مع الأحداث
شدتني أحداث الأسبوع الماضي في الشجاعية مدينة غزة جراء ما لحق في حي التركمان من مشاكل طالت عائلة حلس وآخرين وألحقت أضراراً كبيرة في البيوت، ووقع على إثرها عدد من القتلى والعشرات من الجرحى، وكانت المصيبة الأكبر أن يلجأ مواطنو غزة إلى إسرائيل بحثاً عن الأمان!!شدتني وأفزعتني وأحزنتني تلك الأحداث المؤسفة، وكيف لا وأنا ابن الشجاعية ابن حارة الجديدة، وما يفصلني عن حارة التركمان شارع واحد فقط، كيف لا وكنا نحن الأطفال نلعب سوياً كيف لا وكنا على مقاعد الدراسة معاً، كيف لا ونحن عائلة واحدة ودم واحد.ثمانية وثلاثين عاماً عشتها ومازلت بعيداً عن الشجاعية زادتني ارتباطاً وحباً وشوقاً لها تلك الأحداث التي لا داعي ولا عذر لها من يعرف عائلة حلس تاريخياً، يعرف معنى العادات والتقاليد الأصيلة لشعبنا الفلسطيني وفي أهل غزة وفي الشجاعية وفي حارة حلس التركمان.لقد عشت حدثاً عام 1968م، لم أذكر الشهر واليوم، ولكنه يوماً لا ينسى.في ذلك اليوم صحونا على صوت انفجار كبير، ولم نعرف ما هو، وبعد لحظات سمعنا الجنود الصهاينة ينادون بمكبرات الصوت على كل المواطنين الرجال من سن 16 - 50 سنة الخروج من بيوتهم والتوجه إلى سوق الجمعة وهي ساحة كبيرة لتجارة المواشي والأبقار، وجمعونا في الساحة ولفوا الطوق من الأسلاك الشائكة، وقبيل وقت الظهيرة أخذوا ينادون بالمكبرات لقد دمر (المخربون) أي الفدائيون مجنزرة إسرائيلية وأنتم تعرفونهم منهم أولادكم آو إخوانكم أو أقاربكم وقد يكونون أصدقاءكم، هل بينكم الآن، أخرجوهم ونحن نفرج عنكم.ومنعوا عنا الماء والغذاء حتى اليوم التالي، هنا كان الحدث والموقف الذي لا ينسى ويجب أن يسجل للمختار حلس.1 - طلب منا الجنود أن نعري رؤوسنا ولا نضع شيئاً عليها وكان حلس يلبس (الحطة والعقال الفلسطيني) رفض ان يرفعها وجاء الصهاينة واشتبك معهم وتدخل أحد الضباط وقال له حلس أنا المختار ولم أرفع العقال أقتلوني وفاز حلس وبقي العقال على رأسه، وحافظ على كرامتنا جميعاً.2 - بعدها قام حلس يتجول بين الشباب ويقول لهم إياكم من يعرف شيئاً يعترف فيه للصهاينة، وكان يحمسنا يحثنا على الصبر والمقاومة ويقول لنا انتم رجال.ولم يعترف أحد، وفي اليوم الثاني نسف الجنود الصهاينة منزلين أمامنا وأفرجوا عنا، وبعد خروجنا عرفنا أن الجبهة الشعبية نفذت العملية البطولية وقتلت الصهاينة.هذا موقف شجاع للمختار حلس، الذي رفض أوامر الصهاينة وحفظ لنا كرامتنا.عرفت العامة، وأنا طفل يلجأ لها كل مظلوم، تتحلى بالشجاعة والمروءة، وكان لها الدور السباق في الثورة الفلسطينية فهل تجازى هذه العائلة بتشديدها ولجوئها إلى إسرائيل؟ تعالوا نراجع حساباتنا، تعالوا نعيد الحق لأصحابه تعالوا نتمسك بعاداتنا وتقاليدنا، نتمسك بالعائلة وغزة معروفة بعوائلها وأصالتهم وشجاعتهم، ويشهد لها الجميع بذلك.رجال غزة يحسب لهم الحساب، حتى أن البعض يخشاهم، لا لشيء إلا لأنهم رجال صادقون مع أنفسهم، وكان لهم السبق في تفجير الثورة الفلسطينية، وتفجير الانتفاضة حين انطلاقها.إكراماً لغزة أكرموا أهلها، أخرجوهم من السجون وامنحوهم الأمن والأمان، فهم العمود الفقري لقضيتنا الفلسطينية.