عادل يحيى إبراهيم :كلنا يدرك أن الأدب ( شعراً - نثراً ) هو سمة اجتماعية أداته (اللغة) وهي إبداع المجتمع وخصوصيته ومفاهيمه ورؤيته الآملة الطامحة والواقعية في آن واحد فالأدب يمثل الحياة، والحياة في أوسع معانيها: حقيقة اجتماعية واقعية بمعنى أن الأديب حين يتحدث أو يكتب، أو يعبر عن جانب من جوانب الحياة إنما هو تعبير عن أوضاع ومشاعر وأفكار الشريحة الاجتماعية التي ينتمي إليها الأديب انتماء خاصاً في الإطار العام المتسع، فالأديب فرد من أفراد المجتمع الإنساني لذلك فهو عند تصويره للعالم الطبيعي من حوله، أو تصويره لمشاعره الذاتية إنما يمثل وضعاً اجتماعياً معيناً .. فهو يمثل الحياة ولكن بقلم ولسان الأديب والفنان المبدع، لأنه يعبر عن وجدان وفكر المجتمع وجوهره الإنساني. [c1]الشعر الشعبي (العامي) [/c]يعد الشعر الشعبي من أهم الفنون الأدبية وأبرزها في ساحة الأدب بصورة عامة ، حيث يرسم لنا صورة صادقة عن الواقع الاجتماعي ، والاقتصادي والسياسي .. من خلال أداته التعبيرية وهي لغة الشعب (لغة العامة) ويطلعنا على حقائق ومعان وتجارب متعددة نتفاعل معها وننفعل بها متأثرين بلغة وموسيقى ذلك الشعر الجميل ببساطه وسهولة تراكيبه وما تحمله من سمات الجمال والإبداع لذلك فإن الحديث عن الشعر الشعبي (العامي ) في اليمن خاصة هو حديث عن الأصالة والتراث والإبداع الإنساني في اليمن، الأمر الذي يتطلب منا الوقت والجهد اللازم أن نفرد له الصفحات العديدة والوقفات الأدبية متخصصة ، فإذا أردنا أن نتحدث عن شعرنا الشعبي فإننا بالضرورة نتحدث عن تلك المنابع الأصلية والأرض الخصبة التي نما في أحشائها ذلك ( الخلق الإبداعي ) الرفيع وتشرب من العذب الرقراق فاض جداول من الجمال والعطاء والإبداع الإنساني بلغة سهلة اللفظ عميقة الأثر. وتعد الخضراء (لحج ) واحدة من المنابع الفنية الأصلية والأراضي الخصبة التي نما فيها هذا الفن الشعري الرائع (الشعر الشعبي) لما لهذا الشعر من مكانه رفيعة وأثر كبير في نفوس أبناء الخضراء. ( لحج ) جيلاً بعد جيل، كيف لا ؟ وقد أنجبت العديد من الرواد العظام في مجال الفكر والفن والإبداع في شتى صوره، ومحاولاته، ولاسيما فن الشعر، فهناك الأمير الشاعر المبدع أحمد فضل القمندان، والأستاذ الأديب عبدالله هادي سبيت، والشاعر صالح فقيه ، وسرور مبروك وعبدالخالق مفتاح وعلي عوض مغلس، وأحمد صالح عيسى، وصالح نصيب، وغيرهم من أعلام الفكر والفن والإبداع .وفي هذا السياق نتناول واحداً من أعلام الشعر العامي (الغنائي) في حوطة لحج وهو الشاعر المعروف (فضل محمد شوكرة رحمة الله) الذي قدم العديد من القصائد الغنائية العاطفية والوطنية تغنى من خلالها بالأرض والحب والإنسان ومنها روائع غنائية أداها العديد من الفنانين في حوطة لحج وخارجها وعلى رأسهم الفنان أحمد يوسف الزبيدي .فما أجمل نستمع إلى صوت هذا الفنان القدير وهو يتغنى بقصيدة ( رشيق القوام) التي صاغ كلماتها شاعرنا الشعبي (فضل محمد شوكرة) حين قال: مـــا بنسـاه ولابينتســـــي [c1] *** [/c] مـن قلبـي رشيـق القــــوام غصن الــورد والنرجـــس[c1] *** [/c] قلبي أنــا مستــهــــــــــــام بادلته الهوى مـــن زمـــان [c1] *** [/c] حبيــتـــه محــبة جنـــــــــان ما بــا أفرقـــه فـي ثـــوان [c1] *** [/c] دوب الــوقـت عنـــــده دوام في المقبل ووسط السمـر [c1] *** [/c] في الظلمة وضـوء القمــــر في الصحراء وظل الشجـر[c1] *** [/c] كم ذكرى لنا فـي الغـــــرام كيف اسخــى أنـــا فارقـــه [c1] *** [/c] وهـو عمدتـــي والثـقــــــــة روحي في هـواه موثقــــة [c1] *** [/c] نادي الخد غصــن الســـلاممــا بنســـاه ولابينتســـي [c1] *** [/c] من قلبـي رشيــــق القــوام كما نجد في قصائد شاعرنا (فضل محمد شوكرة) عاطفة الحب الإنسانية بما فيها من اشتياق ولوعة وهيام حيث يقول بلغته العامية الرقيقة: اصــــل الحــب روحـــانــي [c1] *** [/c] في القاضــي وفــي الدانـي يعــرف لوعتــــه العانــــي [c1] *** [/c] من هــوه مبتلـــى ويحــــب شاعرنا أيضاً يحن شوقاً للقيا المحبوب ويرفض البعد والفراق والحرمان، حيث يقول: لا تحرمـــونـــي حبيــبــي [c1] *** [/c] يــا نـــاس هــــذا حـــــــرام يحـــــن قلــبــــي عليـــــه [c1] *** [/c] واشتـــــاق انظــــر إليــــــه أمــــوت فــــي مقلتيــــــه [c1] *** [/c] محـلاه رشيـــــق القــــــوام لا تحرمـــونــــــي حبيــبــــــي[c1] *** [/c] يـا نــــاس هــــذا حـــــــرام ولا يقف به هاجس الشعر عند الشوق واللوعة والمعاناة والسهر، بل نجده يترنم نشوة وطرياً مع «الرعيان» فيقول : ورعيـان با برعـي معاكــم [c1] *** [/c] بـــا بسـقــــي معــاكـــــــم فـــوق البيـر بــــا بــــــرح [c1] *** [/c] وقــــرب الزيـن با بفــــــرح بــا غنــــي وبـــا تصــــدح [c1] *** [/c] بــالألــحـــــــان والرعـيـــان [c1]الــــــــــــخ [/c]هذه عزيزي القارئ وقفة موجزة مع شاعرنا (فضل محمد شوكرة) رحمة الله عليه ومع الشعر الشعبي (الغنائي) الذي رغم بساطة لغته وسهولة مفرداته وتراكيبه إلا أننا نلمس أثره الكبير في نفس (المتلقي) لما يتسم به شعرنا الشعبي من رقة وعذوبة ووقع موسيقي وتصوير جمالي لكل ما تزخر به الحياة الإنسانية من مشاعر وأفكار وانفعالات متداخلة ومتعددة.
|
ثقافة
شوكرة : شاعر الحب والأرض والإنسان
أخبار متعلقة