في دراسة حديثة عن الأوضاع الاجتماعية للأطفال العاملين في الزراعة
عرض/بشير الحزميخلصت دراسة حديثة عن ألأوضاع الاجتماعية للأطفال العاملين في الزراعة في اليمن التي صدرت مؤخراً عن المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل إلى أن القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في الزراعة أمر يكاد يكون مستحيلاً بسبب انتشار الفقر في المقام الأول.وسيادة الاقتصاد المعيشي وتفتت الملكيات الزراعية ثانياً وبالتالي فإن اعتماد العائلات على عمالة الأطفال سيظل دائماً.وأوردت الدراسة عدداً من الحلول للحد من هذه الظاهرة من أهمها التركيز على التشريعات التي تنص على حماية حقوق الأطفال في جميع مجالاتهم الحياتية والعمل على جذب الأطفال للتعليم عبر التوعية وإيجاد قاعدة بيانات دقيقة حول عمالة الأطفال،والعمل على نشر التصنيع في الريف بإدخال الصناعات الصغيرة والصناعات الزراعية وتأسيس مؤسسات للإقراض الريفي وتشجيع الإنتاج الريفي.وأكدت الدراسة ضرورة تكاتف الجهود من أجل الخروج بحلول مرضية تضمن حماية الأطفال من هذه الظاهرة التي إن تفاقمت ستؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها،فالأطفال هم اللبنة الأساسية لبناء أي مجتمع سليم وحضاري.وأشارت الدراسة التي نفذت من قبل عدد من الباحثين الميدانين وشملت عدداً من المحافظات اليمنية مستهدفة (371) طفلاً موزعين على محافظات إب، أبين،تعز،الحديدة،ذمار،صنعاء وتوزعوا حسب النوع الاجتماعي بنسبة (51.5%) للذكور و(48.5%)للإناث إلى أن أطفال اليوم هم رجال الغد وثروة الحقيقية لأي مجتمع خصوصاً إذا ما توفرت لهم الظروف الملائمة في الحياة الآمنة والمستقرة،وإن تباين الظروف المعيشية من طفل لآخر تظهر نتائج مختلفة لها آثارها السلبية والإيجابية في أي مجتمع وخاصة في مجتمعنا اليمني الاستثنائي الذي يعتبر عمل الطفل مصدر دخل أساسياً للأسرة وخاصة في المجال الزراعي فضلاً عن عمله في مجالات أخرى فرضت عليه قسراً بسبب الجهل أو الظروف الاقتصادية.وأوضحت الدراسة أن الأسر الفقيرة تكاد تكون معتمدة على الأطفال اعتماداً كلياً في الزراعة،فيما الأسر الغنية تعتمد على أطفالها اعتماداً جزئياً،وأن بعض الأسر الغنية والمتوسطة في المواسم الزراعية وفي العمليات الزراعية الأساسية كالبذر والحصاد لا تعتمد على أطفالها فقط ولكنها غالباً ما تميل إلى تشغيل أطفال الأسر الفقيرة.ولفتت الدراسة إلى أن عمالة الأطفال تنتشر في المناطق الجبلية أكثر من السهلية وأن عمالة الأطفال في المناطق الريفية القريبة من المدن أكبر من البعيدة عنها بسبب أن معظم أرباب الأسر يعملون في أعمال أخرى داخل المدن ويتركون العمل الزراعي لأطفالهم ونسائهم في القرية وأن عمل الأطفال الذكور في مجال الزراعة النباتية أوسع منها بين الأطفال الإناث فيما معظم الفتيات يعملن في مجال الزراعة الحيوانية.وأشارت الدراسة إلى أن معظم الأطفال (63.4%) من عينة الدراسة بدؤوا العمل في الزراعة عند سن تتراوح ما بين السادسة والتاسعة من أعمارهم ولا توجد علاقة قوية بين انفصال الوالدين وعملهم في الزراعة فحوالي (95.7%)من الأطفال المستطلعة آراؤهم آباؤهم وأمهاتهم لا يزالون مرتبطين بعلاقة زواج.ولا توجد أيضاً علاقة ذات دلالة بين اليتم وعمل الأطفال في الزراعة فهي ظاهرة تنتشر بين الأطفال الأيتام وغير الأيتام و(90.8%) من الأطفال أباؤهم على قيد الحياة وحوالي (96.8%) لا زالت أمهاتهم على قيد الحياة وأن نسبة (90.4%) يتعرضون لإنتهاكات مختلفة ولكنهم لا يشتكون لأي جهة بسبب إما الخوف من الفضيحة أو الطرد من العمل أو لأن المنتهكين لحقوقهم هم من أقاربهم والمخجل أن (92.3%) من الذين يشتكون لا يجدون انصافاً.وكشفت الدراسة عن أن (95.1%) من الأطفال العاملين في الزراعة المتسربين من التعليم يشكل عملهم السبب الأول في تسربهم من التعليم سواء الذين اتخذوا قرار التسرب بأنفسهم (45.9%) أو الذين دفعهم الوالدان (49.2%).وأكدت الدراسة إن انتشار الظاهرة يشمل الأطفال الملتحقين بالتعليم والمتسربين منه فحوالي (78.2%) من الأطفال العاملين ملتحقون بالتعليم.وأشارت أيضاً إلى أن (59.6%) من الأطفال العاملين تمتلك أسرهم أرضاً زراعية ولذلك فالظاهرة تنتشر أيضاً بين من يملكون أرضاً زراعية ومن لا يملكون.وحول أسباب انتشار الظاهرة بينت الدراسة أنه لا توجد علاقة كبيرة بين بطالة رب الأسرة وعمل الطفل في الزراعة فآباء (96.2%) من الأطفال المستطلعة آرائؤم يعملون وليسوا عاطلين وآباء (1.5%) منهم متقاعدون ويحصلون على معاشات تقاعدية وأمهات (52.4%) منهم يعملن وبالرغم من انتشارها في أوساط الأسر الغنية والمتوسطة إلا أن الأسر الفقيرة أكثر اعتماداً على عمل الأطفال وهو السبب الأول في انتشارها تم تأتي التوجهات الثقافية للأسر الريفية تجاه الطفولة والتعليم ثانياً لتلعب دوراً مهماً في التحاقهم بالعمل.فمعظم الأسر ترى أن الطفولة تنتهي عند سن الثالثة عشرة وإن الإنسان يصبح رجلاً أو امرأة (بالغين) عند سن الرابعة عشرة هذا من جانب ومن جانب آخر فكثير من العائلات الريفية لم تعد تؤمن بالتعليم باعتباره استثماراً بشرياً أو آلية للحراك الاجتماعي.ونوهة الدراسة إلى أنه بالرغم من أن (95.9%) من الأطفال الذين استطلعت آرائهم أكدوا أن عملهم في الزراعة ساهم في تحسين المستوى المعيشي لأسرهم بدرجات مختلفة إلا أن الآثار الصحية وظروف ومخاطر العمل كانت نتائجها سلبية إلى أبعد حد فمعظم الأطفال (71.1%) لا يحصلون على أي فترات راحة كافية وكذلك الحال بالنسبة للغذاء.ومعظم الأطفال (95.7%) إما أنهم يعملون في ظل غياب تام لوسائل الوقاية من مخاطر العمل أو أن الوسائل المتوفرة غير كافية للحماية و(74.3%) من الأطفال يتعرضون للضرب من قبل صاحب العمل أو أحد أقاربه ناهيك عن الشتم والإهانات اللفظية حتى يصل الأمر إلى التحرش الجنسي من قبل العمال الآخرين أو من قبل أشخاص أثناء ذهابهم أو عودتم من العمل.