د. فهد محمود الصبرييلعب العامل الثقافي دوراً بارزاً في معدلات المواليدـ فالمرأة المثقفة أقل إنجاباً من زميلتها غير المثقفة لأن الأولى تدرك تمام الإدراك المسؤوليات المادية والمعنوية التي يتطلبها إنجاب الأطفال، كما أن للدين والمعتقدات والموروث الإجتماعي دوراً واضحاً في زيادة معدلات المواليد.وهذا ماتؤكده مؤشرات مسح صحة الأسرة اليمني حيث نلاحظ وجود علاقة بين مستوى الخصوبة الكلي والمستوى التعليمي والثقافي للمرأة حيث بلغ معدل الإنجاب عند الأميات 6.7 مولوداً للمرأة ثم ينخفض تدريجياً مع زيادة المستوى التعليمي ليبلغ 4.6 عند الوصول الى المرحلة الإبتدائية في تعليمهن وهو فارق كبير ويستمر بالانخفاض حتى 2.8 في اوساط الحاصلات على التعليم الثانوي أو أكثر هذا بالنسبة للمرأة وبالصورة نفسها ينعكس المستوى الثقافي والتعليمي للرجل على الخصوبة و مستوى المعرفة والادراك لأهمية المباعدة بين الولادات ومفهوم العدد الأمثل للاولاد وأهمية خدمات الصحة الانجابية وتنظيم الاسرة . اما في الجانب الثقافي فقد بينت الدراسات أن المجتمعات الاسلامية تتميز بارتفاع معدل المواليد (ففي ترتيبات) مثلأ تزداد نسبة الإنجاب لدى المسلمين بمقدار 11 % عن الهندوس، كما يلاحظ في المجتمعات الغربية ان الكاثوليك اكثر انجاباً من البروتستانت واليهود.وهناك دلائل اخرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعادات والتقاليد وعلى سبيل المثال، فالزوجة في المجتمعات الزراعية المتدينة تسعى دوماً الى إنجاب عدد كبير من الأطفال حتى تضمن البقاء في بيت الزوجية، نظراً لسهولة الطلاق في هذه المجتمعات كما أن للزواج المبكر دوراً مهماً في زيادة معدل المواليد نظراً لطول فترة الإخصاب والتالي الإنجاب. اما بالنسبة للمجتمعات الزراعية التقليدية في الدول النامية حيث يقل استخدام المكننة الزراعية، فإن للأطفال دوراً مهماً في العمل الزراعي وفي إعانة الآباء وبالتالي يصبح إنجاب الأطفال اكثر من ضرورة وتتجلى هذه الظاهرة على الأخص في كل من مصر والسودان.وخلاصة الأمر إن أصحاب الأعمال المكتبية اقل أنجاباً من العمال البدويين، وأن أصحاب الثقافة اقل انجاباً من متوسطي الثقافة، وأن الزراع اكثر إنجاباً من الصناع والعمال غير المهرة أكثر إنجاباً من العمال المهرة، والأمهات العاملات اقل انجاباً من الأمهات غير العاملات. والبروتستانت اقل إنجاباً من الكاثوليك وأن المسلمين أكثر إنجاباً من المسيحيين، وهي التي أثبتتها مختلف الدراسات السكانية ومن هذه النتائج يتضح جلياً أين يجب التركيز على التوعية السكانية والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة في كل بلد حسب ظروفه وثقافاته المختلفة.
الثقافة وتأثيرها على الخصوبة
أخبار متعلقة