أضواء
أعجب كثيرا ممن يقف بكل صرامة وشدة ضد الرياضة النسائية إلى الحد الذي جعل البعض يحرمها..وآخرون يرون أنها وسيلة لإفساد المجتمع.. وتفسخه وانحلاله وبما يفضي إلى أن تخرج المرأة عن طوع زوجها أو وليها أو أسرتها إلى آخر قائمة المبررات والتي ستثبت الأيام والسنوات القادمة ضعفها وتهافتها..وأنها أوهن من بيت العنكبوت..بالضبط مثلما سقطت فرضيات سطحية لم تكن بتلك القوة أو العمق والنضج والتي تسعفها للصمود أمام واقع الحياة المعاصرة ومتغيراتها.الدين الإسلامي قال رأيه في الرياضة النسائية منذ اللحظة التي سابق الرسول (ص) فيها زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فسبقها مرة وسبقته في الأخرى..فهل لازلنا حتى يومنا هذا نتجادل ونتحاور ونصدر أحكام التحريم في موضوع تم حسمه في بدايات القرن الأول الهجري..وبذلك نشغل أنفسنا فيما لا يفيد بدلا من بحث الآليات العملية التي تكفل حسن التطبيق. الرياضة النسائية ضرورة وليست ترفا..فقد باتت أكثر إلحاحا في عصرنا هذا عنه في أي وقت مضى بعد أن أصبحت أجسام نسائنا قابلة للكسر نتيجة لقلة الحركة..والأكل غير الصحي والذي أودى بهن وبمحتوياته الدسمة وسكرياته الزائدة عن حدود المعقول إلى السمنة والخمول والكسل وهشاشة العظام..والضغط والكسل والأرق..فالحياة بمعطياتها الحالية ليست كما الحياة في الماضي فقد تغيرت وتبدلت بوجود السائقين والخادمات والرفاهية ورغد العيش..فلم تعد المرأة هي تلك التي نقرأ عن سيرتها في الأزمنة السابقة ترعى الغنم وتمارس الزراعة في الحقل..وتسير على أقدامها كل يوم عشرات الكيلو مترات..تصحو مع صياح الديكة..وتغفو عندما تعود الطيور إلى أوكارها..حتى بدت نحيلة رشيقة ممشوقة القوام. المرأة هذه الأيام وفي مجتمعنا المحلي على وجه التحديد تحيط بها التحديات من كل جانب إذ لا تستطيع السير في الشارع ولو لمسافة خمسة أمتار..فالمضايقات وعيون المتربصين في أثرها أينما توجهت..ولن تجد أمامها سوى الذهاب لمضمار المشي (ان وجد) ..وهو الآخر لا يقل بحال عن الشارع إذ تملأ جنباته كل أنواع المضايقات والممارسات الطفولية من بعض الغوغائيين..ولم يبق أمامها إلا إنشاء نادٍ خاص في منزلها..وهو أمر قد لا يتوافر في الغالب لأكثر من 20% من النساء القادرات..أما الباقيات فليس أمامهن إلا المضمار «والذي ارتضاه المعارضون لهن» ..بكل مضايقاته وحره وبرده..وما يحيط به من أجواء ملوثة بالغبار والأدخنة المنبعثة من عوادم السيارات. فلسفة الرياضة ليست ضيقة أو محصورة في نوع واحد..فالرياضة ببساطة تعني الحركة وفق تدريبات محددة وليست عشوائية..ويمكن طرح أمثلة منها وخاصة الرياضات البسيطة مثل المشي والتمارين السويدية والسباحة وتنس الطاولة وكرة الماء وألعاب الدفاع عن النفس..والأهم من ذلك تقبل فكرة الرياضة النسائية والارتقاء بالفكر وبالذات من بعض الرجال..وإلغاء المقولة المستهلكة «ما بقي إلا الحريم يمارسون الرياضة» ..وكأن الحق للرجال فقط!! يجب أن نبحث بجدية موضوع الأندية النسائية لتكون في كل حي وبكل مدن بلادنا دون استثناء..صحيح أن الأندية النسائية موجودة لكنها قليلة جدا ولا تقابل احتياجات الراغبات في ممارسة الرياضة وهن كثر..وليكن وجود ناد في كل حي وبالقرب من منازل المشتركات حافزا ودافعا للإقبال عليها وسهولة الوصول إليها. والأهم من ذلك تأسيس الفكر الرياضي.. وشرح فوائد الرياضة التي لا تعد ولا تحصى للطالبات منذ مراحل الدراسة الأولى..الابتدائية والمتوسطة والثانوية..ولندرك أن فوائد الرياضة النسائية للمرأة والرجل معا.[c1]* عن / صحيفة «الرياض» السعودية[/c]