في غمرة الإنشغال بالإحتفال بعيد الأم ، بدا زملاء لي متأهبون للكتابة عن هذا الحدث ، منهم من ذهب لتغطية فعاليات تكريم الأمهات ، ومنهم من كتب مقالا يبرز فيه دور الأم ومكانتها، واخرون تجيش قريحتهم الشعرية بما لذ وطاب من المفردات وعذب الكلام لوصف الام ودورها في تنشئة الأجيال ..والغالبية من الناس يحتفلون بأمهاتهم ويقدمون لهنالهدايا . ولا أخفيكم سرا ربما اكون قد سبقت كثيرين في هذا، والبعض يغض النظر عن هذا اليوم بإعتبار أنه بدعة .. وجدت نفسي اتساءل بإعتباري مشرفة صفحة شقائق التي تعنى بشؤون المرأة في صحيفة 14اكتوبر هل امرر هذا اليوم دون كتابة شيء بهذا الشأن وإذا كتبت هل اسلك درب النثر لأتغزل بها أو اقدم العظات لمن يعقها ؟ كما سيفعل الكثيرون ..!! لم اتساءل كثيرا تذكرت حكاية هذا اليوم الذي ربما خفيت عن الغالبية ، فلم اجد بدا من سردها لنعرف فكرة هذا العيد وإلى اين تعود جذوره عربيا وعالميا بإختلاف الروايات وتعددها من بلد إلى آخر .عربيا كانت البداية عندما لاذت إحدى الأمهات بالأخوين علي ومصطفى أمين مؤسسي دار (أخبار اليوم) المصرية بالشكوى من ابنائها الذين هجروها، وصدفة زارت أمين في مكتبه لتقص له حكايتها مع اولادها الجفاة ، أخذت تروي قصتها له بأنها ترملت ولايزال ابناؤها صغارا فلم تتزوج لترعى أولادهاا فكانت لهم الأم والأب معا حتى كبروا وتزوجوا وتفرقت بهم السبل ، ولم يفتأوا يزوروا والدتهم إلا نادرا على فترات متباعدة وهذا احزن الأم كثيرا وحدا بها للشكوى من ابنائها ، وتجاوبا مع معاناة هذه الأم كتب الأخوان مصطفى وعلي أمين في عمودهما الشهير” فكرة “ مقترحين تخصيص يوم للإحتفال بالأم وأخذا يوضحان ان الغرب يجعلون للأم يوماً يحتفلون بها ، فلقي عمودهما صدا كبيرا بتفاعل القراء الذين راح بعضهم إلى إقتراح ان يخصص أسبوع كامل للإحتفال بها واقترح البعض ان يكون الإحتفال بعيد الأسرة ليشمل العيد الأب أيضا ولكن لم تلق هذه الفكرى تجاوبا كبيرا على إعتبار ان ذلك ينتقص من اهمية الأم ، فأجمعت غالبية القراء على ان يخصص يوم للإحتفال بالأم وشاركوا في إختيار يوم 21مارس ليكون عيداً للام لإنه اول ايام الربيع الذي يعد رمزا للتفتح والنقاء والصفاء ، ومن هنا بدأت مصر تحتفل بعيد الأم في الواحد والعشرين من مارس كل عام منذ العام 1956حتى الان ، فكانت مصر هي المنطلق للإحتفال بعيد الأم عربيا، وصارت الدول العربية تحتفل بهذا العيد وتقام فعاليات لتكرم الأمهات على مختلف الاصعدة ويقوم الأبناء بتقديم الهدايا سواء كانت رمزية ام مادة تعبيرا عن حبهم وودهم وتقديرهم للأمهات..بالطبع لم تكن تلك بداية الحكاية ، فجذور هذا اليوم تضرب في عمق التاريخ فقد قيل أنها منبثقة من الإحتفال ب” ريا “ أم الآلهة عند الإغريق وزوجة الإله الأب “كرونس “ و كان الإحتفال بهذا اليوم في فصل الربيع ، وفي روما القديمة كان هناك إحتفالا مشابها لما كان عند الإغريق ، حيث كانوا يحتفلون ويقدسون الآلهة الأم “ سيبل “ أم الآلهة و يتم هذا الإحتفال من 18-15مارس أي يستمرثلاثة ايام ، حدث هذا عام 250ق.م ، وكانت هذه الإحتفالات تسمى “ هيلاريا “ .. وقيل ان هذه الإحتفالات التي كانت تقام لتكريم وتبجيل الآلهة “سيبل” بدلت ليتم الإحتفال بمريم العذراء أم السيد المسيح في انجلترا وهي إحتفالات شبيهة بالإحتفالات بعيد الام اليوم ، فكان الناس يذهبون للكنائس التابعة لها او إلى الكنيسة الأم ويقدمون القرابين، حتى العام 1600م ، حينها بدأ شباب وشابات ممن يحترفون الاعمال البسيطة يأخذون عطلة من اعمالهم ليحتفلوا بأمهاتهم ويقدمون لهنالهدايا والمأكولات ، هذا بالنسبة لإنجلترا وهناك قصص متعددة ومختلفة تحكي قصة هذا العيد من بلد إلى آخر ، وتختلف أيام الإحتفال فيه في امريكا وغيرها من دول العالم بحسب الحدث الذي تم من خلاله تفعيل هذا العيد في هذه الدول ، وهكذا انتقلت فكرة عيد الأم من دولة إلى أخرى .ولكن تبقى هناك قصة ورد القرنفل التي تقدم للأمهات في بعض دول الغرب ،جاءت هذه الفكرة من الولايات المتحدة بالتحديد من آنا.م.جارفس صاحبة فكرة عيد الأم في أمريكا حيث كانت ورود القرنفل هي الورود التي تحبها والدتها وخاصة البيضاء منها ، ولهذا ومع مرور الوقت أصبح القرنفل الأحمر يشير إلى ان الأم على قيد الحياة والأبيض يشير إلى ان الأم رحلت عن الحياة .وللذين يبدعون هذا العيد أقول بالتاكيد كل ايام السنة هي للأم ، وتفعيل يوم يميزها ليس إلا رمزا ليقف المرء برهة للتأمل بقدر هذه المرأة الإنسانة التي تعبت و سهرت الليالي ليكون ماهو عليه الأن ! ولا ننسى ان الإسلام كرم الأم وانزل في محكم آياته قرآنا يتلى في حقها ومحذرا من عقوق الوالدين موصيا بها خيرا حين قال جل شأنه } وَصيْنَا الانسنَ بِوَلِدَيْهِ إِحْسناً حَمَلَتْهُ أُمّهُ كُرْهاً وَ وَضعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصلُهُ ثَلَثُونَ شهْراً{ وأي كانت طرق وفكرة الإحتفال بعيد الأم مختلفة إلا انها تتفق وأهمية الوقوف لتحية الأم وتقديرجهدها المبذول في تنشئة أطفالها . وإذا كان فصل الربيع إعلان لتفتح الأزهار وإكتساء الروض بالخضرة تزيينها الوان قوس قزح ناشرة العبير في كل مكان فالأم هي ربيع الحياة بالنسبة لأبنائها ، هي المساحات الخضراء اليانعة التي تنشر عبيرها في كيانهم مهما ضاقت بهم سبل الحياة ، وهي بقلبها الصافي وصدرها الحنون تمسح الالام وتحتوي الأهات وتتحمل ابناء ها مهما عملوا ، لهذا كان إختيارالربيع للإحتفال بالأم رمزا للطيبة والنقاء والتحمل الذي يتميز به حب الأم .فتحية خضراء لك ياأمي من قلب كلما أرهقته محطات الحياة يلمم تعبه على صدرك الحنون ومسحة يدك الدافئة على رأسي .
|
ومجتمع
لأنك ربيع حياتنا !
أخبار متعلقة