منبر التراث
من وراء الأفق اللامتناهي ، تطل علينا الطبيبة الفرنسية كلودي فايان عاشقة اليمن لتروي لنا وللأجيال قصتها مع اليمن واليمنيين حتى آخر رمق في حياتها كانت دائماً وأبداً تذكر اليمن بكل الحب والخير . لقد عاشت اليمن في عقلها وقلبها ومشاعرها. لقد لقدمت الطبيبة الفرنسية كلودي فايان من باريس عاصمة النور والعلم والمعرفة إلى اليمن في سنة 1951م التي كانت تعيش في مجاهل الجهل والتخلف الرهيبين ومكثت فيه قرابة عام ونصف العام وفي تلك الفترة دونت وسجلت كلودي فايان انطباعاتها وملاحظاتها عن الحياة الاجتماعية في اليمن بصورة تدعو إلى الإعجاب . وعندما عادت إلى موطنها فرنسا كانت اليمن معها في وجدانها أو بعبارة أخرى حملت اليمن في خلجات نفسها . فروت عظمة آثار اليمن وتاريخه الموغل في القدم للفرنسيين بصورة مشرقة ومشرفة . وفي هذا الصدد ، يقول الأستاذ الدكتور محسن أحمد العيني عن تقديره الكبير لما رآه ولمسه من الطبيبة الفرنسية كلودي فايان من حبها الجارف وصدقها ووفائها العميقين لليمن واليمنيين : " وقد لمست حبها لليمن وإعجابها باليمنيين ، ولمست إخلاصها وصدقها وخلو أحاديثها من التشويه والسخرية والتهكم . . . " .[c1]صرختها الإنسانية[/c] وفي نفس السياق يصف الشهيد المناضل محمد محمُود الزبيري شخصية الطبيبة الفرنسية بأنها شخصية عظيمة لكونها شخصية تتحلى بالإنسانية الرقيقة جاءت من القرن العشرين إلى العصور الوسطى المظلمة وعلى الرغم من ذلك فإنها انصهرت وذابت بحب اليمن واليمنيين . وفي هذا الصدد ، يقول : " إنسانة خلقت وعاشت في أروبا وانبثقت من دنيا القرن العشرين ترجع فجأة عشرة قرون إلى الوراء وتعيش فترة طويلة في دنيا تلك القرون . فلا تنفر ولا تستكبر ولا تستوحش وإنما تتسامى إنسانيتها وتنصهر في لهب من الألم والعطف والرحمة " . ويمضي محمود الزبيري في سرد الوقائع الأليمة التي واجهت الطبيبة الفرنسية كلودي فايان التي جعلها تنفجر من الغضب بعد أنّ رأت بأم عينيها المرض كيف أنشب أظافره الحادة في أجساد المرضى و المريضات الهزيلة ومزقهم شر ممزق ، فيقول : " وفي موقف آخر تصف ( أي كلودي فايان ) فيه بؤس المرضى والمريضات . وفقدان الدواء وقلة الأطباء فتصرخ صرختا الإنسانية قائلة : إنه يخيل إليها أنّ تعاسة الدنيا كلها قد تجمعت من حولها " . [c1]ترجمة حياة الطبيبة الفرنسية[/c] ولم تنقطع الطبيبة الفرنسية كلودي فايان زياراتها عن اليمن . وكان آخرها مع الرئيس الفرنسي ميتران الأسبق الذي زار اليمن من فترة ليست قصيرة . وقيل أنّ الرئيس ميتران أصطحبها معه لكونها متعمقة في عادات وتقاليد اليمن العريقة وقربها من اليمنيين لتعرفه بشكل عميق عن تاريخ اليمن . وكيفما كان الأمر ، فقد رحلت عاشقة اليمن كلودي فايان عن دنيانا ولكنها ظلت وستظل لها مكانة كبيرة في قلوب اليمنيين . ونود من الجهات المعنية بحياتنا الثقافية أنّ تصدر كتاباً في ترجمة حياة الطبيبة الفرنسية سواء في اليمن أو حياتها في فرنسا . وأنّ تمنح جائزة تقديرية لأهم الأعمال في ميدان التراث والتاريخ والآثار اليمنية تسمى ( جائزة كلودي فايان التقديرية ) ، وأنّ ندعو أسرتها أو أقاربها إلى زيارة اليمن وأنّ نقيم مُتحفاً للرحالة الأوربيين الذين زاروا اليمن وكتبوا عنها ومنها الطبيبة الفرنسية كلودي فايان . فاليمن يمن الإيمان والحكمة ، والوفاء أيضاً. وأنني أكاد أجزم ، بأنّ المسؤولين في حياتنا الثقافية يحتل هذا الأقتراح مساحة كبيرة في تفكيرهم . ونرجو أنّ يخرج هذا الاقتراح إلى حيز النور في المستقبل القريب .