من فعاليات ندوة عن الفكر في التاريخ اليمني أمس
صنعاء / سبأ:دشنت المنظمة اليمنية للثقافة أمس في رواق مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء أولى فعاليات برنامجها الثقافي بندوة حول أنساق الكلام والفكر في التاريخ اليمني. وفي التدشين قدم المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح رؤية تطبيقية عن الاختراق المهم الذي حققه الشاعر المعاصر في الإبداع الشعري في اليمن من خلال إشارات سريعة إلى ما تحقق من اختراق للنسق القديم في بناء القصيدة وتحولها من البيتية إلى نظام التفعيلة ثم إلى قصيدة النثر ليس في الشكل فحسب وإنما في المعنى والموقف أو بعبارة أخرى في الرؤية وطريقة التعبير .ولفت إلى ما يرتبط بهذا التغيير النسقي من تأكيد على معنى حرية الاختيار وعدم الاستسلام للأنساق التقليدية سواء من حيث مفاهيم البنية أو النظام أو من حيث الوظيفة والتعبير .وأشار الدكتور المقالح إلى نجاح هذا الاختراق في الخروج من الدائرة القطرية الضيقة والمحدودة إلى التواصل مع الحركة الشعرية العربية بتياراتها واتجاهاتها وتأثراتها ومؤثراتها ووصلها بالحركات التحررية في هذا البلد وعلاقة كل ذلك بالثقافة العربية عبر أنساقها الكلامية المختلفة .واستشهد بنماذج لشعر عدد من الرواد في هذا المجال الذين حاولوا التجديد واختراق الأنساق المادية والمعنوية السائدة ومنهم أحمد محمد الشامي ، وإبراهيم الحضراني ، ولطفي جعفر أمان .وقال الدكتور المقالح : إن النزوع الواضح في أشعار هؤلاء المجددين إلى الاقتراب المبكر من قصيدة النثر لا يعد خروجاً عن النسق السائد فحسب بل دعوة إلى تأسيس نسق مغاير ومختلف في الشكل والأداء واختراق متقدم للسمات الراسخة في الكتابة الشعرية وما تعارفت المؤسسة الشعرية على تبنيه وحماية قواعده .ولفت إلى أن قصائد الحضراني ورفاقه كانت في إطار محاولة القيام بالثورة الدستورية في أربعينيات القرن المنصرم في ذلك المناخ المتخلف الذي يعد في حد ذاته محاولة لتغيير نسق الحياة وتغيير العلاقات ليس في تبديل من يتولى السلطة وإنما في التوجه الاجتماعي والسياسي وما يحمله من دلالات.فيما حقق الشاعر لطفي جعفر أمان ريادة في كتابة القصيدة بشكلها القائم على نظام التفعيلة والخارج عن نطاق الإيقاع المباشر والتفعيلة في قصائد يعود تاريخ بعضها إلى أواخر الأربعينيات .وتطرق الدكتور المقالح إلى ما شهدته الحركة الشعرية بعد تلك المحاولات خاصة بعد أن أصبح التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي جاءت به الثورة إطاراً يقوي حركة النسق باتجاه التحديث وانطلاق القصيدة من أسر التقاليد القديمة بما في ذلك القصيدة التي حافظت على البنية التقليدية كالقصائد الأخيرة للشاعر الكبير عبدالله البردوني.وفي الندوة التي أدارها علي صالح الجمرة استعرض الدكتور عمر عبدالعزيز وعبدالباري طاهر لمحة تاريخية حول علم الكلام والاختلافات التي ظهرت بين الفرق كالاشاعرة والحنابلة والمعتزلة وغيرها نظراً للاختلاف حول الثنائيات التصادمية الصغيرة وموقف تلك الفرق وصراعها حول العلاقة بين العقل والنص.وأشارا إلى استمرار الخلاف حول ماهية الكلام وتحوله إلى شكل من أشكال الفلسفة وتأثره بالثقافات الأخرى نظراً لاتساع رقعة الدولة. الإسلامية وتطور هذا الخلاف بين فرق الحاضر وتمترس كل فريق بآرائه وهو ما ينبغي الوقوف أمامه بجدية .