لماذا أوصدت حدائق وملاعب الأطفال أبوابها ؟
الحديقة العامة والملعب الآمن هو المتنفس الحضري المناسب الذي يمكن للأسرة قضاء أيام الإجازات والعطل والمناسبات فيه والاستمتاع بأوقات جميلة يفرح فيها الأطفال بالألعاب البسيطة وان هم افتقدوا ذلك يصبح الشارع والطريق هو الملاذ لافراغ طاقاتهم وممارسة هواياتهم وإظهار مواهبهم .. في محافظة عدن التي تزداد توسعاً وكثافة سكانية يوماً بعد آخر أغلقت كثير من الحدائق العامة وملاعب الأطفال أبوابها في وجه مرتاديها .. لماذا وما هي الأسباب والنتائج والمعالجات؟!تحقيق/ محبوب عبدالعزيز - تصوير/ جان عبدالحميد[c1]مخاطر وأضرار[/c]لدى قيامنا بجولة سريعة في عدد من مناطق محافظة عدن وجدنا على أقل تقدير نحو خمس حدائق عامة مغلقة أصبحت سكناً للحشرات والزواحف وتحولت أشجارها أعشاشاً للطيور والغربان الناعقة، أبرزها وأشهرها حديقة عدن في التواهي وحديقة عمر المختار التي تناهى إلى مسامعنا أن هناك نزاعاً حولها مع احدى الجهات التي تدعي ملكيتها الأمر الذي حرم أهل الحي من الاستمتاع بها .. ولدى جولتنا ايضاً وجدنا أن ملاعب الأطفال مفتوحة وتحيط بها الشوارع العامة والطرقات من كل اتجاه، وهذا بحد ذاته يشكل خطراً على أرواح الأطفال أما المشهد الثالث فكان لعب كرة القدم في أوقات المساء وسط الحارات والأحياء الشعبية مما يحرم الأهالي من السكينة العامة والهدوء ويتحول الشارع إلى ملعب كرة قدم تختلط فيه الأصوات مع بعضها فتحدث ضجيجاً إلى أوقات متأخرة من الليل ولعل هؤلاء لم يجدوا الأماكن المناسبة لممارسة العابهم في ظل حالة الاهمال التي وصلت إليها المتنفسات العامة .. اسباب ذلك والمعالجات التي تعكف الجهات ذات العلاقة على تنفيذها نجدها في الأسطر التالية:
[c1]نحتاج إلى مواقع أكثر[/c]الأخ المهندس قائد راشد أنعم المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة وتحسين المدينة في محافظة عدن قال إن الأخ المحافظ احمد محمد الكحلاني عند وصوله إلى عدن لاحظ أن المحافظة تفتقر إلى الحدائق العامة والمتنزهات المناسبة، وكذلك الأمر بالنسبة لملاعب وملاهي الأطفال ولفت انتباهه عدم وجود ذلك العدد المفترض من الحدائق الكبيرة والواسعة والجميلة في آن واحد والتي تناسب حجم عدن ومكانتها ووضعها الاقتصادي والسياحي لتستوعب الكم الهائل من الزوار الذين يتدفقون على عدن ويرتادون هذه الأماكن لقضاء الإجازات والأعياد في أجواء فرائحية ممتعة على الرغم من أنه كانت هناك حدائق محددة فيها بعض الألعاب البسيطة وتم تأجيرها للمستثمرين، لكن للأسف لم تتحقق الأهداف التي وضعت لها في عقود التأجير ولم يستخدمها الناس ودخلنا في مشاكل ومهاترات مع هؤلاء المؤجرين لعدم التزامهم بالشروط القانونية المتفق عليها في العقود المبرمة معهم وأيضاً نواجه بعض الإرباكات عند تغيير المهام وتحديث الأقسام وتوزيعها بحسب الاختصاصات من منطقة إلى أخرى.ونحن نعمل حالياً جاهدين على إعادة ترتيب أوضاع الحدائق والمتنزهات العامة وقمنا بادراج هذه المشاريع في الميزانية العامة للدولة حيث سيتم تنفيذ مشروع إعادة تأهيل وتطوير عدد 13 حديقة قائمة من مجموع 24 حديقة في إطار محافظة عدن والعدد المتبقي وهو تسع حدائق يتم تشغيلها من قبل المستأجرين ومن بين الحدائق التي سيشملها المشروع عدد من المواقع التي كانت مؤجرة لمستثمرين ولم يلتزموا بتشغيلها وسنقوم بسحبها منهم وإعادة الحياة إليها من قبل صندوق النظافة وتحسين المدينة وتبلغ الكلفة الإجمالية للمشروع أكثر من 400 مليون ريال بتمويل محلي، ونود هنا أن نشكر الإخوة في الهيئة الإدارية للمجلس المحلي على وقوفهم إلى جانب هذا المشروع المهم والموافقة على تنفيذه وإحالته إلى الأشغال العامة حتى تستكمل الإجراءات الخاصة بانزال المناقصة وهناك قرار قد تم اتخاذه بهذا الصدد.[c1]متابعة وارشاد[/c]
ويواصل الأخ المهندس قائد راشد الحديث فيقول:وقد قمنا في الصندوق بإعداد التصورات والتصاميم اللازمة للحدائق التي سيعاد تأهيلها وبلغت كلفة الدراسة والتصاميم حوالي ستة ملايين ومئتي ألف ريال، ونود ان نوضح هنا أن لدينا قسماً خاصاً بمتابعة النظافة في الحدائق العامة بما فيها المؤجرة على القطاع الخاص والاهتمام بمستوى الخدمات المقدمة فيها ومدى الالتزام بأعمال التشجير ونوعية الألعاب المتوفرة والمحافظة على الأصول الخاصة بالمحافظة وإذا وجدنا أي تقصير نقدم الإرشادات اللازمة للمستثمرين وفي حال تواصل الاهمال سيتم سحبها منهم وبالنسبة لملعب الأطفال الواقع في منطقة القلوعة أمام مقبرة النصارى فأن قيادة المحافظة تنظر في هذه المشكلة ونأمل ان نجد الحلول المناسبة لها في أسرع وقت ولم نسمع بأن المستثمر ينوي بناء مركز تجاري آخر في الموقع المخصص لملعب وحديقة الأطفال والأمر نفسه ينطبق على الحديقة العامة الكائنة في المنطقة السكنية لحي عمر المختار التي سيعاد تشغيلها من قبلنا وقبلهم حسبما أكد لنا الأخ مدير عام مديرية الشيخ عثمان في لقائناً الأخير معه قبل يومين بالإضافة إلى اهتمام الصندوق بإعادة تشغيل وتطوير المتنزهات العامة وتوفير الخدمات الضرورية فيها فأنه لدينا الشرطة البيئية المكلفة بمهمة منع تناول القات وتدخين الشيشة والنارجيلة في هذه الأماكن لما تسببه من ازعاج للمرتادين تشويه واضرار بالنواحي الجمالية والبيئية كما ان هناك مجموعة "جروب فور" لحماية المواطنين من المضايقات المعاكسات وكذلك لدينا مهندس مختص مسؤول عن الأوضاع العامة للحدائق يتولى مهمة متابعة مستوى نظافتها وتشجيرها وتوفير عمال الخدمات للحفاظ على مكوناتها وممتلكاتها ومزاياها الجمالية.[c1]تحديد الأولويات[/c] وفي مديرية الشيخ عثمان التقينا الأخ علي عبدالمجيد مقبل الأمين العام للمجلس المحلي الذي أوضح لنا ان المديرية البالغ عدد سكانها نحو مائة ألف نسمة لا يتوفر فيها سوى أربع حدائق اثنتان منها في مركز المديرية وهما حديقتا النور والأفراح وفيها بعض الألعاب والمراجيح الخاصة بالأطفال للتسلية، لكن للأسف هي مهلة لان المستثمر لا يقوم بتشغيله وقد عزمنا من بداية العام الجاري 2007م على تجديد عقود المستأجرين لهذه الحدائق على أن تكون تابعة بصورة مباشرة لإشراف المجلس المحلي للمديرية وهو من يقوم بمراقبة أوضاعها والحديقتان الأخريان توجدان في منطقة عمر المختار، وقد اتخذت الهيئة الإدارية للمجلس المحلي في المديرية قراراً بإعادة تشغيل وتحديث الحديقة العامة في الحي السكني وكذلك الأمر بالنسبة لملعب الأطفال الواقع باتجاه بستان الكمسري الذي سيتحول إلى حديقة للأطفال فيها الألعاب الخاصة بهم وهي مدرجة ضمن 13 حديقة سيتم إعادة تأهيلها في المشروع الذي سينفذه صندوق النظافة وتحسين المدينة في المحافظة وقد قمنا قبل نهاية العام الماضي 2006م بتنفيذ حملة نظافة وإعادة تشجير وتعشيب الحديقة الكبيرة وهي الأن مغلقة وشبه مهجورة، لذا سيتولى المجلس المحلي للمديرية مع صندوق النظافة ومكتب الأشغال العامة مهمة إعادة تشغيلها على اعتبار أنها تقع ضمن الوحدة الإدارية لمديرية الشيخ عثمان ومن يدعي ملكيتها عليه إثبات ذلك عبر الأطر القانونية .. وإلى جانب هذه الحدائق الأربع هناك الحديقة الأكبر والأفضل وهي الملاهي وفيها مجموعة كبيرة من مختلف الألعاب وتعتبر المتنفس الذي يستوعب جميع الزوار من داخل المديرية والمحافظة وحتى القادمين إليها من الخارج وهذه الحديقة تابعة لمستثمرين وهم المعنيون ببقاء أبوابها مفتوحة والحفاظ على نظافتها ونحن الآن بصدد متابعة الحصول على المخطط العام للمديرية لتحديد المواقع الخالية التي يمكن الاستفادة منها في تحويلها إلى متنفسات عامة ولكن الأولوية الآن لتشغيل الحدائق والملاعب المهملة.[c1]اخفاق عدد من المستثمرين:[/c]وانتقلنا إلى مديرية التواهي وهناك التقينا بمديرها العام ـ رئيس مجلسها المحلي الأخ محمد حسن الشيخ الذي القينا عليه جملة من التساؤلات فأجاب عنها قائلاً:لاشك في أن المجلس المحلي في المديرية يولي اهتماماً كبيراً لما يتعلق بالمتنزهات والمتنفسات العامة وبالفعل استطعنا تحقيق عدد من النجاحات خاصة شواطئ وسواحل المديرية ومن أهم المكاسب في هذا الجانب إعادة تأهيل ساحل ATC المحاذي لمنطقة شاطئ رامبو وإعادة توزيع الخدمات على كورنيش جولدمور ويتم حالياً بناء حمامات بمستويات راقية في ذلك الموقع كما اننا نعكف منذ فترة طويلة على انتشال بقايا حطام ما يعرف بسفينة الموت التي كانت تتسبب في ازهاق أرواح عدد من مرتادي شاطئ العشاق وذهب ضحيتها حتى الآن (18) شخصاً ولم يتبق من بقايا حطام هذه السفينة إلا الجزء الأخير من قاع السفينة المغمور في الرمل ونستطيع ان نبشر رواد هذا الساحل بإمكانية مزاولة نشاطهم بكل راحة بعد ان تمكنا من توفير السلامة والقضاء على المخاطر التي كانت تمثلها هذه السفينة.أما فيما يخص الحدائق فالحقيقة اننا واجهنا مشكلة متكررة في تشغيل حديقة التواهي العامة بعد ان تغيرت وظيفتها وقد عمل المجلس على إعادة وظيفتها وتشغيلها كمتنفس عام إلا أن العائق الأكبر الذي يقف أمام مستأجري هذه الحديقة يتمثل في فواتير استهلاك المياه التي كانت تدفع فيما سبق من قبل الأشغال العامة ولكن بعد تسليمها للمستأجر اصبحت مسؤولية سداد الفواتير تقع على عاتقه بحسب شروط العقد وهي فواتير تجارية ووجود كمية كبيرة من الأشجار يجعل معدلات استهلاك المياه كبيرة وهنا يجد المستثمر صعوبة في الايفاء بهذه الالتزامات ولا يستطيع تحمل التكاليف المطلوبة لتشغيل الحديقة، لكن هناك دراسة تعد للخروج من هذه الإشكالية وذلك بتغيير وظيفة الحديقة إلى ملاهي خاصة وان هناك حديقة جديدة يتم في الوقت الراهن تنفيذ مشروعها في ساحة الجندي المجهول سابقاً، وهي بجوار الحديقة القائمة حالياً، وهي من المشاريع التي يقوم بتمويلها وتنفيذها برنامج تطوير مدن الموانئ.أما بخصوص اللغط القائم حول ملعب الأطفال في منطقة القلوعة فالحقيقة ان الموقع تم حجزه وتسويره من قبل الدولة لحمايته من البسط العشوائي ولم تكن هناك اصلاً حديقة أطفال وبعد ذلك تم إبرام عقد مع احد المستثمرين على إنشاء حديقة وملعب للأطفال في هذا الموقع وتم منحه فترة قانونية لإنجاز العمل في الحديقة وقد أخذت هذه المهلة بالنفاد ولدينا مخاطبات معه للإسراع بإنجاز المشروع ونتوقع ان تخرج الحديقة إلى النور في هذا العام 2007م وفي حالة عدم التزامه ستكون هناك إجراءات بسحب الموقع منه ونحن ننتهز الفرصة هنا لنناشد السلطة المحلية بتنفيذ قرارات سابقة لسحب مواقع ومتنفسات عامة تم منحها لمستثمرين ولم يقوموا بتنفيذ الشروط الواردة في عقود التأجير وهناك كثير من المواقع التي لازالت عبارة عن حجوزات وتعثرت فيها مشاريع إقامة خدمات عامة وتحويلها إلى منتزهات، من أهمها مشروع شاليهات في ساحل العشاق وقد صرف الموقع لمستثمرين في 1988م ولكن لحدوث خلاف بينهم لم يستكمل المشروع وهذه دعوة نوجهها إلى الجهات ذات العلاقة في المحافظة للنظر الجدي والوقوف أمام المشاريع الاستثمارية المتعثرة.
[c1]خلاصة واستنتاج[/c]مهما تكن ردود إجابات المسؤولين حول الاسباب الكامنة وراء تدهور أوضاع عدد من حدائق عدن ومتنفساتها العامة فان الأمر يتطلب الوقوف أمامه بحزم وجدية ونحن هنا نضم صوتنا إلى المطالبين بسحب المواقع التي لم يلتزم مستأجروها بشروط العقد ويعاد النظر في الخدمات المتوفرة فيها وحل إشكالية الفواتير حتى لا تبقى الأسرة ضحية هذه الإشكاليات ويحرم فلذات أكبادنا من الفرح والمرح الأمن.
حديقة التواهي
حديقة الاطفال القلوعة
كورنيش قحطان الشعبي