أضواء
عندما يتهم الإعلام انه طابور خامس ومؤثر على الوحدة الوطنية، يجبرك هذا الاتهام أن تقف للحظات مليئة بالدهشة وفي الوقت نفسه تعاود دراسة هذه الحالة من جميع جوانبها، لأسباب متعددة وان كان أهمها انني شخصيا لم اسمع بمثل هذه التهمة وبطريقتها كالتي شاهدتها وسمعتها من احد النواب بمجلس الأمة الكويتي على خلفية الأحداث الساخنة التي تمر بها الكويت سياسيا وارتباط مثل هذه الأحداث بدون شك بدول الخليج وبصورة مباشرة من وجهة نظري الخاصة!!في الآونة الأخيرة على مستوى الفضائيات التي تتناول الجانب السياسي الداخلي للعديد من الدول وخاصة الدول ذات الحساسية الإعلامية، كانت قناة الجزيرة هي المنفردة بهذا الشأن ودخلت معها ولكن على استحياء قناة الحرة، ولم تستمر عملية نجاح المنهجية الإعلامية التي بدأتها قناتا الجزيرة والحرة لان الوعي الإعلامي تغير نوعا ما، بالإضافة لعوامل متعددة لاتخفى على الجميع كانت سببا في حظر ما كان يبث لنوعية المادة الإعلامية التي كانت تتبناها قناة الجزيرة خصوصاً. ولكن المفاجأة الكبرى على مستوى الإعلام الفضائي أن النقد المباشر وأحيانا السلبي أصبح موجهاً من قنوات محلية كانت قائمة في أجندة تأسيسها على بث المسلسلات والبرامج المحلية العادية، فانقلبت هذه الأجندة بشكل مخيف بالفعل، وهنا أتحدث عن الحالة الإعلامية بالكويت، فما تبثه حاليا ومنذ أسابيع قليلة جدا قنوات محلية كقنوات (سكوب، والعدالة، والوطن، والراي) كان من المحرمات على قناة الجزيرة الفضائية، وكان يعتبر من الخطوط الحمراء إعلاميا، فما الذي حدث!! قبل فترة غير بعيدة وعبر زاوية على البال هنا، استغربت عدم تأثير الحرية الصحفية الكبيرة جدا في الكويت على القنوات الفضائية الكويتية الخاصة، ولم يطل تساؤلي كثيرا، فأربعة أحداث مؤخرا مرت بها الكويت خلال اقل من شهر أظهرت الجانب الآخر للحرية الإعلامية الفضائية الكويتية بدأت مع قضية المظاهرة السلمية لغير محددي الجنسية (البدون) واستمرت مع قضية تعليق الفيفا لنشاطات الكرة الكويتية ومرورا مع ما اثاره النائب الكويتي المليفي لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الكويتي واخيرا وليس آخرا وبشكل كبير مطالبة عدد من أعضاء مجلس الأمة استجواب رئيس مجلس الوزراء على خلفية دخول رجل الدين الإيراني للكويت وهو في قائمة المنع والتجاوزات التي قالها بالكويت في إحدى خطب الجمعة. التفاصيل هنا ليست المقصد ولكن عندما يدخل الإعلام وبصورة مباشرة بين الأطراف المتنازعة داخليا ويصبح هذا الإعلام من المسببات للفتنة والتناحر، فإن ذلك يجعلنا نتساءل عن أهمية الخطوط الحمراء إعلاميا، فاستغلال الفضائيات وعلى الهواء وبشكل مباشر سياسيا وداخليا بين مجموعات تتحدث كل منها عن مصالحها هو خطر كبير لايختلف عن الغزو العسكري، لان الإعلام إذا تمت الإساءة في استخدامه يصبح اخطر من أي سلاح مدمر، وتناولي لما يحدث بالكويت كما ذكرت كون التأثير متقارباً على جميع دول المنطقة، خصوصا إذا أخذنا تبعات قضية رجل الدين الإيراني الأخيرة، فهل تتوقف الحالة المشحونة فضائيا أم سنشهد حالة إعلامية أكثر جرأة وبدون خطوط حمراء لما يتعلق بالمشهد السياسي الداخلي للعديد من الدول كالكويت مثلا، شخصيا لا أتمنى ذلك، لان للحرية حدودها والتجاذب السياسي الداخلي لايجب أن يصبح بالصورة التي أصبحنا نشاهدها يوميا وعلى الهواء مباشرة!![c1]*عن/ صحيفة «الرياض» السعودية[/c]