* تقول حكاية من التراث الصيني القديم : «إن فلاحاً أضاع فأسه, فشك أن ابن جاره هو الذي سرق الفأس, فأخذ يدقق في تصرفاته ويراقب تصرفاته وحركاته وكلماته فتأكد أن هذا الولد يبدو كسارق نموذجي للفأس, وفي يوم آخر بينما كان الفلاح يحرث أرضه عثر على الفأس الذي كان قد تركه هناك ونسى .. وعاد الفلاح بعد ذلك لمراقبة ابن الجيران فلم يلاحظ في هيئته وتصرفاته وعباراته ما يدل على أنه سارق للفؤوس!!».وفي كثير من الحالات يتصرف أفراد ومجموعات مثل تصرف الفلاح في الحكاية السابقة يرتكبون الأخطاء ويلقون باللائمة على الآخرين, يضيعون فؤوسهم ويتهمون غيرهم باللصوصية, وحتى عندما يعثرون على فؤوسهم لا يعترفون بسوء ذاكراتهم ولا يحسنون الاعتذار لمن اساؤوا إليهم.* وفي العلاقة بين السلطة والمعارضة اليوم كثير من الشواهد على أن الطرفين يتبادلان الأدوار فيما يتعلق بصاحب الفأس والمتهم بسرقة الفأس, وغالباً يبقى الفأس مضيعاً, ولا يجد في البحث عنه أي طرف, لأن لذة الصراع أو الخلاف تكمن في الإبقاء على الفأس مضيعاً, وهذا النوع من العلاقة المضطربة تضيع معه أشياء ثمينة أخرى هي بالنسبة للمواطنين مهمة, ولعل هذا يفسر سبب كون المواطن يوزع انتقاداته بالسوية بين السلطة والمعارضة في اليمن, وأحياناً تكون حصة المعارضة هي الأكبر خاصة عندما تجد أن من مصلحتها تضييع الفأس. راق لي موقف قادة جمعيات المتقاعدين الذين طالبوا أحزاب المعارضة عدم استغلال المطالب الحقوقية وركوب موجة التذمر للحصول على مكاسب سياسية على حساب الآخرين, فهذه الأحزاب أرادت أن تكبر بالإتكاء على مظاهر التحركات المطلبية, وتمنت لو أن السلطة بقيت عاجزة عن الوصول إلى معالجات وحلول واتجاهات لتلك المطالب، رغم ما يعنيه ذلك بالنسبة لبقاء مصالح الناس ضائعة.* إن قضية مثل الإصلاحات السياسية تعتبر مطلباً للسلطة كما هي للمعارضة, فمن المسؤول عن عدم تحقيق هذه المصلحة العامة حتى الآن بالرغم من أن الجميع يتسابق في هذا الميدان؟ إننا لا نتهم أحداً بسرقة فأس لم يسرق أصلاً, لكننا نزعم أن طرفاً يسعى لعرقلة الطرف الآخر, وهذا الأخير هو المسؤول عن نجاح الإصلاحات ومنها مصلحته، بينما خصمه كاسب في حالتي النجاح والفشل معاً.
غضون
أخبار متعلقة