[c1]د.شروق الفواز* [/c]تعتزم السعودية إصدار نظام جديد لمكافحة ظاهرة فوضى الفتاوى الشرعية طبقا لما ذكرته بعض الصحف وما تناقلته مصادر أخرى ، والهدف من هذا النظام هو ضبط عملية الفتوى والتي قد يتصدى لها من ليس أهلا لها طبقا لقناعاته الشخصية او اهوائه فيتساهل في اصدارها دون الرجوع لقواعد الفتوى الأربع أو الالتزام بها مما قد يقودنا أو لعله قد فعل إلى تحليل الحرام وتحريم الحلال! هذه الخطوة التي تعتزم الحكومة القيام بها وإن بدت صعبة جدا الا انها الأهم لأنها تمثل صمام الأمان للمجتمع السعودي الذي يتميز بتدينه وبتقديره وتمسكه بالفتاوى التي تصدر وتتصدى لمعظم شؤون حياته المادية والمعنوية الاقتصادية والاجتماعية .وهذا الالتزام والانقياد لهذه الفتاوى يجعل لها أهمية قصوى تجعل منها مرتكزا ومحورا للمجتمع يتحرك معها ويتبعها في ثباتها وانحرافها. فلا يخفى علينا الأثر الكبير الذي كان لبعض الفتاوى التكفيرية التي أباحت لشباب مندفع متحمس لتطبيق تعاليم دينه قتل الأبرياء واستباحة دمائهم والشروع في تدمير ممتلكات ومنشآت وطنه بل ومحاولة العبث بمصادرها التنموية والاقتصادية. والأثر الآخر الذي تحدثه بعض الفتاوى الاقتصادية التي تبيح التعامل مع بعض البنوك وتحريم الأخرى او المساهمة وشراء الأسهم في شركات دون أخرى طبقا لفتاوى تثبت نقاء هذه الشركة من غيرها والتناقض والتضارب في الفتاوى الذي قد يصاحبها والتحول المدهش الذي تحدثه في عملية الشراء والاكتتاب التي تلعب دورا مهما في الدورة المالية في السوق السعودي وبالتالي اقتصاده. أما التكتلات الفكرية التي تبحث لها عن صدارة وقوة في المجتمع فإنها تلجأ لذلك من خلال استخدامها لهذا السلاح الفعال الذي تستطيع معه تحريك عواطف مجتمع بأكمله فتدعوه وتستحثه لحملات من المقاطعة قد يكون لها أهدافها النبيلة وقد يكون لها أهداف أخرى تصب لمصلحة فئة معينة على حساب أخرى خططت لها وسعت لجني أكبر فائدة منها . إن مجرد استعراض بسيط لهذه الصور التي تكون فيها الفتوى المحرك الرئيس لها والعنصر المحفز والمستقطب لمزيد من المنقادين لها المؤمنين المتحمسين لها، يظهر لنا بشكل قاطع الأهمية الكبرى التي يقوم عليها هذا المشروع والذي جاء متأخرا جدا وبتأخره أتاح لكثير من قناصي الفرص للصعود من خلاله واكتساب نجومية اسبغتها عليهم فتاواهم المتعددة. إن أي مستعرض للساحة الدينية الآن ومطلع على كثير من البرامج الدينية التي تبثها القنوات الفضائية المختلفة لابد وأن يدرك حجم المأساة وهو يرى أناسا تتنقل عبر هاتفها من قناة لأخرى لتبحث لها عن محلل لفعلها ومؤيد لها، لترمي عليه وزرها فتبرر عملها بفتوى الشيخ فلان! يجب ان يكون هذا النظام من القوة والكفاءة بالشكل الذي يستطيع فيه احكام القبضة والسيطرة على هذا المنفذ الحساس حتى لا ينفذ منه من لا يخاف الله ويسعى لتحقيق مآربه مستغلا علمه واطلاعه الديني في تحريك وتوجيه من هم أقل منه علما وثقافة دينية. كما نتمنى من القائمين على هذا المشروع الوطني الحساس أن ينتبهوا للحساسية المفرطة والولاء الكبير الذي يظهره البعض في اتباع بعض الفتاوى المضللة فيكون في نظامهم الذي يعتزمون اصداره مساحة وافرة لتصنيف المتصدين للفتوى واظهار درجاتهم ومجال اختصاصهم مثلما هو الأمر في التخصصات الأخرى فهل تقبل الناس من طبيب بيطري أن يتصدى للاجابة على تساؤلات حول أمراض ليست من اختصاصه من امراض بني الانسان . أو من مهندس كيميائي أن يبدي رأيه في تخطيط المدن أو في العمارة والبنيان. فجهل الكثير من الناس بالتخصصات الدينية تجعلهم يرون في كل من هو دارس لعلوم الدين القدرة على الافتاء.* نقلا عن صحيفة" الرياض" السعودية
فوضى الفتاوى وفتوى الشيخ فلان!
أخبار متعلقة