احمد عبدالله سعدالفنان احمد الريدي طائر السنونو المهاجر ، صاحب السيمفونية المسرحية .. صوت النغمة الاخيرة في الرحلة القصيرة ، ذلك الذي ارتفع بغنائة الاخيرة وحلق عالياً وعندما اتعبه السفر ابصر اول شجرة مليئة بالاشواك وفي لحظة غنائة الحزينة غرس جناحيه في تلك الشجرة وظل يردد الغناء وهو ينزف وتوقف قلبه وهو ينشد .. احمد الريدي الفنان وقفة فاصلة في لحظة زمنية بين جيليين .. احمد الريدي ذلك الذي التهمته الوظيفة الادارية واحرقت اجمل بحثه المسرحي.. احمد الريدي المخرج المسرحي والاذاعي هو ذلك المبدع الذي افتقدته الدراما وفي لحظات عابرة اسرته الى عالمها وحاولت سجنة في محيطها ولكنها لم تكن تعلم ان الادارة متربصة له في كل خطوة .. احمد الريدي صديقي الذي اخذه الموت في لحظة فارقة .. ولان الموت حق علينا لتمنينا ان تطول رحلته خاصة وان رحيلة المبكر والمفاجئ اتا وهو يصنع اللمسات الاخيرة لا اهم عمل اكاديمي مسرحي ورحل - يرحمه الله - دون ان يصنع خاتمة ابداعه التاريخي القيم ( المسرح اليمني قراءة معاصرة ) هذا الكتاب الذي يرصد تاريخ المسرح اليمني ويقدم فيه بحث شامل لمسيرة المسرح .. البدايات الاولى ويقوم من خلالها رصد للحالة الاجتماعية في مدينة عدن تحديداً ومدى التأثير الاجنبي والعربي وكيف تشكل ملامح هذا الفن وتأصل في اوساط المثقفين اولاً الذي اتسع تأثيرة في اوساط الناس ولا ابالغ هنا عندما اقول ان كتاب الفنان الريدي الذي لم ينشر بعد ونشر منه فقط اربعة عشرة حلقة في صفحة واحة ادراما في صحيفة 14 أكتوبر الغراء التي كان لي شرف الاشراف لها وبعد الحاج طويل جداً وافق الريدي حينها لنشر تلك الحلقات وتوقفت الحلقات مع توقف صفحة واحة الدراما .. وقبل الدخول في اهم المعلومات والحقائق التاريخية المسرحية التي قدمها الريدي في كتابة وكانت غائبة عنا وفاجأت الكثيرين لا اهميتها ، اعود الى البحث نفسه الذي توقف في خواتمه . عندما قلنا في البداية ان الادارة اخذت منا الفنان والناقد الريدي لم نكن نبالغ فهي - الادارة - في مسيرته الفنية قد قيدته وجعلتنا نفقد الكثير من ابداعه فهو عقب تخرجه في دولة الكويت - المعهد العالي للفنون المسرحية - قسم النقد - في منتصف السبعينات دعاه المسرحيين من محافظة حضرموت الى محافظة عدن للاستفادة من علمه الاكاديمي لتطوير المسرح ووضعه في الخط السليم ، فوجد نفسه مديراً لادارة المسارح في وزارة الثقافة وان كان عملة في مسرحية ( التركة ) مخرجاً فأن التقييم الموضوعي لمسرحية ( التركة ) تدعونا للقول انها لم تفجر فيه الطاقة الابداعية الاكاديمية التي اكتسبها بفعل دراسته فامسرحية التركة تقيمننا المتواضع لها عمل تمثيلي اكثر منه عمل اخراجي والامر نفسه يشمل مسرحية ( عائلة في خطر ) وان كان للامانة ان نقول ان الاستاذ الريدي كان يجد نفسه دائماً في العمل الكوميدي وملعبه الاخراجي الكوميدي قدم لنا فيما بعد اعمال متميزة في مسيرته الاخراجية ( ادارة شؤون الزير .. مسرحية القلصات ) اما في الاذاعة فإن مسلسلاته التي اخرجها ( الجربة .. جزيرة الواق واق .. والمناضل علي القردعي ) فإنه تعد اثراء للمكتبة الاذاعية وحتى مع هذه الاعمال المتعددة فقد كل حنينا للناقد احمد الريدي طاغياً على المخرج الريدي وهنا قد يسأل سائل لماذا واغلب هذه الاعمال متميزة وكانت لها بصمات واضحة في المسرح . من اقترب في الناقد الريدي وعرف قلمه يدرك اهميته كما يتحسر الانشغال هذا القلم بين الملفات الادارية وكان ( التمنى ) المستمر ان يتجه الى صفحات الصحف والبحوث .. وهنا فأن الريدي - يرحمه الله . قد ظلم نفسه اولاً كما افقدنا تراث كان يمكن ان يعيد تشكيل مسار المسرح في جديد نقول هذا الكلام الان كما سبق وان قلناه في حياة الاستاذ الريدي .. فإن كانت اعماله الابداعية المسرحية والاذاعية لاتزال وستظل في ذاكرة جمهور المسرح اليمني فإن المكتبة اليمنية افتقدت لاعمال الريدي النقدية الاكاديمية الا فيما ندر ، ويظل عمله كما اسلفنا الذي لم ينشر بعد ( المسرح اليمني قراءة معاصرة ) اهم انتاجه الابداعي ورغم انه لم ينشر ولايزال مسوده تنتظر جهود حقيقية في وزارة الثقافة لنشره بعد وصنع خاتمته من قبل لجنة مشكلة بقرار وزاري فهنا لابأس من وصنع اهم نقاط بحثه الاكاديمي المتميز كي يستفيد منه الجميع .[c1]يوليوس قيصر أول عمل يمني عربي - مترجم [/c]يقدم الاستاذ الريدي حقيقية ومعلومه تاريخيه موثقة بالمراجع والمصادر ان الاخ المستر حمود صاحب سينما هريكن في مدينة كرتير كان كان اول من قام بترجمة مسرحية يوليوس قيصر لوليم شكبير وان محمد احمد حمود المشهور بمستر حمود يعد أول مترجم عربي قام بترجمة هذا النص المسرحي للمكتبة اليمنية والعربية ، وان الترجمات التي تسجل بداياتها لمترجمين عرب باعتبارها ترجماته اولى سباقة ، غير حقيقية وان عدم ارشفة وتوثيق مثل هذه الترجمة في المحافل العربي قد افقدت السبق للمستر حمود ذلك لانيفي أنه أول عربي قام بترجمة هذه المسرحية وذلك في عام 1914م كما ان ذلك لايلغي بمطالبتنا لتصحيح هذه الواقعة والمطالبة من مراكز البحوث لتدوينها هذا السبق المهم . [c1]القضية الفلسطينية البدايات في المسرح اليمني [/c]يرصد الاستاذ الريدي بداية التفاعل في المسرح اليمني عن القضية الفلسطينية وذلك عقب اعلان وعد بلفور المشؤوم ، وهناك كما يأتي على ذكرها الاستاذ الريدي ظاهرة جيدة ابتداءت من العام 1918 حتى العام 1926م هذه الظاهرة المسرحية المقدمة في التجارب المسرحية اليمنية كانت بمجملها تتحدث عن القضية الفلسطينية ، حتى بوجود الاستعمار البريطاني في الجنوب اليمني فإن القضية الفلسطينية وفي يحاك لها كانت حاضرة في اعمال المسرحيين اليمنيين ، وهذا الهم القومي الذي كان في بداياته ورغم عدم التواصل وأيضاً غيابه في المجتمع العربي الا فيماندر قد شغل هم المسرحيين في البدايات الاولى للموامره الدولية على شعب فلسطيني . [c1]يوم .. المسرح العالمي 27 مارس يوم يمني قبل أن يكون عالمياً [/c]معلومة تاريخيه مهمة جداً يوردها الاستاذ الريدي في بحثه القيم وهي انه في الذكرى الاولى لتأسيس جامعة الدول العربية عام 1946م وتحديداً في 23 مارس 1946م قامت فرقة اهليه تابعة للمدرسة الاهلية في مدينة كرتير بعمل مسرحي احتفاء بهذا الوليد القومي الذي يظم العرب ويوحدهم في مؤسسة واحدة هي جامعة الدول العربية وقد تمت البروفة وكانت على وشك التقديم الامر الذي وصل لحكومة الاحتلال البريطاني وقامت بمنع الفرقة واعضاءها وحاصرتهم في المدرسة الامر الذي ادى الى تدخل اعيان المحافظة للوصول الى حل وسط وهذا ماتم فقد تم الاتفاق بعد اصرار الفرقة تقديمها يوم 27 مارس 1946م وتم تقديمها دون ان يدعى الجمهور لمشاهدتها على تعتصر المشاهده على الطلاب وبعض الاعيان وتكون مراقبة من قبل اجهزة الاحتلال البريطاني وبالفعل قدمت المسرحية يوم 27 مارس 1946م رغم شحونة الاجواء والتوتر الذي صاحب العرض المسرحي . هذه الواقعة التاريخية ربما تتصادف بعد عام تحديداً 27 مارس 1947م عندما اجتمع نيف من الكتاب العالميين في قصر المؤتمرات في باريس يوم 23 مارس 1947م واقر ان يكون يوم 27 مارس 1947م يوماً للمسرح العالمي يحتفي به سكان الكرة الارضية بهذا اليوم .. الامر الذي تنبته فيما بعد منظمة العلوم والثقافة اليونسكو واقرته منظمة الامم المتحدة كيوم عالمي 27 مارس من كل عام يحتفاء فيه بالمسرح وتفتح المسارح ابوابها مجاناً للجماهير . هذا الربط وان اتى مصادفة فإنه كما قال الاستاذ الريدي - يرحمه الله - يجعلنا سباقين للقول اننا سبقنا منتدى باريس في يوم 27 مارس ويجب ان يحتفي بهذه المناسبة مرتين مرة اننا كنا السباقين ومرة استجابه للاحتفاء العالمي بآعتبار حركتنا المسرحية جزءاً لايتجزء من الحركة المسرحية العالمية . الى جانب هذه الوقائع الثلاث التي اوردناها هنا ، فإن كتاب الاستاذ احمد الريدي - يرحمه الله - يحفل بالعديد والكثير من المعلومات التي لاتتسع هذه العجالة لايرادها املناً كبير كما اسلفنا ان نرى هذا الجهد المهم - المسرح اليمني قراءة معاصرة منشوراً ليثري مكتبتنا ويضيف لها بحثاً فيماً نحن والاخرون في امس الحاجة اليه . في النهاية ان مسيرة الاستاذ الريدي الحافلة بالعطاء والابداع لاتنفصل ابداً عن سيرة مسرحنا اليمني فهي تشكل رديفاً له والأمر في المحصلة يجعلنا نوجه الدعوة لتكريمه مع جيل الرواد لما قدمه وما اثرى به المسرح اليمني .
|
ثقافة
أحمد الريدي .. الناقد الأكاديمي
أخبار متعلقة