي إضافة خبرات جديدة مخزونة ناتجة عن التعامل الملموس والنشاط التجريبي الحسي. وهذه الخبرات تشكل مع الزمن الكنز المعرفي لهذا الطفل الذي يتراكم ويزداد كماً وكيفاً . ولا يسعنا إلا أن نشير إلى إمكان توجيه هذه الطاقة عند الطفل والحاجة إلى الحركة والانطلاق للاتجاه الصحيح المفيد كأن يقوم بالمساعدة في أعمال تفيده الأسرة ما يجعله يشعر بالأهمية وبالدور الذي يقوم به داخل المجتمع الصغير ، ويمنحه احترام الذات وتقديرها والثقة بالنفس خصوصاً إذا لقي التشجيع المناسب والتوجيه المفيد في حين يعاني معظم الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة في اللعب بالشارع ما يعرض حياتهم للخطر والحوادث المرورية ويصبحون ضحايا للإهمال من قبل الأسرة والمجتمع. إن بناء النوادي في الأحياء الشعبية يمنح الطفل الخبرة والتدريب على الأعمال الفنية مثل الرسم والنحت والرياضة وقراءة الكتب، ويغرس لديه معنى الاجتماع والمشاركة الجماعية ويمنحه الخبرة اللازمة للتعامل مع الآخرين والانخراط في مجتمعات جديدة عندما يدخلها للمرة الأولى دون عناء. بعد كل الذي قدمته عن فن الرسم وتشجيع الطفل على التدريب في استخدام الأقلام الملونة وفرشاة الرسم واللوحة يجب أن نقف وقفة صريحة صادقة مع الذات ، هذا أن كان يهمنا أن ينشأ أطفالنا في أجواء صحية سليمة ولا بد أن نحاول العثور على حل للخروج من هذه الأزمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم أو أن نتدارك الخطأ قبل أن يستفحل ويصعب علاجه إذا تركنا أطفالنا يلجؤون إلى اللعب في الشوارع والتعرض للخطر. لذا علينا تشجيع الأطفال على عمل الأشياء المفيدة وان نغرس فيهم حب الرسم والقراءة والمطالعة وان نشجعهم على اكتشاف ما يحيط بهم من الأمور وان نترك أصابعهم الصغيرة لتغدو أيادي ماهرة ويمارسوا أعمال الكبار ويتعلموا ويجربوا بأيديهم وان نعتمد عليهم بما يحسنون صنعه ونمنحهم الثقة بأنفسهم ونعلمهم الاعتماد على الذات فيشبون رجالاً صالحين لذواتهم ولأسرهم ولمجتمعاتهم .
|
ثقافة
فن الرسم عند الأطفال وسيلة للدفاع عن النفس
أخبار متعلقة