منبر التراث
[c1]آفاق واسعة للباحثين[/c]لا يختلف اثنان ، أن جامعة عدن تشهد يومًا بعد يوم تطورًا ملموسًا كبيرًا في مجال منهج البحث العلمي وذلك بفضل عناية واهتمام المسئولين الكبار فيها وعلى رأسهم الأستاذ والدكتور عبد الوهاب راوح رئيس جامعة عدن الذي يدرك أن من أهم أهداف الجامعة هي أن تصير أشعاع حضاري في اليمن وأن ذلك السبيل لن يتم إلا بعد تأسيس قاعدة صلبة للبحث الأكاديمي ، وبالفعل تمكنت الجامعة بتكاتف وتضامن هيئة التعليم على تكوّين أسس منهج البحث الأكاديمي ليفتح آفاق واسعة بلا حدود للباحثين والدارسين للبحث والتنقيب في مختلف العلوم الإنسانية . [c1]أخطر السنوات[/c]والحقيقة أن سبب تلك المقدمة عن البحث العلمي في جامعة عدن هو أنني أطلعت على كشاف فريد في بابه يضم في ثناياه الموضوعات المحلية والعربية والدولية المتنوعة والمختلفة في السياسة ، الاقتصاد ، الاجتماع ، والثقافة لصحيفة " فتاة الجزيرة " أول صحيفة صدرت في عدن سندريلة الإمبراطورية البريطانية حينئذ ــ كما كان ينعتها الساسة البريطانيين ــــ والكشاف يغطي مساحة زمنية تبدأ من سنة 1940م حتى 1945م . وهي فترة خمس سنوات تعد ـــ بحق من أهم وأخطر السنوات التي شهدتها عدن واليمن بل والعالم جميعًا حيث كانت سنوات الدمار والخراب وسحب الموت يخيم على كل مكان من العالم ونقصد بذلك الحرب العالمية الثانية التي ألقت بظلها الثقيل والبشع على عدن واليمن والجزيرة العربية . والحقيقة أن كشاف " فتاة الجزيرة " يعد مرجعًا هامًا من مراجع تاريخ عدن المعاصر بصفة خاصة واليمن بصفة عامة لكونها مرآة عكست تفاصيل الحياة السياسية ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، والفكرية التي كانت سائدة في فترة الأربعينيات . والحقيقة إذا كانت الحرب العالمية الثانية ألقت بظلها البشع على عدن وغيرها من مناطق اليمن ـــ كما قلنا في السابق ـــ ، فإنها أثرت تأثيرًا عميقاً في وجدان وتفكير الأمة وأيقظتها من سباتها العميق , وظهر على سطح مجتمع عدن فئة من المثقفين لعبوا دورًا غاية في الأهمية على الساحة الفكرية والسياسية حينئذ .[c1]كفاءات علمية رفيعة[/c]وكيفما كان الأمر ، فقد أصدرت جامعة عدن كشافاً يحمل عنوان : (( فتاة الجزيرة للأعوام 1940 ـــ 1945 )) . ولقد صدر الكشاف بمناسبة الاحتفال بذكرى المحامي محمد علي لقمان المحامي رائد حركة التنوير في اليمن . والحقيقة أن الكشاف يعطينا صورة واضحة وجلية على وجود كفاءات علمية مختصة في علم التوثيق والمكتبات في جامعة عدن على مستوى رفيع لا تقل كفاءة في الدرجة العلمية والخبرة العملية في ميدان علم المكتبات والتوثيق في الجامعات العربية العريقة مثل جامعة القاهرة وغيرها من جامعة البلدان العربية المتقدمة في ذلك المضمار الهام . [c1]معدو الكشاف [/c]وعلى أية حال ، فقد قام بإعداد كشاف " فتاة الجزيرة " للأعوام 1940 ـــ 1945م " مجموعة من الكفاءات في مجال علم المكتبات والتوثيق هم الأخوين عبد الله محمد بامطرف ، وأمين محمد علي , وبشرى سعيد هيثم ، وأسرار صالح عبد الله ، والذين بذلوا جهودًا طيبة في سبيل إخراج هذا الكشاف الفريد في بابه ــ كما أشرنا في السابق ــــ بصورة مشرقة ومشرفة . والحق يقال ، أن الباحث في إمكانه الحصول على المعلومة أو المعلومات السياسية ، الاجتماعية ، الثقافية من الكشاف بسهولة ويسر وبسرعة في وقت واحد ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على نجاح من أعدوا ذلك الكشاف الخاص بــــ " فتاة الجزيرة " الذي غطى خمس سنوات من 1940 حتى 1945م ـــ كما ذكرنا ـــ . [c1]شمعة مضيئة[/c]والحقيقة أن هؤلاء جميعًا كان لهم دور كبير في أعداد ذلك الكشاف الرائع ولكن من أبرزهم هو الأستاذ عبد الله محمد بامطرف مدير إدارة التوثيق في مركز البحوث والدراسات اليمنية بجامعة عدن الذي تتلمذ على يد المؤرخ الكبير مؤرخ عدن الأستاذ عبد الله محيرز في مجال المكتبات والتوثيق من ناحية وأكتسب خبرة عميقة وواسعة في ذلك الفن الراقي والصعب في آن واحد من ناحية ثانية وفضلاً عن ذلك نال دبلوم في علم المكتبات والتوثيق لمدة عامين من العراق الشقيق كل تلك المؤهلات العلمية والخبرة العملية جعلته من القلة النادرة المختصة في علم المكتبات والتوثيق . ولقد أعد كشافاً في سنة 1999م تحت عنوان (( فهرس مكتبة مركز البحوث والدراسات اليمنية )) تعطينا صورة كبيرة عن قدرته الكبيرة في علم المكتبات والتوثيق . ويجب أيضًا أن نحيي الأستاذ الدكتور جعفر الظفاري مدير مركز البحوث والدراسات اليمنية بالجامعة على عنايته الكبيرة بالكشافات لكونها تعد اللبنة الأولى والأساسية في كتابة التاريخ السليم الذي يقوم على الشرح والتفسير ، والتحليل العميق . وعلى أية حال ، فلهم كل الشكر والتقدير الكبيرين لهؤلاء الذين أعدوا كشاف " فتاة الجزيرة " بشكل يدعو إلى الإعجاب الذين كانوا يقلبون صفحات " الفتاة " بهدوء وتركيز بعيدًا عن الضوضاء والضجيج المفتعل . لسنا نبالغ إذا قلنا أن هؤلاء الموثقين أشبه بشمعة مضيئة تضيء للطلاب والدارسين طريق منهج البحث للبلوغ إلى الحقيقة التاريخية . والحقيقة أن ذلك الكشاف بمثابة وردة على صدر " فتاة الجزيرة " أول صحيفة صدرت في ثغر عدن.مع رئيس جامعة عدنولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد ونشد على يد الأستاذ والدكتور أحمد علي الهمداني الذي بذل جهودًا قيمة في إخراج هذا الكشاف الرائع إلى حيز الوجود الثقافي ليسد ثغرة كبيرة في رفوف المكتبة اليمنية التي تحتاج مثل ذلك الكشاف التاريخي العلمي . و نقدر أيضاً تقديرًا عاليًا المبدعة أمل عوض محمد على طباعة وتنضيد ذلك الكشاف بصورة غاية في الوضوح والجمال . وأولا وقبل كل شيء تحياتنا إلى رئيس جامعة عدن الأستاذ الدكتور عبد الوهاب راوح الذي نفخ روح جديدة من النشاط والحيوية في الحياة العلمية بالجامعة .