أول أدواره لفتاة :
القاهرة : 14 اكتوبر / وكالة الصحافة العربية :هل شاهدت فيلم الحدود·· أو التقرير·· أو فيلم كفرون؟ هل سمعت عن مسرحية “كأسك يا وطن”؟إذا حدث هذا فأنت بالتأكيد تعرف من هو دريد لحام نجم الكوميديا، الذي جاب الوطن العربي كي ينشر رسالته بين أبناء هذا الوطن الكبير·هو دريد محمد حسن اللحام·· أحد أعمدة الكوميديا في الوطن العربي والممثل والمخرج السينمائي والمسرحي·· ولد في دمشق وكان ترتيبه السابع بين إخوته·· تأثر بالظروف الاقتصادية التي فرضت نفسها علي الأسرة الصغيرة مما حدا به إلى البحث عن عمل وهو في سن مبكرةكي يساعد أسرته، فمارس أعمالاً شاقة بالنسبة إلى طفل صغير·· وعمل بائعاً للصحف يدور في الطرقات ليجني القليل من النقود بعد مجهود يوم شاق·واستطاع دريد أن يتابع دراسته الجامعية بتفوق وإصرار ويذكر أن لوالدته أثر كبير على حياته، فرغم أنها كانت أمية إلا أنها كانت علي درجة كبيرة من الثقافة والإدراك، واهتمت بتنشئة أطفالها على حب القراءة والإطلاع، وخلال هذه الفترة انتبه إلى هواية الفن والتمثيل، ومارس نشاطه خلال الجامعة ليتحول إلى الاحتراف بعد حصوله على ليسانس الكيمياء والفيزياء ودبلوم في التربية·كانت رحلة شاقة وممتعة خلفت عدداً كبيراً من الأعمال السينمائية والمسرحية مثل فندق الأحلام وخياط السيدات والمليونيرة وشاركه خلالها الفنان الراحل نهاد قلعي ليصبحا من أشهر الثنائيات في العالم العربي على غرار إسماعيل ياسين وعبدالسلام النابلسي وعادل إمام وسعيد صالح وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي وغيرهم·يقول دريد: “كنت أملك موهبة فطرية في تقليد الضيوف وكان أول دور لي في الجامعة هو القيام بدور فتاة يعود والدها مقتولاً من الحرب وعليها أن تبكي، ويبدو أنني ندبت أكثر من اللازم حتي طارت الباروكة، وتحولت التراجيديا إلى كوميديا صارخة ملأت جنبات القاعة بالضحك”·[c1]نجاحاً كبيراً[/c]ارتبط دريد بشخصية “غوار الطوشي” التي لازمته في العديد من أعماله السينمائية والمسرحية، فضلا عن الدراما الإذاعية والتليفزيونية، وهي شخصية بسيطة ذات طابع إنساني·· يتعرض لمفارقات وأحداث تثير الضحك، ولم تكن أعمال دريد الأولي تشي بتحولاته أو النقلة النوعية التي طرأت علي ما يقدمه من أعمال، فقد استهلكت موهبته في الأعمال “الخفيفة” التي تميل لإضحاك المشاهدين والمستمعين فقط دون أن تحمل أبعاداً تلامس واقعهم الذين يحيوه، ورغم ذلك فقد حققت الأعمال الأولى نجاحاً كبيراً نظراً لما يتمتع به دريد من موهبة كوميدية متفردة، حتى كان عام 1976 هو بداية الالتزام الفني عند دريد لحام وعبرت أعماله عن مواكبة جادة للتحولات التي طرأت علي عالمنا العربي، كما في أعمال مثل كأسك يا وطن والحدود والتقرير وكفرون وغيرها·ويقول دريد عن أعماله الأولي: إنها جزء من تاريخي الفني وجزء من ثقافتي وتجربتي، وأنا لا أستحي من هذه الأعمال، لكن تراكم التجارب ساهم في تكوين شخصيتي الفنية، ولولا الهزائم العربية لكنت مازلت غوار الطوشي في “حمام الهنا”[c1]تصنيف مسرحي [/c]صاغت أعمال دريد الأخيرة أحلام وهموم الإنسان العربي البسيط وحيرته إزاء ما يحدث في العالم من اضطرابات كبرى تمس حياته الخاصة وتؤثر في أمانه داخل أسرته ومجتمعه ، ورغم محاولات التصنيف لمسرح دريد لحام مثل المسرح السياسي، المسرح النقدي أو غيرها من المسميات، ليبقى ما حققه هذا المسرح من التحام بقضايا ومشكلات الإنسان العربي، ويكفي أن مسرحية “كاسك يا وطن”، التي شارك دريد في كتابتها مع الشاعر محمد الماغوط، وقام فيها بالتمثيل والإخراج، ونهضت المسرحية على فكرة بسيطة من خلال إحدى المحطات التليفزيونية التي تبث إرسالها من برامج وإعلانات ومسلسلات، ليتتابع البث المعبر عن واقع الإنسان العربي ومشكلاته البسيطة القابلة للحل، ليمتزج الوعي بالسخرية والمرارة وإيقاظ الشعور العربي من أجل تجاوز السلبيات·وقد طاف دريد بمسرحية “كأسك يا وطن” إلى عدد من البلاد العربية، بل إن النص المسرحي قامت بإعداده بعض الفرق العربية، وقدمته برؤية وإخراج جديدين، لتصبح “كأسك يا وطن” من كلاسيكيات المسرح العربي المعاصر ، ومن أشهر المسرحيات التي قدمها دريد·واكتملت التجربة الفنية الجديدة بأفلام سينمائية مغايرة لما قدمه دريد من قبل، ففي فيلم “الحدود” فكرة رائعة وبسيطة عن حلم الإنسان العربي بتجاوز الحدود الفاصلة بين شعب وطن كبير، وهي حقيقة موجودة·وعن إخراجه لأعماله الأخيرة يقول دريد: أحسست أن بعض المخرجين قاصرون عن الوصول إلى إخراج الأفكار أو المشاهد التي أريدها، ولذلك فأنا المخرج الجيد لدريد لحام نفسه، أما بالنسبة إلي الآخرين فأنا مخرج سيئ”·أدرك دريد أن الأحداث أسرع من قدرة الفنان على متابعتها، وهذا الإيقاع اللاهث هو ما يشغل المواطن العربي في حياته الخاصة، حيث أصبحت قضاياه الكبرى هي مشاكله ومتطلباته الحياتية ويقول دريد: المواطن عنده حق لأنه لا يمكنه أن يهتم بأن يفكر في الوحدة العربية ولديه هاجس كيف يأتي برغيف العيش أو كتباً للمدرسة، ورغم اعتزاله المسرح إلا أن الفن في داخله لم ينته، وعن سبب اعتزاله يقول دريد: لم أعتزل المسرح إلا بسبب كبر سني، فالمسرح يحتاج إلى دماء شابة جديدة·ويكفي دريد أنه سعي لأن يحطم الحواجز ففي الحدود أراد تحطيم الحواجز الطبيعية، وفي التقرير طاف أرجاء الوطن العربي ليكشف السلبيات والعوائق، وكان مسرحه ملتزماً بالقضايا الوطنية ويتساءل دريد: أليست أوطان العرب كلها أوطاني؟