د.نبيلة الزبير : فتنة قصائدي أن تكون ناقصة !
[c1]* المجتمع جاهز بالتوصيفات و التهم لكن .. ما مدى تقبل المرأة! هل تستسلم هل تتحدى؟ تلك مسألة تعنيها[/c]صنعاء / سبأ / سمية غازي :اعتادت أن لا تسأل منجزها النصي قبل ولادته و تخلقه .. و تبرر: " أنا لو سألته قبل خروجه فلن يأتي أبداً سيظل كأولئك المنتظرين لتصريح أو فيزا دخول لكنه سينتظر هذه المرة تصريح أو فيزا خروج ".يشتغل نص " نبيلة الزبير" على المرأة و علاقتها بالمجتمع وهي في ذلك تغوص في البحث عن دور للمرأة و دور للرجل من خلال طرق موضوعات تبحث عن الذات و المصير والخصوصية .. تتكلم عن كل ذلك بثقة بنفسها تظهر في قدرتها على ابتكار المصطلحات وتشكيل العبارات و رسم الصور وبرهنة الرؤى و الأفكار.تقول أنها بهذا لم تكن أكثر من شاهد على الواقع تحاول تقديمه في كتاباتها تجاه التناقضات و التشظي الحاصل في تفكير المجتمع وعلاقته بالمرأة .. :" انشغلت بالكتابة النسوية - إن جاز التعبير- قبل أن يكتشف هذا الصنف من التوصيف.. كان عملا ً تكلمت فيه الشاعرة و الكاتبة دون قصد منها حول الارتهان للواقع الذي ينمط النساء وينموذجهن ويحدد اتجاهاتهن في خيارات صعبة بما يسميه بعض النقاد الانشطار".وتسترسل:" هنالك امرأة خرجت من عروقها وتحاول استردادها تقول لها يا غبية حتى الرسالات السماوية و الأنبياء عند وأد الحقيقة كانوا شهودا .. فهو حوار داخلي بين أنثى ونفسها .. حول الاعتيادي من الناس وهي بهذا تتحايل عليها أن تعود"..و تدافع "نبيلة الزبير" عن رؤيتها و ما تطرحه تجاه علاقة المجتمع بالمرأة مؤكدة على ان ما تكتبه عن المرأة ليس تعبيرا عن امرأة مهاجرة في داخلها.. معتبره هذا التوصيف ينصب في سياق التوصيفات التي يأبى المجتمع إلا سكبها على المرأة " هي دلالة الفعل الاجتماعي الذي تمارسه النساء والذي هو نفسه يوصف النساء توصيفات جديدة قد تكون مارقة أو خارجة على التقاليد .. و المجتمع هو الذي يشطر النساء.. متسائلةً باستغراب :" ومن ذا الذي يقبل أن يشطر نفسه؟! "..وتتابع " المجتمع جاهز بالتوصيفات و التهم ، لكن ما مدى تقبل المرأة هل تذعن ، هل تتحدى ، هل تستسلم ؟!..تلك مسائل تعنيها هي وحدها أما المجتمع فلن يتخلى عن ممارساته.. فأي أنثى ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة .." [c1]تحلم بالبحر[/c]وبالرغم مما كتبته (نبيلة) عن رؤيتها لما بين الحلم و الحقيقة من مناطق و قضايا و أفكار ماتزال تحلم ببلوغ البحر .. تقول عن قصتها مع مجموعة ( ثمة بحر يعاودني) موضحة علاقتها بالبحر:" لم ابلغ البحر بعد لأني جبلية.. وعلاقتي بالبحر علاقة الشخص بالمختلف بالغامض الذي يحاول استكشافه و ليست علاقة تجانس .. فانا جبلية بيئتي ، نشئت في جبال حراز وهي جبال شاهقة و أكون دعية إذا قلت بان علاقتي بالبحر علاقة تجانس أو أنا من طبيعته أو هو من طبيعتي لكن ثمة شيء يراودني فيه .علاقتي بالمختلف لا تعني انتقاص من العلاقة و إنما زيادة ، فهناك كثيرون عند البحر لا يقتربون منه ، لا يشكل لهم مفارقة في حين نحن إذا ذهبنا إليه لا نملك إلا ان نبقى فيه "..[c1]مكتملة النص[/c]وتقول عن مفرداتها التي عرفناها من خلالها في نصوصها :" هي بنات بيئتها .. هي مفردات صخرية فيها شموخ الجبال و شاهقيتها ليس فيها انبساط البحر أو السهل .." ولو خيرت ( نبيلة) بين خيارات كثيرة من بينها نصها فتؤكد :" سأختار نصي دون تردد " ..وعن أقصى و اقرب إحداثيات تضاريس نفسها إليها .. تواصل ( نبيلة) :" بالنسبة لي ككاتبة فان أقصى و اقرب ما يجمعني مع تضاريس نفيسي هي الكتابة و بخاصة في لحظة انجاز نص و في نفس الوقت لحظات اتساع آفاق الكتابة ، تمددها بغير تشتت أو تمزق لتولد كتلة واحدة مكتملة النص"..[c1]خطة عمل!! [/c]الكتابة لدى (بنيلة ) تتم بفعل إرادي لأنها تؤمن بما يعرف بالكتابة الواعية .. و توضح:" محرضات الشعر الأساسية هي خطة عمل ، نص أريد انجازه ، أريد ان أصل إليه ، علي ان اتعب لأجده ، و اكبر محرض ، ان اكتب نصا لم يسبق لي ان أتيت بمثله .. إذا كنت سأكرر نصا قديما فعلي ان أتوقف ..على المرء ألا يكرر نفسه ".... وتضيف" إن كررت نفسي ذلك يعني أني معجبة بشيء كتبته قديماً ، و عليَ ان أنساه ولا اتركه يتسرب إلى أصابعي من جديد !!"[c1]قصائد ناقصة[/c]اعتادت (نبيلة) ان تكتب قصائد ناقصة لا تنوي إكمالها معللة ذلك :" تلك القصائد وجدن ناقصات كما وجدت النساء ناقصات ، جمالها ..فتنتها في ان تظل ناقصة لا تكتمل " .. وترى ان " القصيدة الكاملة لا تعني شيئا للقارئ الذي يأخذ نصا ناقصا ليجد نفسه فيها وليلعب معها لعبة الكتابة...لكن بالتلقي!!"[c1]قصيدة النثر أكثر مسؤولية[/c]و تنظر (نبيلة ) إلى قصيدة النثر بأنها أكثر انتظام من قصيدة العمود أو التفعيلة " لأنها أكثر صدقا و ما دامت أكثر صدق وأكثر انضباطا فهي أكثر مسؤولية "..في ذلك تقول :"لا يوجد شكل ينافي المضمون ولا مضمون ينافي الشكل ولا فصل بينهما لكن الذي نراه من فوضى الانتظام أو النظام الفوضوي هو نظام داخلي غير مرئي لكنه حقيقي لمجرد الالتزام بالواقع ..فالكاتب يرى ما لا يراه القارئ لاسيما إذا اعتاد القارئ على العمود أو التفعيلة في حين ان لدى الكاتب نظامه الخاص. و النص يكون نصا دون ان يكون له نسق يسير عليه أشبه بالمخطط الجغرافي للمدينة" .. وتتابع " إذا لم تكتشف ذلك الخط الذي يسير عليه الكاتب فلا تعتبر نصه قصيدة حية ، بل هو نظم كلامي ربما حدث بالمصادفة، ولابد ان ينتهي للاندثار "..تشعر (نبيلة ) بالقصيدة من مدى تناسق الشاعر داخل النص وتناسق النص بذاته فتجده كائنا يستحق ان يكون قصيدة .. و تستطر موضحة: "حتى اللوحة التشكيلية لا بد ان تجد نسقا بينها و بين من رسامها إذا لم يكن فستبدو كحفنة من الحبر دُلقت على الورق حتى الذي يدلق الحبر ساجد له قراءة فإذا لم أجد قراءة فهي ليس عملا" ..[c1]لغة جديدة!![/c]آخر أعمال (نبيلة ) لم تأت بعد وهي تفضل ألا تأتي ..لأن " أحلى الأيام تلك التي لم نعشها بعد و أحلى القصائد تلك التي لم نكتبها بعد .. و تضيف " مادمنا نخاف هذا الأجمل فأظن اننا لن نكتبها لأنه عندما يقترب موعدها فقد اقترب موعد توقفنا وهذا ما يؤلمنا " . وتتابع : " هنالك طرق نسلكها كي لا نصل ..و حينما نصل إليها نجد منها طرق نسير منها إلى غيرها..". وتابعت : " عندما يصبح النص ناجزا اشعر أن أشياء كثيرة ذهبت .. هذا النص الذي أصبح ناجزا استهلك منك الكثير .. خوف متزامن مع كل نص قديم .. كل نص هو فقد لمفاهيم تنتهي داخل النص ،فقد لمشاعر فقد لعبارات و ألفاظ و صور لن نستطيع إحياءها من جديد .. إبداع الشاعر ان يستطيع ان يخلق لغة جديدة". [c1]لقى [/c]ترأست " نبيلة الزبير" ملتقى (لقى) للثقافة النسوية وحوار الحضارات والذي هو كان أشبه بصالون أدبي يضم لفيف من الأديبات والكاتبات لكنه لم يلبث ان أنطفا ولم يتبقى منه سوى الذكر ..حول ملتقاها و نهايته قالت نبيلة : " لكل عمل مدته و زمنه و"لقى" انتهى زمنه ".. معتبرةً ان " أجمل الأشياء تلك التي تنتهي وهي عطرة و تقرر متى تقف!! "و تابعت : "لقى " كان عمره خمس سنوات أدى ثمار لم تؤدها مؤسسات كثيرة ذات ميزانية و يد طولى قادرة على القرار و الإنتاج وذات تمويل ".وتستطرد بحزن :" انتهى (لقى) بحب و ببساطة بعد ان أخذت الفكرة تتطور و آخر الأشياء كمالها وهو وصل اكتماله قبل ان يصبح مؤسسة لأنه كبر و أصبح يغري بامتلاكه فكان لا بد من استكمال الدائرة حوله و إغلاقه" .وجدت نبيلة ملتقاها وقد أصبح جميلا ، استطاع ان يُعرف بكائن لغوي قادر على النطق والكتابة .. و اعتبرته انجازا فارق عرف بنص الأديبات و الكاتبات في مختلف الأجيال و قدمهن للخارج للزائرات و قدم أرضية مشتركة و خصبة للمعرفة حيث أصبحت التجربة الباكرة والبادئة تتلاقى و تتقاطع مع تلك ذات العمر .. وزادت" إذا ما اعتبرنا (لقى) كائنا حيا وسألنا ماذا تريد سيقول أريد ان انتهي كبيرا"في العام 2002م فازت نبيلة الزبير بجائزة نجيب محفوظ ..تعترف هنا أيضا ان ذلك التميز لم يضيف لها سوى القلق و مزيد من المسؤولية لان تكون بمستوى النص ، بمستوى انجاز سردي لا يتراجع عما سبق .. وتضيف " صحيح انه شكل لي حضورا عربيا لكني لست من الناس الذين يحرصون على المنبر .. إذا لم يكن لك جديد تقوله فما الذي ستفعله إلا ان تكرر نفسك دونما جديد".