جوهر الأزمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة يكمن في رفض الحكومة الفلسطينية ومن ورائها حركة حماس تحديد موقف واضح، وإعطاء إجابات حاسمة على الأسئلة الكبرى التي تواجه الفلسطينيين. السؤال الكبير يتعلق بالموقف من السلام. هل تؤمن حماس بعقد صفقة سلام مع إسرائيل مقابل إعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ هل تعترف حماس بالاتفاقيات والمعاهدات التي عقدها الفلسطينيون وعادوا على أساسها من الشتات وأقاموا السلطة الوطنية الحالية؟إذا كانت حماس غير مقتنعة بالعملية السلمية من حيث المبدأ فقد ارتكبت جريمة بحق نفسها وحق الفلسطينيين بخوض الانتخابات والسيطرة على الحكومة، وما يستتبع ذلك من عمل سياسي وإجابات محددة على أسئلة كبيرة ؟ لماذا لم تقف حماس في صف معارضة السلام وتكتفي بذلك، وكيف يمكن أن تشكل حماس حكومة ثم ترفض منطق الحكومات الذي يقوم على أساس المفاوضات والتكتيكات السياسية، وهل يمكن أن أكون ضد السلام من حيث المبدأ ثم أسيطر على حكومة مطلوب منها التعامل مع ملفات كبيرة واستحقاقات إقليمية ودولية وقرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية للسلام التي أقرتها الدول العربية، من دون استثناء؟أما إذا كانت حماس تؤمن بالعملية السلمية فإن هذه العملية تتم بين طرفين، فهل يمكن لحماس أن تقول إنني أؤمن بالسلام لكني لا اعترف بالمحتلين ولا أفاوضهم؟ وكيف يمكن إخراج المحتل من الأراضي التي يحتلها إذا كنت ارفض محاورته، وفي الوقت نفسه اعجز عن إخراجه بالقوة المسلحة. وأية خدمة عظيمة أقدمها للإسرائيليين إذا تركتهم يحتلون الأرض بدون أي سقف لمفاوضات جادة لإخراجهم منها؟حماس تمارس سلوكا كان مناسبا وممكنا عندما كانت خارج السلطة، زعماؤها في دمشق يتحدثون عن رفض السلام ومقاومة الاحتلال، ورفض الاعتراف بإسرائيل، وهي رسالة للمزايدة في الشارع ولدى بعض الأطراف الإقليمية. وأطراف في حماس »داخل« تتحدث عن قبول العملية السلمية وهي رسالة لأطراف فلسطينية على رأسها فتح، ولأطراف دولية وإقليمية لجعل حركة حماس مقبولة دوليا. وإذا كانت لعبة توزيع الأدوار ممكنة في ظل حركة معارضة شعبية، فهي لعبة مستحيلة عندما تصبح المعارضة حكومة تقف امام استحقاقات جدية.لنفترض أن سوريا وإسرائيل وصلتا إلى مرحلة التفاوض المباشر، وهو أمر ممكن، بل هو أمر بدأه الرئيس الراحل حافظ الفاسد، وهو حق مشروع لسوريا لتحرير أرضها، ولنفترض أن أميركا دخلت في مفاوضات مباشرة مع إيران وهو احتمال وارد ومنطقي وهناك أدلة متزايدة عليه، فماذا سيكون موقف حماس؟ هل سيظل خالد مشعل يحرض الفلسطينيين ضد السلام من دمشق؟ وهل ستستمر حفلة إسماعيل هنية وفرحته بدولارات طهران، وكونها البعد الاستراتيجي لفلسطين؟ أم إن حماس ستجد أن طهران إلى الحائط وان الطريق يزداد وعورة؟. * نقلا عن صحيفة " الشرق الأوسط " اللندنية
حماس.. والمأزق الفلسطيني
أخبار متعلقة