الكويت واليمن .. تاريخ من الإخاء والتنمية..
عرض/ ذويزن مخشف- جابر محمد صلاح :تحتفل دولة الكويت في الخامس والعشرين من شهر فبراير الجاري بعيدها الوطني الثامن والأربعين عيد الاستقلال، كما تحتفل في السادس والعشرين من فبراير بالذكرى الثامنة عشرة لعيد التحرير.وتأتي احتفالات هذا العام، بعد مرور الذكرى الثالثة لتولي أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم، وفي ظل كثير من الانجازات التي تحققت في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وترسيخ التجربة الديمقراطية، وتحقيق المزيد من الأهداف التي تتطلع اليها دولة الكويت حكومة وشعباً. وكان أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد أكد في أول خطاب يوجهه للمواطنين بعد توليه مقاليد الحكم في نهاية شهر يناير 2006 انه لا يمكن أن ينجح القائد في مهمته إلا بتعاون شعبه تعاونا حقيقيا، مضيفاً بأنه يتطلع “لشعب كويتي ملؤه لثقة وان نضع أيدينا مجتمعة لبدء عصر جديد من العمل الجاد وانه كنا طوال السنين نصبو بتلهف وشوق إلى وطن مثالي يسوده النظام ويعمل أهله بإخلاص للنهوض به كما نشاهد ونرى في البلدان المتقدمة الأخرى”. وأكد سمو الأمير إننا نتطلع إلى وطن متقدم في شتى المجالات يعمل أهله بإخلاص ووفاء يجعلون مصلحة الوطن قبل مصلحتهم ويتجاهلون منافعهم الذاتية في سبيل منفعة الجميع يحرصون على مصلحة الوطن وممتلكاته ومنجزاته ويثرونه بالعمل والإنتاج والحفاظ على الوقت والثروة ويحترمون القانون والنظام، وقال “إننا وطدنا العزم على تحقيق ذلك فسيكون وطننا مزدهرا وحياتنا سعيدة وسنضرب مثلا للآخرين بأننا شعب يحب العمل والإنتاج وإثراء الحياة” [c1]إنجاز الاستقلال.. الخير للكويت وللعالم [/c]ويستذكر الكويتيون في هذه المناسبة وهم ينعمون بانجازات الاستقلال والتحرير في شتى مجالات حياتهم، ما قدمه الرعيل الأول من الإباء والأجداد من تضحيات ومعاناة كي تصل الكويت إلى المستوى الذي تعيشه الآن، في مشهد تحولات لم يكن نتاج لجظة بل خلاصة تغيرات حصلت عبر السنين ولا تزال مسيرتها مستمرة، أملا في مستقبل أكثر إشراقا لأجيالهم، إذ لا يقف نضال أبناء الكويت عن مستوى محدد من الطموحات بل يستمر بذلا وعطاءً دائمين لا يغدو فيه خيره مقتصرا عليه، بل هو خير مآله وثمرته يجنيها الكثيرون سواء في الكويت وفي الدول العربية الشقيقة وفي كافة أصقاع المعمورة. استكملت دولة الكويت بعد عقود من النضال والعمل الدؤوب المتواصل لبناء قدرات الدولة والإنسان، انجاز استقلالها في عهد سمو الشيخ/ عبدالله السالم الصباح رحمه الله في 19 يونيو 1961، وتشكلت ملامح الدولة العصرية الحديثة بمؤسساتها وإنسانها وبنيتها، ولا زالت دولة الكويت تجسد قيم الاستقلال التي تحدث عنها الشيخ عبدالله السالم الصباح في اول احتفال له بهذه الذكرى” أن دولة الكويت دولة عربية مستقلة متعاونة متضامنة مع شقيقاتها العربيات في جامعة الدول العربية محافظة على استقلالها تحميه بالنفس والنفيس مؤمنة بحق الشعوب في الحرية والاستقلال محبة للسلام ساعية الى تدعيمه منتهجة سياسة عدم الانحياز وساعية الى توطيد روابط الصداقة ومتمسكة بميثاق الامم المتحدة وشريعة حقوق الانسان”. وكان ابرز تجليات ملامح الدولة العصرية الذي تجلى بعد الاستقلال هو السعي المبكر لدولة الكويت ومع بدايات عام 1962 اتخذت اولى الخطوات العملية لأجل ذلك التقدم نحو اعداد دستور يبين نظام الحكم على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت وأهدافها، وقد صادق سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح في نوفمبر 1962 على مشروع الدستور لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية، وتنص المادة السادسة من الدستور ان نظام الحكم فى الكويت ديمقراطي السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في الدستور. كما يقوم نظام الحكم في الكويت على اساس فصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها ولا يجوز لاي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه فى الدستور، وكانت أولى تجليات العهد الديمقراطي الجديد اجراء اول انتخابات تشريعية في الـ 23 من يناير 1963 مؤسسة اعرق التجارب الديمقراطية في العالم العربي، كما اسست الكويت نظاما قضائياً مدنيا متميزاً كان -وما يزال- أهلا لحل كافة النزاعات بكل اشكالها وتفرعاتها ما اكسبها احتراما دوليا، واتاح لها فتح علاقات سياسية واقتصادية راسخة ومتينة مع مختلف دول العالم، وانضمت دولة الكويت إلى جامعة الدول العربية عام 1961م ، وإلى الأمم المتحدة عام 1963م، لتواصل دولة الكويت تقدمها لتحقق الكثير من المكاسب والرفاهية لأبنائها، وافتتحت في عهد الشيخ/ صباح السالم الصباح جامعة الكويت عام 1966م، وبدأت الدولة بامتلاك شركات النفط العاملة في أراضيها ابتداءا من عام 1975م، وتم إنشاء مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عام 1976م . [c1]عقود من التنمية والتقدم والديمقراطية [/c] وقد أولت دولة الكويت اهتماما كبيرا بتطوير التعليم بتطور العلوم وتتفاعل مع التطور التكنولوجى وصولا إلى تحقيق الاهداف المنشودة فى تحقيق مستوى متقدم من التنمية البشرية لابناء المجتمع الكويتى، كما اولت الثقافة نصيبها الوافر من الاهتمام والرعاية، ومن الخطوات التي اتخذتها في هذا السياق انشاء المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب وانتشار المكتبات العامة ودور العرض السينمائى ونادى الكويت للسينما ودور الطباعة والنشر كما تساهم الصحافة الكويتية التى تتمتع بهامش واسع من الحرية فى تفعيل دور المؤسسات الثقافية، كل ذلك وسط منظومة قوانين كفلت للمواطن حقوقه، وحددت مسؤولياته وتعززت مسيرة الكويت في ترسيخ الحقوق السياسية والمدنية، ومبدأ المواطنة المتساوية، واحتلت الكويت مراكز متقدمة بين دول العالم في مستويات التنمية البشرية والحقوق السياسية والمدنية والحرية الاقتصادية. وتوفر دولة الكويت الخدمات الصحية الشاملة والمتقدمة للمواطنين بالمجان كما توفرها بيسر وباسعار رمزية للمقيمين فانشأت الحكومة العديد من المستشفيات والوحدات الصحية المعززة بالاطباء والاختصاصيين في مختلف فروع الطب اضافة الى انتشار المستشفيات والعيادات الخاصة بكل أرجاء البلاد.وحظيت المرأة الكويتية بنصيبها من الحقوق السياسية والمدنية وكان اخرها تصويت مجلس الامة في مايو من عام 2005 لصالح مشروع القانون الذي يسمح لها بخوض غمار الانتخابات ليس ناخبة فحسب بل ومرشحة ايضا، وفعلا شاركت المرأة في الكويت ناخبة ومرشحة خلال دورتين انتخابيتين، وتقلدت اعلى المناصب الحكومية بوصولها الى منصب وزيرة. ويتميز المجتمع الكويتي بانه مجتمع فتي حيث ان نسبة السكان دون الـ 15 عاما بلغت 9ر39 في المئة من جملة السكان الكويتيين فى ديسمبر 2006 اما كبار السن الذين يبلغون من العمر 60 عاما فاكثر فان نسبتهم بلغت 7ر4 في المئة للعام نفسه. [c1]السياسة الخارجية [/c]تنتهج دولة الكويت منذ الاستقلال سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقا وبالايمان بالصداقة والسلام مبدءا وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعبها هدفا في اطار من التعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية ودعم جهودها وتطلعاتها نحو أمن واستقرار العالم ورفاه ورقي الشعوب كافة، وظلت الدبلوماسية الكويتية أمينة على رسالتها باذلة جل جهودها من اجل القضايا العربية والقومية والقضايا الاسلامية وقضايا التحرير والاستقلال لشعوب العالم، في ظل قياداتها المتعاقبة. لعبت الكويت دورا بارزا الى جانب جيرانها من دول الخليج العربي في اقامة علاقات تعاون متميزة فيما بينها، وأثمرت تلك الجهود التي أسهم بشكل بارز في إنجاحها المغفور له بإذن الله حضرة صاحب السمو الشيخ/ جابر الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى 25 مايو 1981 كما دعمت وعززت اعمال المجلس من خلال المشاركة الفعالة والايجابية فى مختلف أعماله، والى جانب ذلك فهي عضو فاعل وبارز فى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى وهيئة الامم المتحدة بالاضافة الى أنها عضو فى العديد من المنظمات العربية والاسلامية والدولية الاخرى( اكثر من 50 منظمة)، وسياسة الكويت تتجه نحو دعم جهود المجتمع الدولي نحو اقرار السلم والامن الدوليين والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الاقليمي والدولي من خلال الهيئات والمؤسسات والتكتلات الاقليمية والدولية التي تنتمي اليها.كما تسعى دولة الكويت للمساهمة والتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في الانماء الاقتصادي والتنمية البشرية، حيث تعمل دولة الكويت من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية باعتباره الذراع الاقتصادي للسياسة الخارجية على دعم جهود المجتمع الدولي نحو استقرار الدول فى طور النمو من خلال برامج تنموية تسهم فى تحقيق تقدمها ورخاءها.وقد قدمت دولة الكويت خلال الفترة من عام 1970 الى عام 2005 قرابة 415 مليون دولار كمساعدات انمائية للدول العربية، ووصلت عدد القروض التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية منذ تأسيسه عام 1961 وحتى مطلع عام 2008، إلى 731 قرضا، بلغ مجموع قيمتها اكثر من 3734 مليون دينار كويتي استفادت منها 101 دولة عربية وآسيوية وأفريقية ولاتينية.ونظرا لانضمام الكويت لنحو أكثر من 50 منظمة دولية من أبرزها منظمة التجارة العالمية التى ساهمت الكويت بتأسيسها منذ انطلاقتها الأولى عندما كان يطلق عليها (الجات) جاءت التشريعات الكويتية متناغمة ومستمدة من القوانين الدولية مما أوجد ضمان وحماية كاملة للاستثمارات الاجنبية.وتظهر الاحصاءات الرسمية التى نشرتها ادارة التخطيط والبحوث بوزارة التجارة والصناعة ان اجمالي الصادرات الكويتية الى كافة دول العالم خلال الفترة من عام 2000 الى 2005 بلغ حوالي 861989 مليون دينار كويتي،وتشير الاحصاءات ان اجمالي الصادرات الكويتية الى دول الخليج العربية خلال هذه الفترة بلغ حوالي 307296 مليون دينار فى حين بلغت الصادرات الكويتية الى الدول العربية خلال الفترة ذاتها حوالي 304772 مليون دينار فيما قدرت الصادرات الكويتية الى بقية دول العالم بحوالي 249921 مليون دينار، وقالت نشرة بنك الكويت المركزي الخاصة بتجارة الكويت الخارجية ان واردات الكويت خلال عام 2005 بلغت نحو 7ر4 مليون دينار كويتي. ويولي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد فى الكثير من المناسبات الى دعم الاقتصاد الكويتي من خلال مواكبة النهضة الاقتصادية الكبيرة التى يمر بها العالم اجمع، منتهجاً في ذلك مبدأ الاقتصاد الحر واتاحة المجال للاقتصاد الكويتي لينافس اقتصاديات المنطقة حيث دعا سموه الى تذليل الصعاب امام المستثمرين المحليين والعالميين وتخفيف القيود البيروقراطية وتشريع قوانين جديدة لحماية وتشجيع الاستثمار حتى تكون الكويت مركزا ماليا واقتصاديا للمنطقة وللعالم. ومن هذا المنطلق دعت دولة الكويت - إلى جانب جمهورية مصر العربية- منذ ما يزيد على عامين الدول العربية الى عقد قمة عربية اقتصادية وتنموية واجتماعية شاملة، وأولت الحكومة الكويتية اهتماما بارزا في مساعيها للتحضير للقمة، واستمرت اجراءات التحضير للقمة ما يقارب العامين، وتوجت بعقد القمة العربية في موعدها المحدد خلال الفترة من 19 - 20 يناير الماضي، بمشاركة غالبية الرؤساء والامراء والملوك العرب، وقد خرجت بقرارات ايجابية تعكس تحولا ايجابيا في مسيرة التعاون الاقتصادي العربي ومثلت انطلاقة جدية نحو استكمال العديد من المشاريع القومية التي سينعكس أثرها على حياة المواطن وتنمية الدول العربية. [c1]الكويت واليمن .. تاريخ من الاخاء والتنمية [/c] تشهد العلاقات الكويتية اليمنية تطوراً بارزاً في شتى المجالات، وتتميز العلاقات بين البلدين بأنها علاقات تاريخية، بل تمتد إلى الايام الاولى لاستقلال الكويت وقيام الثورتين في شمال اليمن وجنوبه سابقاً.. وفي هذا السياق جاءت زيارة معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور/ محمد صباح السالم الصباح يومي الـ 7، 8 فبراير الجاري، تأكيداً لعرى العلاقات المتينة، حيث التقى في صنعاء فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، ونائبه الفريق عبدربه منصور هادي، ودولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، حيث بحث معهم آفاق التعاون بين البلدين وسبل تطويرها، وأهم المستجدات على الساحة العربية، وتبادل وجهات النظر حولها، كما رأس رأس معالي الوزير وفد دولة الكويت لاجتماعات اللجنة الوزارية الكويتية اليمنية التي عقدت في عدن في السابع من فبراير الجاري، حيث وقع الجانبان على عشر اتفاقيات، شملت إنشاء لجنة مشتركة بين دولة الكويت والجمهورية اليمنية، واتفاقية بشأن التعاون في المجال السياحي، واتفاقية للتعاون الأمني، واتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني، واتفاقية للتعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين، واتفاقية التعاون في مجال التوثيق والأرشفة وتبادل المطبوعات والمعلومات التجارية، كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف وبرتوكول للتعاون بين غرفة وصناعة الكويت والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية. كما زار معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور/ محمد صباح السالم الصباح جزيرة سقطرى واطلع وضع نائب رئيس مجلس الوزراء - وزير الخارجية بدولة الكويت الشقيقة سمو الشيخ الدكتور /محمد صباح السالم الصباح- ومعه معالي وزير الخارجية اليمني الدكتور ابو بكر القربي حجر الأساس لكلية الشيخ صباح الاحمد (كلية المجتمع) بأرخبيل سقطرى والتي تبلغ تكلفة إنشاءها عشرة ملايين دولار بتمويل من دولة الكويت، كما زارا موقع اللسان البحري بحديبو، حيث أكد الوزيران على أهمية التعجيل باستكمال إجراءات إرساء مناقصة مشروع ميناء سقطرى التجاري الجديد من قبل الجهات المعنية الذي سيتم تمويله من دولة الكويت عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بمبلغ 40 مليون دولار، وذلك تمهيدا للبدء بتنفيذ المشروع في أقرب وقت ممكن خلال العام الحالي 2009، وبما يسهم في خدمة حركة النقل البحري من وإلى الجزيرة. وكانت الزيارة قد سبقتها اجتماعات التحضيرية لأعمال اللجنة الكويتية - اليمنية المشتركة في مدينة عدن، مطلع ديسمبر 2008، وتم خلالها الاتفاق على جميع القضايا ومشاريع الاتفاقيات لتوقيعها خلال اجتماعات اللجنة.وتشهد علاقات البلدين تناميا ملحوظاً في مختلف المجالات تعززه الزيارات المتزايدة المتبادلة بين مسؤولي البلدين في الآونة الأخيرة، ولعل المشاركة الفاعلة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح في فعاليات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت بدولة الكويت خلال الفترة 19 - 20 يناير الماضي كانت تجسيداً حقيقاً للتواصل الأخوي وتوثيق عرى التعاون، وتبادل وجهات النظر حول المستجدات على الساحة العربية والدولية، وكانت مشاركة فخامة الرئيس محل ترحيب دولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً. وفي هذا السياق شارك معالي وزير الصحة بدولة الكويت روضان الروضان في الاجتماع الوزاري السادس والستين لوزراء الصحة بدول مجلس التعاون في صنعاء التي انعقدت خلال الفترة 3-4 فبراير الجاري، وقبلها كانت زيارة معالي وزير العدل اليمني الدكتور شائف الاغبري لدولة الكويت، والتي بلا شك تعكس حرصا لدى المسؤولين على تعميق أواصر التعاون بين الوزارات والمؤسسات المختلفة في البلدين، كما زار الكويت العام الماضي الماضي كل من وزير الخارجية معالي الدكتور ابوبكر عبدالله القربي، ووزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي. ووقع الصندوق الكويتي للتنمية وقع في شهر يناير الماضي مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية بالأحرف الاولى على اتفاقية تخصيص مبلغ 50 مليون دولار لدعم عدد من المشاريع التي ينفذها الصندوق في اليمن وذلك كدفعة أولى في إطار تخصيص المبلغ الذي تعهدت به الكويت في مؤتمر لندن للمانحين عام 2006، وهناك مشاريع ستقدم من قبل الحكومة اليمنية وستكون هناك اجتماعات للجان الفنية من الجانبين لدراسة تلك المشاريع والبدء بإجراءات تنفيذها.. ويولي القطاع الخاص بدولة الكويت أهمية بالغة للاستثمار في اليمن، وشهد العام الماضي توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات ولعل ابرزها التوقيع في نوفمبر الماضي على اتفاقية مبدئية لاقامة مشروع استثماري سكني وسياحي في رأس عمران بالقرب من مدينة عدن، بين شركة ايواء للاستثمارات العقارية والهيئة العامة للاستثمار اليمنية، ولا زالت هناك مشاريع استثمارية اخرى قيد الدراسة لدى الجهات المعنية في البلدين، وقد اسهمت الزيارة التي نظمتها غرفة تجارة وصناعة الكويت لوفد رجال الاعمال اليمنيين برئاسة رئيس الهيئة العامة للاستثمار صلاح العطار على رأس وفد كبير من رجال الاعمال الى الكويت في اواخر اكتوبر الماضي في التعريف بفرص الاستثمار باليمن وفرصة للتواصل مع القطاع الخاص الكويتي وخلقت افاقا جديدة للتعاون والثقة المتبادلة بما يشجع راس المال الكويتي للاستثمار في اليمن. كما كانت هناك العديد من الاتفاقيات في المجالات الاقتصادية، وقد بدأت شركة طيران الجزيرة الكويتية منتصف العام الماضي تسيير رحلاتها إلى اليمن بواقع رحلتين أسبوعيا، كما حصلت شركة كويت انرجي النفطية على حق الامتياز في عدد من قطاعات النفط بتكلفة تقدر بمئة مليون دولار. هذه الزيارات والاتفاقيات لم تكن وليدة اللحظة ، بل هي امتداد لعلاقات اخاء وتعاون بدأ منذ عقود، حين انتهجت حكومة دولة الكويت بعد الاستقلال سياسة أكثر انفتاحا تجاه الدول العربية بشكل خاص ودول العالم الأخرى بشكل عام إيمانا منها بأهمية دعم الشعوب العربية وهي السياسة التي أسهمت، بفضل الموارد النفطية التي تزخر بها الكويت في دعم البنى التحتية لعدد من الدول، وبالتالي أكسبت الكويت المزيد من الأصدقاء ليعتزز بذلك موقعها الإقليمي والدولي على حد سواء. ولعل الخصوصية في العلاقة بين الكويت واليمن تتمثل في التعاون المبكر الذي بدأ بعد الايام الاولى لاستقلال دولة الكويت، والذي تزامن تقريبا مع قيام ثورة 26 سبتمبر 1962في شمال اليمن، ومن بعدها ثورة 14 اكتوبر عام 1963 في الشطر الجنوبي من الوطن اليمني، واثمر ذلك علاقات ودية ومتميزة بين البلدين، اتسمت بنوع من التقارب والتعاون خاصة في مجالات التنمية الاقتصادية. وللكويت ذكرى بارزة في وجدان كل الاشقاء اليمنيين ليس لناحية الدعم الاقتصادي الذي أولته فحسب، بل للمساعي الصادقة التي بذلتها دولة الكويت، برعاية كريمة من المغفور له بإذن الله تعالى، أمير دولة الكويت سمو الشيخ/ جابر الأحمد الصباح حين جمعت الاشقاء في شطري اليمن بدولة الكويت ووضعت حدا للانقسامات والحروب التي وصلت ذروتها قبل قمة الكويت التاريخية، ووضعت اولى لبنات الوحدة بتبنيها لقاء جمع الشمل الذي جمع بين رئيسي الشطرين وذلك خلال الفترة 28 - 30 مارس 1979م، وواصلت دولة الكويت دعمها لجهود توحيد اليمن حتى تحقق ذلك في 22 مايو 1990. كما جمعت سلطة الشطر الجنوبي من اليمن مع سلطنة عمان لحل خلافات جمهرية اليمن الديمقراطية مع سلطنة عمان والتي نجمت عن دعم النظام في عدن حينها للجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي التي تأسست عام 1965م، والتي كانت مصدر تهديد للأمن والاستقرار في السلطنة، غير ان لقاء الكويت الذي تم بوساطة كويتية- اماراتية بعد ان وصلت الاوضاع مرحلة متوترة بين البلدين، ونتج عنها التوقيع في الكويت في 16 نوفمبر 1982م على اتفاقية المصالحة بين الدولتين، التي تعد الاولى في تاريخ الشطر الجنوبي منذ حصوله على الاستقلال .وشملت المشاريع التي رعتها دولة الكويت في كلا الشطرين عددا من المشاريع التنموية العملاقة التي شملت أهم جوانب البنية التحتية بإنشاء المدارس والجامعات والمستشفيات والطرقات ، والطيران المدني، ولا تزال المنشآت الحيوية في كثير من المحافظات اليمنية شاهدة على الدور الانمائي الصادق الذي لعبته الكويت في مسيرة التنمية اليمنية، بل ان دولة الكويت تكفلت بميزانية سنوية لتسديد ودعم الكثير من المنشآت التعليمية والصحية، كجامعة صنعاء ومستشفى الكويت الجامعي وجامعة عدن، وبلغت إجمالي المنح المقدمة من الصندوق الكويتي للتنمية إلى الجمهورية العربية اليمنية خلال الفترة (68 - 1989م) حوالي(1.203.930) دينار كويتي، واشرف على تنفيذها الصندوق الكويتي للتنمية، بناء مساكن في المناطق المتضررة من الزلزال الذي ضرب محافظة ذمار بمبلغ 10.000.000 دولار، وذلك في 10 /4 /1984م . وشهدت السنوات الاخيرة تطوراً ملحوظاً للعلاقات بين البلدين تبادل خلالها كبار المسؤولين الزيارات، حيث قام نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية عبدالقادر باجمال بزيارة الكويت في في 15 مايو 1999م، حيث التقى بأمير دولة الكويت، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي قام برفقة الوفد اليمني بافتتاح مقر السفارة اليمنية بالكويت، كما تبعت تلك الزيارة زيارة الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رحمه الله الى دولة الكويت في ابريل 200 بدعوة من رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي وزيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح إلى الكويت في يناير لتقديم العزاء بوفاة فقيد الأمة العربية سمو الشيخ/ جابر الاحمد الصباح. كما زار اليمن العام الماضي رئيس مجلس الامة بدولة الكويت جاسم الخرافي على راس وفيد نيابي وحكومي رفيع لتقديم واجب العزاء بوفاة الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب اليمني. وقد أسهمت كل تلك الزيارات في تعزيز مستوى العلاقات والتواصل بين البلدين ، ولعل ابرز تجلياتها في ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين الكويت واليمن، ووفقاً للإحصائيات الرسمية اليمنية فإن مستوى التبادل التجاري بين الكويت واليمن وضع دولة الكويت ضمن أهم الشركاء التجاريين لليمن في العام 2008، حيث جاءت الكويت في المرتبة الثالثة على مستوى الدول العربية من حيث حجم التبادل التجاري وبنسبة تصل إلى 26,13 % من حجم التبادل التجاري، وبنسبة 01,13% من حجم الواردات و10,14 % من حجم الصادرات، وكان العام 2007 قد شهد نموا كبيراً بنسبة تقدر بـ 8.5% مقارنة بالعام السابق، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري من من 101 مليار و 496 مليون ريال عام 2006 إلى مبلغ 110 مليار و47 مليون ريال عام 2007 بنسبة نمو تقدر بـ 8.5%. كما ان هناك تزايدا محلوظا في تأشيرات الدخول للعمل في دولة الكويت خلال العام الماضي بنسبة كبيرة مقارنة بالاعوام السابقة، كما ان وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بدولة الكويت قد طلبت قرابة 160 خطيبا واماما العام الماضي للعمل في مساجد الكويت، وهو ما يعكس المكانة الخاصة للاشقاء اليمنيين والثقة التي توليها حكومة الكويت لهم، وللعمالة اليمنية بشكل عام. وتأتي احتفالات دولة الكويت السنوية بأعيادها الوطنية كفرصة هامة للاحتفاء بقيم الحرية والعدل والمساواة والإخاء والتعاون بين الأشقاء، كما هي أيضاً فرصة لتعزيز علاقات الإخاء وتحقيق المزيد من التقارب والشراكة بين دولة الكويت والجمهورية اليمنية في ظل التوجهات الجادة لقيادتي البلدين لتعزيز التعاون وخدمة المصالح المشتركة التي تعود بالخير والتطور لصالح الشعبين الشقيقين.