أنقرة/جاريث جونز: ينتخب الأتراك برلمانا جديدا الأحد المقبل في واحدة من أهم العمليات الانتخابية في تاريخهم الحديث في أعقاب صدام بين حزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الجذور الإسلامية والنخبة العلمانية في تركيا. ويتوقع كثيرون أن يفوز حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إلى يمين الوسط ويميل إلى منح امتيازات لرجال الأعمال بالانتخابات ولكن بغالبية أقل من تلك التي يتمتع بها وبأقل كثيرا من أغلبية الثلثين اللازمة لتغيير الدستور. وساعد هذا السيناريو الأسواق المالية التركية على الارتفاع إلى مستويات قياسية هذا الشهر. ويشيد المستثمرون بسياسات السوق الحرة لحزب العدالة والتنمية لكنهم يخشون إمكانية أن يشعل حصول الحزب على أغلبية كبيرة في الانتخابات فتيل التوترات مرة أخرى مع العلمانيين بما في ذلك المؤسسة العسكرية التركية القوية. ويراقب الاتحاد الأوروبي الذي بدأ مفاوضات العضوية مع تركيا عام 2005 الانتخابات هو الآخر عن كثب آملا أن يكون بإمكان حكومة جديدة إحياء عملية الإصلاح المعطلة في البلاد. وقال وولفانجو بيكولي المستشار بمجموعة أوراسيا لتقييم المخاطر السياسية “هذه الانتخابات لن تستطيع حل الأزمة المؤسسية ... كل ما في الأمر هو تأجيل مشكلات تركيا.” واضطر رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان للدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل موعدها بأشهر بعد أن عرقلت النخبة العلمانية المؤلفة من الجيش وكبار القضاة وأحزاب المعارضة مساعيه لانتخاب البرلمان وزير الخارجية عبد الله جول رئيسا مقبلا للبلاد. ويتعين على البرلمان القادم أن ينتخب الرئيس القادم لتركيا. ويخشى العلمانيون أن يكون إردوغان وجول اللذين لهما جذور إسلامية يريدان الانتقاص من الفصل الحاد في تركيا بين الدولة والدين وهو ادعاء نفاه كلا الرجلين. ومن شأن فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية الثلثين أو أكثر في البرلمان الجديد أن تمكنه من تعديل دستور تركيا العلماني ومن إنجاح مرشحه للرئاسة دون الالتفات لبواعث القلق التي تعتري المعارضة. وفي محاولة لتهدئة مخاوف العلمانيين والتواصل مع الطبقة المتوسطة الحضرية في تركيا أقصى إردوغان كثيرا من ذوي الميول الإسلامية القوية من نواب البرلمان عن حزبه وزاد من المرشحين من النساء ومرشحي الوسط في الانتخابات الجارية. كما لمح إردوغان إلى إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن مسألة الرئاسة المعقل التقليدي للعلمانيين. وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يفوز بنحو 40 في المئة من أصوات الناخبين وهي نسبة تزيد على ما حققه الحزب في انتخابات عام 2002 حينما فاز بنحو 34 في المئة. لكن ذلك سيسفر على الأرجح في نهاية المطاف عن فوز الحزب بعدد أقل من المقاعد في البرلمان لأن من المتوقع أن يتخطى عدد أكبر من الأحزاب هذه المرة عتبة العشرة في المئة من الأصوات اللازمة لدخول البرلمان. ومن المتوقع أيضا أن تفوز المعارضة الرئيسية وهي حزب الشعب الجمهوري المنتمي إلى يسار الوسط وحزب الحركة القومية اليميني المتطرف وعدد كبير من المستقلين وأغلبهم مرشحون مؤيدون للأكراد بمقاعد في البرلمان المؤلف من 550 عضوا. وقالت آيس أياتا الأستاذ بجامعة الشرق الأوسط للتقنية بأنقرة “سيكون برلمانا ذا أقطاب. “سيكون من الأفضل من بعض الوجوه تشكيل حكومة ائتلافية لأن ذلك سيساعد في تخفيف حدة الاستقطاب.” ويحق لنحو 42.5 مليون تركي الإدلاء بأصواتهم من بين سكان تركيا البالغ عددهم 74 مليون نسمة. وسيدلي أربعة ملايين من الشبان بأصواتهم للمرة الأولى في انتخابات وطنية. وإلى جانب الصدامات بين حزب العدالة والتنمية وعلمانيي حزب الشعب الجمهوري يتوقع محللون صدامات أخرى حادة بين النواب الأكراد الساعين إلى مزيد من الحقوق لمجتمعاتهم وغلاة القوميين من حزب الحركة القومية الذين يعتبرون أن تلك المطالب تهديد مباشر للأمن القومي والهوية التركية. وقال محمد علي بيراند وهو معلق تلفزيوني مخضرم “البرلمان الجديد سيكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الأتراك والأكراد على التوصل إلى توافق (حول كيفية حل المسألة الكردية).” وتخوض قوات الأمن التركية معركة مع متمردين انفصاليين أكراد في المنطقة الجنوبية الشرقية الفقيرة من البلاد منذ عام 1980 في صراع حصد أرواح ما يربو على 30 ألف شخص. والثابت أنه في ظل المناخ القومي الراهن صار موضوع الإرهاب مهيمنا على السباقات الانتخابية. لكن الساسة لم يتطرقوا إلا قليلا لمحاولة تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما يعكس عدم الرضا الشعبي هنا عن مشروع الاتحاد الأوروبي.
الحزب الحاكم في تركيا مرشح للفوز بالانتخابات وسط توترات
أخبار متعلقة