الــكـعبـة الـمــشـرفـة
إعداد / مركز المعلوماتفي ذي الحجة، سنة 6 من البعثة النبوية، أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، قال ابن إسحاق: مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه ونال منه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد، وكانت مولاة لعبد الله بن جعدان في مسكن لها على الصفا، تسمع ما يقول أبو جهل، وأقبل حمزة من القنص متوشحًا قوسه، وكان يسمى: أعز قريش. فأخبرته مولاة ابن جدعان بما سمعت من أبي جهل، فغضب، ودخل المسجد، وأبو جهل جالس في نادي قومه، فقال له حمزة: يا مصفر ، أ تشتم ابن أخي وأنا على دينه؟ ثم ضربه بالقوس فشجه، فثار رجال من بني مخزوم، وثار بنو هاشم، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا. فعلمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز، فكفوا عنه بعض ما كانوا ينالون منه.وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: إما عمر بن الخطاب. أو أبي جهل بن هشام". فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر رضي الله عنه: لم سميت الفاروق؟ فقال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، ثم شرح الله صدري للإسلام، وأول شيء سمعته من القرآن ووقر في صدري (الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى)، فما في الأرض نسمة أحب إليَّ من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عنه؟ فقيل لي: هو في دار الأرقم. فأتيت الدار، وحمزة في أصحابه جلوسًا في الدار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ فقالوا: عمر.فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بمجامع ثيابي، ثم نترني نترة لم أتمالك أن وقعت على ركبتي، فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا أو حيينا؟ قال: "بلى". فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن. فخرجنا في صفين، حمزة في صف، وأنا في صف، حتى دخلنا المسجد، فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق. قال صهيب: لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حِلقًا، فطفنا واستنصفنا مما غلظ علينا.بيعتا العقبةبيعة العقبة الأولى: في ذي الحجة، سنة 12 من البعثة النبوية، وافى موسم الحج من أهل يثرب اثنا عشر رجلا، فلقوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة، فبايعوه على الإسلام، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب، وسميت هذه البيعة ببيعة العقبة الأولى.وكان من رجال البيعة الأولى من بني مالك بن النجار أبو أمامة أسعد بن زرارة، وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة، وهما ابنا عفراء، ومن بني زريق بن عامر رافع بن مالك بن العجلان.بيعة العقبة الثانية: بعد بيعة العقبة الأولى، ذهب سفير الإسلام مصعب بن عمير إلى يثرب، ونشر الإسلام في بعض بيوتها، ثم رجع إلى مكة، وفي ذي الحجة سنة 13 من البعثة النبوية، خرج الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك، حتى قدموا مكة، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة من أوسط أيام التشريق،قال كعب بن مالك: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا إليَّ منكم اثنى عشر نقيبًا؛ ليكونوا على قومهم بما فيهم"، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا؛ تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. قال كعب: وكان أول من ضرب على يد (بايع) رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور، ثم بايع بعده باقي القوم، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب المنازل، هل لكم في مذمم والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا أزب العقبة، هذا ابن أزيب". قال عبادة بن الصامت، وكان أحد النقباء: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.وقد بايعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بالعقبة الثانية، من الأوس والخزرج، ثلاثة وسبعون رجلا، وامرأتان من الأوس.غزوة السويقفي ذي الحجة سنة 2 هـ، وقعت غزوة السويق، بين المسلمين ومشركي مكة، وسبب هذه الغزوة أن المشركين عندما عادوا مهزومين إلى مكة، نذر زعيم قريش أبو سفيان بن حرب أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدًا صلى الله عليه وسلم، فخرج في مائتي فارس من قريش ليبر يمينه، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له: "ثيب" قريب من المدينة، ثم خرج في الليل حتى أتى بني النضير، فأتى حيي بن أخطب، فضرب عليه بابه، فأبى أن يفتح له بابه، وخافه، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك، فاستأذن عليه، فأذن له، واستضافه، وأخبره خبر الناس، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالا من قريش إلى المدينة ،فأتوا ناحية منها ،يقال لها "العريض" ،فحرقوا النخل الذي بها، ووجدوا بها رجلا من الأنصار، وحليفًا له في حقل لهما، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم، وجعل على المدينة بشير بن عبد المنذر أميرًا، وهو أبو لبابة، وخرج حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم انصرف راجعًا وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، وقد رأوا أزوادًا من أزواد القوم، قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء، فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟__ قال:__ "نعم". قال ابن هشام: وإنما سميت غزوة السويق؛ لأن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق، فهجم المسلمون على سويق كثير، فسميت غزوة السويق. وفاة عثمان بن مظعونفي ذي الحجة سنة 2 هـ، توفي الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن منهم بالبقيع.وهو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، أبو السائب الصحابي، الجمحي القرشي. ولد في مكة المكرمة في الجاهلية، وكان يحرم الخمر، أسلم مبكراً قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة، ثم رجع إلى مكة وكان أذى قريش قد اشتدّ على المسلمين، فدخل في جوار الوليد بن عتبة ليحميه، فكان يروح ويغدو آمناً، ثم إنه ردّ جوار الوليد، واختار جوار الله سبحانه وتعالى، فبينما هو جالس مع الشاعر لبيد بن ربيعة العامري، في فناء الكعبة وهو ينشد قريش شعرًا قوله: ألا كلّ شيءٍ ما خلا الله باطل. فقال عثمان: صدقت. فقال لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل. فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول، فاستعدى عليه لبيد قريشًا، فقام رجل فلطمه على عينه فآذاه، فقال له الوليد: فقد كنت في ذمة منيعة، فقال عثمان: بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في الله، ثم أنشد:فإن تك عيني في رضا الربّ نالها ++++ يـدا ملحـد في الدين ليس بمهتدفقد عـوّض الرحـمن منها ثـوابه ++++ ومن يرضه الرحمـن يا قوم يسعدوهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية فجمع الهجرتين، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا.وكان عثمان رضي الله عنه عابدًا، متشددًا في عبادته، يصوم النهار، ويقوم الليل، فجاءت امرأته إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وشكت إليهن ذلك، فذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلقي عثمان وقال: "أما لك بي أسوة؟"، فقال عثمان: بلى جعلني الله فداك، فقال: "إن لعينيك عليك حقاً، وإن لجسدك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فصلّ ونم، وصم وأفطر".وقد توفي رضي الله عنه في السنة الثانية للهجرة، وقيل على رأس ثلاثين شهراً، في السنة الثالثة، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقبله ميتاً، حتى رؤيت دموعه تسيل على خد عثمان، وقال له:"رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا وما أصابت منك".سرية ابن عتيكليلة الاثنين، في وقت السحر، لأربع خلون من ذي الحجة سنة 5هـ، خرجت سرية إسلامية بقيادة عبد الله بن عتيك، متوجهة إلى خيبر؛ لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي؛ لشدة عداوته ومحاربته للمسلمين، وتشجيعه لقبائل العرب واليهود على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن أنيس: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة ، والأسود بن خزاعي، ومسعود بن سنان. فانتهينا إلى خيبر، وقد كانت أم عبد الله بن عتيك بخيبر يهودية أرضعته، فبعث عبد الله إلى أمه فأعلمها بمكانه، فخرجت إلينا بجراب به تمر وخبز، فأكلنا منه، ثم قال لها: يا أماه إنا قد أمسينا، بيتينا عندك فأدخلينا خيبر. فقالت أمه: كيف تطيق خيبر وفيها أربعة آلاف مقاتل؟ ومن تريد فيها؟ قال: أبا رافع. فقالت: لا تقدر عليه. قال: والله لأقتلنه أو لأُقتَلن دونه قبل ذلك. فقالت: فادخلوا عليَّ ليلا في خمر الناس، فإذا هدأت الرِّجْل فاكمنوا، ففعلنا، ودخلنا عليها، ثم قالت: إن اليهود لا تغلق عليها أبوابها خوفًا أن يطرقها ضيف، فيصبح أحدهم بالفناء ولم يضف، فيجد الباب مفتوحًا فيدخل فيتعشى. فلما هدأت الرِّجْل قالت: انطلقوا حتى تستفتحوا على أبي رافع، فقولوا: "إنا جئنا لأبي رافع بهدية"، فإنهم سيفتحون لكم. ففعلنا ذلك، ثم خرجنا لا نمر بباب من بيوت خيبر إلا أغلقناه، حتى أغلقنا بيوت القرية كلها، حتى انتهينا إلى قصر سلام، فصعدنا، وأمامنا عبد الله بن عتيك، لأنه كان يتكلم باليهودية، ثم استفتحنا على أبي رافع، فجاءت امرأته، فقالت: ما شأنك؟ فقال عبد الله بن عتيك: جئت أبا رافع بهدية. ففتحت له، فلما رأت السلاح أرادت تصيح، فازدحمنا على الباب، أينا يبدر إليه، فأرادت أن تصيح، فأشرت إليها السيف، فسكنت، ثم قلت لها: أين أبو رافع؟ وإلا ضربتك بالسيف؟ فقالت: هو ذاك في البيت. فدخلنا عليه، فما عرفناه إلا ببياضه كأنه قطنة ملقاة، فعلوناه بأسيافنا، فصاحت امرأته، فهمَّ بعضنا أن يخرج إليها، ثم ذكرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن قتل النساء، فلما انتهينا إليه قتلته بسيفي، وجعل القوم يضربونه جميعًا، ثم نزلنا، فصاحت امرأته، وتصايح أهل الدار بعد ما قُتِل، واختبأنا في بعض مناهر خيبر، فخرج ثلاثة آلاف من اليهود في آثارنا، يطلبوننا بالنيران في شعل السعف، ولربما وطئوا بجانبنا، فلا يرونا، فمكثنا في مكاننا يومين حتى سكن عنا الطلب، ثم خرجنا مقبلين إلى المدينة، كلنا يدعي قتله، فقدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، فلما رآنا قال: "أفلحت الوجوه" فقلنا: أفلح وجهك يا رسول الله. قال: "أقتلتموه؟" قلنا: نعم. وكلنا يدعي قتله، قال: "عجلوا عليَّ بأسيافكم". فأتينا بأسيافنا، ثم قال: "هذا قتله، هذا أثر الطعام في سيف عبد الله بن أنيس".مولد إبراهيم بن رسول اللهفي شهر ذي الحجة سنة 8هـ، ولد إبراهيم بن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من السيدة مارية المصرية، فأعتق محمد صلى الله عليه وسلم ماريا ولدها، وكانت ولادته في منطقة العالية (العوالي) في المكان الذي سمي فيما بعد ((مشربة أم إبراهيم))، وكانت قابلتها سلمى مولاة النبي، امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع النبي ، فوهب له عبدًا، فلما كان يوم سابعه عق عنه بكبش وحلق شعر رأسه وتصدق بوزنه فضة على المساكين، ودفنوا شعره في الأرض، وسماه الرسول عليه السلام إبراهيم على اسم جده الخليل إبراهيم عليه السلام، ثم سلمه إلى أم بردة بنت المنذر الأنصارية زوجة البراء بن أوس لترضعه ووهب لها قطعة من النخل، فكانت ترضعه وتعيده إلى أمه.لما بلغ ستة عشر شهرًا، على أغلب الروايات، مرض إبراهيم فأتاه محمد صلى الله عليه وسلم وهو في حضن أمه يحتضر، فأخذه في حجره وقال: "يا إبراهيم إنَّا لا نغني عنك من الله شيئًا"، ولما مات دمعت عينا الرسول وقال: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون" [متفق عليه] ثم قال: "إن له مرضعًا في الجنة تتم رضاعته" [رواه مسلم].وكان موته في السنة العاشرة للهجرة، ودفن في البقيع ، ووافق موت إبراهيم كسوف الشمس، فقال قوم: إن الشمس كسفت لموته، فخطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله عز وجل" [متفق عليه].حجة الوداعفي ذي الحجة سنة 10 هـ كانت حجة الوداع، حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه كبار الصحابة، وجمع غفير من المسلمين، وخرج معه من كان حول المدينة وقريبًا منها، وخرج المسلمون من القبائل القريبة والبعيدة، حتى لقوه في مكة، وفي منى، وعرفات، وجاء علي بن أبي طالب من اليمن مع أهل اليمن. فأرى صلى الله عليه وسلم الناس مناسكهم، وعلمهم سنن حجهم، وهو صلى الله عليه وسلم يقول لهم ويكرر عليهم: "أيها الناس خذوا عني مناسككم، فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا". ولما كان بمنى خطب الناس خطبته العظيمة، "فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، وكل ربًا موضوع، وأول ربًّا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب؛ فإنه موضوع كله، وإن كل دم في الجاهلية موضوع وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لم تضلوا - كتاب الله - وأنتم مسئولون عني، فما أنتم قائلون؟" قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت. فجعل يرفع أصبعه إلى السماء، وينكبها إليهم، ويقول: "اللهم اشهد" ثلاث مرات.وكانت هذه الحجة تسمى "حجة الوداع" لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها، فلما انقضى حجه رجع إلى المدينة. فأقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة والمحرم وصفر.وفاة عمر بن الخطاب في فجر الأربعاء السادس والعشرين من ذي الحجة سنة 23 هـ، كان الفاروق عمر يصلي بالمسلمين كعادته، فاخترق "أبو لؤلؤة المجوسي" صفوف المصلين شاهرًا خنجرًا مسمومًا، وراح يسدد طعنات غادرة على الخليفة العادل "عمر بن الخطاب"، فسقط أمير المؤمنين مدرجًا في دمائه، وقد أغشي عليه، وقبل أن يتمكن المسلمون من القبض على القاتل طعن نفسه بالخنجر، فمات من فوره، وبعد أيام فاضت روح "عمر" بعد أن رشح للمسلمين ستة من العشرة المبشرين بالجنة؛ ليختاروا منهم خليفة بعده.وكان عهد الفاروق "عمر" عهد الإنجازات في شتى المجالات، ولعل من أهمها أنه أكثر من الفتوحات الإسلامية في بقاع المعمورة، ففتح الشام والعراق وفارس ومصر وغير ذلك من الأمصار، وهو أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من دون الدواوين، وأول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عهده، فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب".وفاة ذي النورين في ذي الحجة سنة 35 هـ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر، وادعوا أن كتابًا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد، وأنكر عثمان رضي الله عنه الكتاب، لكنهم حاصروه في داره، ومنعوه من الصلاة بالمسجد، بل ومن الماء، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم، لكن الخليفة منعهم؛ إذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف (من دار أبي حَزْم الأنصاري)، وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن، وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها، لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها، وتمكنوا منه رضي الله عنه، فسال دمه على المصحف، ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هـ، ودفن بالبقيع. وكان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للخلافة، فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة: (علي بن أبي طالب، عثمان بن عفان، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، سعد بن أبي وقاص، عبد الرحمن بن عوف) في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته، حرصًا على وحدة المسلميـن، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان رضي الله عنه، وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة (23 هـ)، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين. واستمرت خلافته نحو اثني عشر عامًا، تم خلالها الكثير من الأعمال: نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار, توسيع المسجد الحرام, وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف، ونخلة بألف درهم، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية. وفتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص، ثم إصطخر وفارس ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر، ثم ساحل الأردن، وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين.مقتل مروان بن محمدفي الثالث عشر من ذي الحجة، سنة 132 هـ، قُتِل مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، آخر خلفاء الدولة الأموية، بعدما بذل جهدًا خارقًا في المحافظة على دولته، والقضاء على الفتن والثورات، ولكنه لم ينجح على الرغم من قدرته وكفاءته في وقوف زحف العباسيين من خراسان، فنجحوا في القضاء عليه وإقامة دولتهم.وفاة أبي جعفر المنصورفي السادس من ذي الحجة سنة 158هـ، توفي عبد الله بن محمد بن علي، المعروف بأبي جعفر المنصور، المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، وقد نجح المنصور في تثبيت أركان الدولة ودعائمها، والقضاء على كل الفتن والثورات التي قامت ضدها، واتصف بالكفاءة والقدرة والتنظيم، والحرص على مصالح الدولة ورعاية شئونها، ومن أهم أعماله الحضارية تأسيس مدينة بغداد واتخاذها عاصمة للخلافة العباسية.مولد البيرونيفي الثاني من ذي الحجة، سنة 362هـ، ولد العالم العربي أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني، أحد أساطين علماء العرب في الفلك والرياضيات والجغرافيا والجيولوجيا، له مؤلفات كثيرة تزيد عن 120 مؤلفًا، من أشهرها: القانون المسعودي، والآثار الباقية.مولد الزركليفي التاسع من ذي الحجة 1310هـ ولد المؤرخ الكبير خير الدين الزركلي في بيروت، وتلقى تعليمه في دمشق، وعمل بالصحافة فترة، وتنقل في عدة بلدان عربية، ثم التحق بالعمل الدبلوماسي في المملكة العربية السعودية. وللزركلي مؤلفات كثيرة، يأتي في مقدمتها كتاب "الأعلام"؛ وهو قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين.وقد توفي الزركلي في شهر ذي الحجة أيضًا، وذلك سنة 1396هـ. أحداث أخرى-العاشر من ذي الحجة 138هـ، البيعة لعبد الرحمن الداخل "عبد الرحمن بن معاوية بن هشام"، مؤسس الدولة الأموية بالأندلس، التي أشرقت بأنوار الحضارة والعلم والمدنية على أوروبا لقرون طويلة من الزمان، وظلت إنجازاتها العلمية والحضارية تهدي العلماء ورواد العلم والمعرفة عبر العصور.- الثامن من ذي الحجة 169هـ ، نشوب معركة "فخ" بالقرب من مكة بين العلويين والدولة العباسية، وانتهت بانتصار العباسيين، وقد تمكن أحد أبناء البيت العلوي "إدريس بن عبد الله" من النجاة بنفسه، والفرار إلى المغرب الأقصى، حيث نجح في إقامة دولة هناك، عُرفت بدولة الأدارسة.- السابع والعشرون من ذي الحجة 206 هـ ، عبد الرحمن بن الحكم بن هشام يتولى الحكم في الأندلس بعد وفاة والده، وكان عمره آنذاك 31 عامًا، ولد في طليطلة عام 176 هـ = 792م، كان محبًّا للجهاد، وواجه أثناء حكمه عدة ثورات داخلية، له عدد من الإنجازات الحضارية، منها المسجد الجامعة في إشبيلية، توفي في ربيع الأول سنة 238 هـ.- السادس والعشرون من ذي الحجة 569 هـ، هجوم الأسطول الصقلي على مدينة الإسكندرية، ونجاحه في حصارها، لكن هذا الحصار فشل بفضل المقاومة التي أبداها المدافعون عن المدينة، ووصول صلاح الدين الأيوبي على رأس قوة للدفاع عن الإسكندرية، ولم يدم الحصار طويلا، فقد نجح المسلمون في إلحاق هزيمة كبيرة بالأسطول الصقلي وإجباره على الهرب. - الحادي عشر من ذي الحجة 571 هـ ، نجاح صلاح الدين الأيوبي في اقتحام قلعة عزاز الحصينة، وذلك ضمن خطته لإقامة وحدة إسلامية، وقد سقطت القلعة بعد حصار دام ثمانية وثلاثين يومًا، وقد صعد صلاح الدين إلى القلعة بعد التسليم، وكانت أهميتها تكمن في كونها قاعدة لتجمع الجيوش المتحالفة من جنود حلب وصليبيي أنطاكية.- الرابع من ذي الحجة 616هـ، سقوط مدينة بخارى أمام قوات المغول تحت قيادة جنكيز خان، بعد حصار دام ثلاثة أيام، وقام المغول بطرد أهل بخارى، وأعملوا السيف فيمن بقي بداخل المدينة، وأنهوا عملهم الوحشي بإحراق المدينة.- الخامس والعشرون من ذي الحجة 637هـ، ولاية السلطان الصالح نجم الدين أيوب على مصر، وهو السابع في سلسلة سلاطين الدولة الأيوبية في مصر، نجح في توحيد مصر والشام، والتصدي للصليبيين، واستعادة بيت المقدس، وتوفي في أثناء حملة لويس التاسع على مصر.- الحادي والعشرون من ذي الحجة 798 هـ، الدولة العثمانية بقيادة يلدرم بايزيد تحقق انتصارًا كبيرًا على الجيوش المسيحية في أوروبا التي كان يقودها ملك المجر "سيجموند الأول"، وبلغ قوامها 130 ألف جندي من خيرة مقاتلي أوروبا، في معركة "نيغبولو"، ويتمكن العثمانيون من قتل 100 ألف جندي مسيحي في هذه المعركة، بالقرب من نهر ألطونة، وأسر حوالي 10 آلاف آخرين.- السابع والعشرون من ذي الحجة 804 هـ، الإمبراطور المغولي تيمورلنك ينتصر على العثمانيين في معركة أنقرة، ويتمكن من أسر السلطان يلدرم بايزيد، وكانت هذه المعركة هي أكبر معركة ميدانية حدثت خلال القرون الوسطى، وتعد هذه المعركة واحدة من كبرى الكوارث في التاريخ التركي، التي أخرت نمو الدولة العثمانية وفتوحاتها نصف قرن. - الثاني عشر من ذي الحجة 876هـ، السلطان العثماني محمد الفاتح يستولي على قلعة وجزيرة "آغريبوز" التي كانت البندقية تسيطر عليها لمدة 260 عامًا، وذلك بعد حصار استمر 17 يومًا، وولد سقوط هذه الجزيرة أحزانًا كبيرة في أوروبا، لا تقل عن سقوط القسطنطينية، نظرًا لأن سيطرة العثمانيين عليها أتاحت لهم سيطرة كبيرة على سواحل البحر المتوسط. - السابع عشر من ذي الحجة 898 هـ، كريستوفر كولومبوس يكتشف الأمريكتين، تتويجًا لحركة الكشوف الجغرافية التي بلغت أوجها في القرن الخامس عشر الميلادي. - التاسع عشر من ذي الحجة 904 هـ، الأسطول العثماني يحقق انتصارًا باهرًا على أسطول البندقية في معركة بحرية كبيرة التقت خلالها 400 سفينة حربية في قتال ضاري في البحر المتوسط، في معركة "سبينزا" البحرية.- الرابع من ذي الحجة 932 هـ، السلطان سليمان القانوني يدخل مدينة بودابست عاصمة المجر، بعد انتصاره الباهر على المجريين في معركة موهاج الرهيبة، التي أبيد فيها الجيش المجري خلال ساعة ونصف فقط من القتال، ويذكر المؤرخون أن معركة موهاج هي كبرى حروب الإبادة النموذجية للجيوش في التاريخ.- الثامن والعشرون من ذي الحجة 978 هـ، العثمانيون يدخلون موسكو بعد معركة دامية مع الروس قتل فيها 8 آلاف روسي، ويقومون بإحراق سراي الكرملين، بمساعدة خان القرم "دولت كيراي"، الذي حصل على لقب "تخت-آلان" أي "كاسب العرش".- التاسع من ذي الحجة 995 هـ، العثمانيون ينتصرون على الصفويين في معركة طاحنة قرب نهر جاما ساب، وفقد الصفويون في هذه المعركة 9 آلاف قتيل وجريح.- الثالث من ذي الحجة 1314 هـ، الجيش العثماني ينتصر على الجيش اليوناني الذي يقوده الأمير "قسطنطين" ولي عهد اليونان في معركة "جتالجة"، ومكنت انتصارات الأتراك على اليونان في اقتراب الجيش العثماني إلى مسافة 150 كم من العاصمة أثينا.