أضواء
أمل زاهدحسب مقالة الزميل اللامع تركي الدخيل الأسبوع الماضي ( احرقوا النوادي الأدبية )، على النوادي الأدبية أن تقدم فروض الولاء والطاعة للمتطرفين، ثم تبوس القدم وتبدي الندم على صعقها لهم وتحديها لمشاعرهم بأمسية شعرية، تلقي فيها شاعرة قصائدها عن طريق الدائرة التلفزيونية دون أن يلمح طرفها رجل ! على النوادي الأدبية أيضا اعتزال الأدب والسرد، والابتعاد عن تحليل الخطابات النقدية الثقافية، أو عرض الأفلام السينمائية الهادفة إكراما لعيون المتطرفين وحرصاً على مشاعرهم، وتهدئة لبراكين غضبهم الجامح الذي من الممكن أن يأتي على الأخضر واليابس ! والحذر ثم الحذر أن يتضمن البرنامج الثقافي محاضرة نقدية عن مفكر بحجم ( نعومي تشومسكي ) مشهود له بإنصاف القضايا العربية، ومعروف بمناهضته لسياسة الاستبداد والهيمنة الأمريكية!. فسيرة الغرب (الكافر) تستفز مشاعر المتطرفين وتستنهض هممهم لإحراق النوادي وتدميرها ، وعلينا أن نطأطئ الرأس ونطوع فعاليات أنديتنا الأدبية لتخضع لمقولات التشدد والتنطع والغلو ! الحذر ثم الحذر أيضا من تضمين الفعاليات الثقافية اسما لمحاضرة نقدية تناقش خطاب فيلسوف غربي (كافر) ، فمن تفلسف فقد تزندق وجدف وأتى بأس المنكرات وأنكاها ! أما أمسية عن الفن التشكيلي ومدارسه فقد تقضي ليس فقط على النادي ، ولكن على الشارع والحي اللذين ابتليا بوجود النادي الأدبي فيهما ، فقد يشمل الرسم تصوير ذوات الأرواح متحديا بذلك الخالق جل وعلا ! لذا على النوادي الأدبية تحجيم نشاطاتها المستفزة لتكون صمام أمان يكبح جماح غضب المتطرفين ، وتخصيص فعالياتها في تاريخ المنطقة وزراعة المنطقة وتجارة المنطقة وأمطار المنطقة والثروة الحيوانية للمنطقة وعادات المنطقة وخصوصية المنطقة ! ويا حبذا لو ساهمت النوادي الأدبية في طباعة ونشر سرديات ما يسمى بالأدب الإسلامي ، بتجلياته الوعظية ووظائفه النفعية !المطالبات ستتبعها مطالبات ، وفكر الوصاية والرقابة لن يرضيه إلا المزيد والمزيد من التنازلات ، ولن يقف في وجهه سد إذا ما فتح الباب له ليحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة من الفعاليات الثقافية ! فليس هناك سقف يحد مطالب وأوامر ونواهي فكر التطرف والغلو بخطابه الأحادي الذي يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة ! فالمتطرف يرى الأمور بمنظاره الخاص القائم على الارتياب والتشكك في النوايا والضمائر، وكثيرا ما يجمح به إلى التبديع والتفسيق وصولا إلى هدر دم من تسول له نفسه التصريح برأي فقهي مغاير لما يريد في الأمور الخلافية ! وللمتطرف المتنطع أيضا واقعه الخاص البديل ، وما يراه كثير من الناس تلقائيا وعفويا يخضعه هو لواقعه ومقاييسه الخاصة ليحرم ويجّرم ويصدر الأحكام ! فالثقافة فعل إدانة في مقياس المتطرفين ، والمثقف مدّان حتى قبل أن تؤخذ أقواله ويسمع منه ، ويكفي اقتطاع رأي له من سياقه ليرديه في غياهب التغريب والعلمنة والتكفير ثم استباحة الدم !والخلاصة أن فكر الإرهاب والتكفير والتحريق وهدر دماء المسلمين لا يمكن القضاء عليه إلا بفكر يناهضه ويفكك مقولاته ، أما مهادنته والخضوع لوصايته والاستجابة لابتزازه فلن يؤدي بنا إلا إلى الدمار الشامل !.[c1]عن / صحيفة ( الوطن ) السعودية[/c]