نوبل للسلام
أحدهم يتساءل ـ متفائلاً وربما متشائماً بالأحرى ـ حول جائزة نوبل للسلام، ومتى يمكن للمعجزة أن تتحقق وتُمنح هذه الجائزة العالمية لزعيم أو حاكم في المنطقة العربية؟!لايعقل مثلاً ـ حسب تعليقات الصحافة وغالبية كبيرة من المتابعين والمراقبين ـ أن الرئيس المحظوظ والظاهرة الأمريكية الأحدث والاشهر عالمياً (باراك أوباما) قد استحق الفوز بجائزة نوبل للسلام، الأشهر دولياً وعالمياً، بعد فترة وجيزة جداً من دخوله إلى البيت الأبيض (بضعة اشهر لاغير)؟بينما الرؤساء والحكام في بيوت الحكم العربية ـ البيضاء والزرقاء والحمراء والسوداء ـ قضوا عقوداً في مناصبهم وعلى رؤوس الاشهاد، ولم يحصل أن أحداً من هؤلاء المحترمين والمحبوبين جداً جداً من شعوبهم، قد تشرفت به جائزة نوبل (؟!!)ماهي العبرة؟ أو قل ماهي العقدة هنا؟ حتى أن أوباما المحظوظ لم يكن قد فعل شيئاً يذكر حينما أعلن في “أوسلو” عن استحقاقه الفوز بجائزة نوبل للسلام، وكان ذلك بمثابة الصدمة والمفاجأة غير المتوقعة للكثيرين عبر العالم! كون الفترة الوجيزة والمحددة ببضعة أشهر على وجوده في رئاسة أمريكا لاتسعف الرئيس الأسود ليكون أحد المرشحين لنيل نوبل.ولكن ما لايعرفه الكثيرون هو ان الجائزة أعلن عنها بعد اشهر من رئاسة أوباما، أما قرار منحها فقد اتخذ قبل ذلك بكثير ـ بحسب آليات وتقاليد مرعية ومطبقة على جميع فروع الجائزة ـ أي أن القرار اتخذ في كواليس أوسلو بعد أسبوعين لاغير من وصول الرئيس الأسود إلى البيت الأبيض (..) صدقوا أو لاتصدقوا.هناك من قال يومها إن قرار منح الجائزة لأوباما اتسم بالنفاق، وهناك من فسر الحادثة بأنها نوع انيق من المهزلة، وفريق ثالث افترض أن اللجنة المسؤولة عن فحص الملفات والترشيحات قد اعتمدت على “نوايا” أوباما ومنحته الجائزة على هذا الأساس، وليس بناء على أعماله ومساهماته العالمية فالرجل للتو بدأ بالتعرف على غرف وأجنحة البيت الأبيض!ومعروف ـ إضافة إلى ماسبق ـ أن ملفات الترشيحات تدفع أو ترفع إلى اللجنة المعنية بالترجيح وتسمية الفائز خلال العام السابق على اتخاذ القرار وتسمية الفائز، ومن ثم هناك بضعة أشهر لاحقة للإعلان وإشهار الخبر.ببساطة يعني هذا أن مؤسسة نوبل في أوسلو منحت الجائزة لأوباما من دون أن يكون مرشحاً لها وملفات المتنافسين كانت تخلو من أضبارة مقيدة باسم باراك أوباما، فمن قال بأن المعجزات لم تعد تحدث في عالمنا؟!أياً كان الأمر فقد حالف الحظ أخانا الطيب باراك حسين أوباما، وكان الزعماء والحكام العرب من أول المهاتفين والمهنئين للرئيس الأمريكي بالجائزة، وشكروه كثيراً نظير مجهوداته “العظيمة” لإرساء الأمن والسلم الدوليين، حتى وهم متأكدون ومتيقنون بأن الرجل لم يبدأ العمل بعد، وأنه وهو يسمع منهم المشاعر الطيبة والإرشادات يسأل نفسه: “ما الذي فعلته بالضبط؟”!!ومابالها المعجزة إذاً تخاصم ديارنا وزعماءها المعمرين ـ أمد الله في أعمارهم؟ ولماذا المعجزات لاتخطئ الطريق مرة واحدة إلى مضارب الشرق الأوسط؟!على كل حال أوباما اعترف وهو يتسلم الجائزة الخميس الماضي بأن عليه العمل لاحقاً لتبرير الفوز المسبق و”تحليل” الاستحقاق المتقدم على الحيثيات والمقدمات. قال أنه يقبل الجائزة بـ “تقدير” و”تواضع”!كم هو متواضع رئيس أمريكا العظمى “!!”وكم علينا أن ننتظر قبل أن يوضع اسم حاكم عربي ضمن المرشحين للتنافس على الجائزة ـ وليس بالضرورة أن يكون هو الفائز؟!وللأهمية، أذكر بأن الزعيم الراحل ياسر عرفات لايمثل خرقاً للقاعدة العربية، لأنه نالها بعرقه أولاً، ولانه كان رئيساً بلا دولة، وحاكماً بلا وطن وزعيماً لشعب بلا أرض وبلا حدود وبلا عاصمة .. وبلا ماء أو كهرباء !! ولأنه تقاسمها مع الصهيوني بيريز “..”اسمع قائلاً يبرطن ويرطن: (طز بالجائزة، دعوة الوالدين أهم شيء)!