بنات الرياض
الرياض / متابعات :في ظلال المناخ الجديد الذي أطلقه البرنامج الإصلاحي للحكومة السعودية يشهد المجتمع السعودي تحولات سياسية واقتصادية وثقافية منذ تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز دفة القيادة في هذا البلد الشقيق .وبقدر ما استفادت مختلف شرائح المجتمع السعودي من هذه الاصلاحات، بقدر ما كانت المرأة السعودية أكبر المستفيدين من التحولات التي أفسحت للمرأة السعودية مجالا ً واسعا للمشاركة في مختلف الحقول السياسية والاعلامية والتجارية والثقافية والاجتماعية التي كانت مغلقة امامها .في هذا السياق فوجئ السعوديون مؤخرا برواية «بنات الرياض»من تأليف الروائية السعودية رجاء الصانع ، فاختلفوا حول الرواية بين مؤيد ومعارض، الأمر الذي أضفى مزيداً من الحيوية على المناخ الاصلاحي العام في المملكة .اللافت للنظر ان كتابا وأكاديميين سعوديين بارزين أشادوا بهذا العمل الأدبي الرفيع كجزء من اتجاه جديد يشير من خلال التركيز على نفسية الافراد الى ان حاجات وأهواء الإنسان تعلوـ احيانا على مطالب المجتمع والدين ، وثمة شبان ممن يستخدمون غرف الحوار عبر الانترنت اشادوا بأول راوية لرجاء الصانع لأنها صادقة بحسب تعبيرهم .من جانبها قالت رجاء الصانع التي ترتدي حجاباً يكشف عن وجهها، انها لم تتخيل ابداً ان تؤدي ردود الفعل تلك الى ضجة كبيرة ، مشيرة الى ان الرجال غير معتادين على هذا الحوار الصادق والصريح فهناك في كل مجتمع اقلية تقاوم اي تغيير وبعضها من النساء.!.تركز رواية«بنات الرياض»على اربع نساء من عائلات موسرة يتعين عليهن تخطي حقل الغام من القواعد والمحظورات بشأن الجنس والزواج والمركز الاجتماعي من اجل الحصول والحفاظ على رجالهن.وتنسحب من تفشل في مواجهة الرفض على غرار كثيرين من السعوديين الموسرين الى عواصم اجنبية لمداواة جراحهن في بيئة اكثر تحررا.وفي احدى فقرات الرواية تعود احدى الفتيات الاربع من لوس انجليس لتجد ان الحب في بلدها يعامل كدعاية في غير محلها تستمتع بها لفترة وجيزة قبل ان تمنعها السلطات العليا من التداول.وتسمح فتاة أخرى لنفسها بالاقتراب من مواطن سعودي شيعي على الرغم من أسطورة يروج لها السلفيون السنيون في الحضر تقول أن الشيعة يبصقون على الطعام قبل تقديمه للسنة !؟.ويعنف السلفيون «المطاوعة»كلا من الفتى والفتاة خلال لقاء في مقهى، فيما تعلق بطلة الراوية على ذلك بقولها انه كان يمكن للفتاة ان تحب عليا لو لم يكن شيعيا!.وفي مشهد مبكر تشرب نساء الخمر في حفل زفاف.. وفي فصل آخر يتعرض شاب مخنث للضرب من والده الخجول من شذوذه الجنسي.وعندما تغلق احدى الفتيات في الرواية عينيها وتهيئ نفسها لما يفترض ان يكون اول ليلة في سعادتها الزوجية، تصدم عندما تجد زوجها " يفعل اشياء لم تكن تتخيلها قط" وينتهي زواجها!.نص الرواية مطعّم باشارات الى الثقافة الشعبية بما في ذلك اغنية لمطرب سعودي تستمد الرواية اسمها منها، بالاضافة الى آيات من القران الكريم، فيما تقول عنه الصانع انه انعكاس للتأثير المتباين على الشباب.تقول رجاء الصانع وهي في العشرينات تقريبا من العمر ان الصدام بين التقاليد والتمدن هو القضية التي تدور حولها التحولات الاصلاحية الجارية في بلادها.. واضافت ان السبب في الحياة المزدوجة هو الخوف من رفض المجتمع.واعطت رجاء الصانع الانترنت كمثال على التناقضات الصارخة في السعودية ، وهو احدث سلسلة من الاختراعات الحديثة التي تزعج رجال الدين المتشددين .تتحدث بطلة الراوية عن صديقاتها من خلال مراسلات الانترنت مما اثار ردود فعل غاضبة في مناقشة وطنية عبر الانترنت تماما مثلما حدث عندما خرجت الرواية الى النور.لكن رجاء الصانع مقتنعة بأن السعودية شهدت خلال 30 عاما فقط تغيرا تكنولوجيا في البنية الاساسية لم تحققه مجتمعات اخرى الا بعد قرن او قرنين ، مشيرة الى ان المجتمع السعودي يستخدم احدث التكنولوجيا ، لكنه مازال يعيش بعادات وتقاليد القرن السابق بسبب اصرار رجال الدين المتشددين على الانشداد الى نمط الحياة البدوية للأسلاف في القرون الغابرة.والحال ان التحولات الجارية في المجتمع السعودي لجهة بروز دور جديد للنساء السعوديات في الحياة العامة منذ الشروع بتطبيق برنامج واسع للاصلاح أثار حفيظة بعض رجال الدين المتشددين، بيد ان كثيرين يشعرون بمناخ سياسي جديد منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد السلطة في السعودية العام الماضي.لا يختلف إثنان في المملكة العربية السعودية على ان الملك عبد الله بن عبدالعزيز جعل قضية تطوير مكانة المرأة في المجتمع احد اولويات التنمية الاقتصادية للبلاد ، لكن الملك عبدالله قال ان اي تغييرات ستكون متمشية مع مبادئ الاسلام الأمر الذي يعني ان ما يجري من تحولات لا تتعارض مع مبادئ الاسلام حتى وإن عارضها بعض المتشددين السلفيين من رجال الدين.مرة أخرى تقول رجاء الصانع ان زيادة عدد النساء العاملات سيكون عاملا اساسيا في التغيير الاجتماعي.. وتضيف ان السعوديين يفضلون زواج المدرسات والطبيبات وسيدات الأعمال لانهن يحصلن على دخول تصب في دخل العائلة ، مؤكدة على إن هذا الاستقلال المادي يجب ان يعطي المرأة السعودية مزيدا من القوة للتعبير بشجاعة عن رأيها في اي حوار.