مما ابتلي به عشاق الشعب والغوغاء هو حب الوقيعة بالخصوم ، وتتبع عوراتهم ، ونبش مواضع الجدل من ثقافتهم وتفكيرهم، وهو انعكاس ضروري لمحاولة ردم هوة النقص السحيقة في نفوسهم!وأول من صنع ذلك إبليس (!) حين قال: أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين ! محاولاً سد النقص في جهله لسر الأمر الإلهي بالسجود لآدم، أو تصحيح النظر الالهي من الطين إلى النار ! .. فيكون ذلك مرشداً لله ـ تعالى ـ وشيخا!!وإبليس عندما يرسم طريق الهاوية للناس فإنه يأتيهم من الوجهة التي يعرفون ، فيتقمص حماسهم ويحتشي أوداجهم وهم يخطبون! ويتنطط فوق باحة ألسنتهم وهم يلعلعون .. مصوراً لهم غيرهم حثالة من المحادّين لله ورسوله ـ يجب قتالهم وتصفية الأرض من بقيتهم حتى ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم !!فتدب ساعية الفتنة وحالقة الدين بين المؤمنين والمعصوم من عصمه الله .انهم حزب المرجفين والغوغاء وما أوسع انتشارهم في شتى ميادين الفقه والسياسة والفكر والثقافة والسلوك والرأي.وكم داهمتني الصدمة وأنا استمع إلى خطبة أحدهم، وهو يهاجم الناس على حلق لحاهم، أو لباس الرياضة وغيرها من الأمور التي لايتناسب عرضها مع حجم المسؤولية المناطة بالمنابر في تربية الروح وتهذيب الباطن نحو الله واليوم الآخر وبث معاني الجمع والشمل للأمة .. وعندما يتعلق موضوع أحدهم بالرد على المخالفين فلا تسمع إلا كيل مصطلحات التفسيق والتبديع والطرد من ملة الإسلام خاصة عند الحديث عن الشيعة والصوفية والأشاعرة والمعتزلة ، ولا يبالي هؤلاء بحجم مسؤولية المنابر في البناء واللقاء وهم بلا شك يجهلون أن هذه الطوائف والمذاهب قد يكونون من نسيج المجتمع الواحد في هذا الوطن أو ذاك فتنهض داعية الفتنة بين المسلمين .. والمتأمل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا : ومن يأبى يا رسول الله ؟قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى )) من تأمله يدرك ان جميع الفرق قد لزمت الدعوة بطاعة الله ورسوله،وانما الذي يحكم بينهم يوم الدين هو الله .. قال تعالى: (( إن الله يفصل بينهم يوم القيامة .. )) وقال تعالى (( ... يوم القيامة يفصل بينكم )) .. فأذهب عنا حق الفصل بين الناس في ادعاء الحقيقة والإيمان لان البشر إذا قدر لهم ذلك فلن يكون إلا بحروب تبيد الآخر فيظهر الفساد وتسفك دماؤهم فتنهض بأيديهم حالقة الدين .. !!وكم أحسست بالأسى وأنا أطالع ذات يوم كتيباً مطبوعاً لبعض العلماء ممن لهم قول يطاع، وهو يصف حالق اللحية بأنه أشد عند الله من الزاني «!» معللاً هذا الاستنباط «الرهيب» بأن الزاني يرتكب الفاحشة مدة قضاء الزنا فيكون عاصياً لله في هذه المدة الزمنية القصيرة أما حالق اللحية فهو عاص لله ليلاً ونهاراً ما بقي الحلق !! ، ثم مضى ينصح أصحاب الأعمال والأموال بعدم توظيف حالق لحيته كوسيلة للضغط عليه حتى يتركها !! ولا يخفى ما في هذا من تطاول على صفة الرزق لله رب العالمين الذي يرزق الطائع والعاصي ، والمؤمن والكافر منذ خلق آدم إلى يوم الحشر والقضاء !ولاشك أن ثقافة مثل هذه لا يملك أصحابها القدرة على إخفاء آثارها التدميرية بما ينشرون أو يخطبون ، فكل إناء بالذي فيه ينضح !!
كل إناء بالذي فيه ينضح !!
أخبار متعلقة