القامات الشامخة ، هي وحدها التي تترك بصمات محفورة على مدى الحياة ، ولا يحقق ذلك إلا القليلون من بني البشر ممن مكن لهم الله ذلك أولا ، وبيئتهم وأسرهم ومجتمعهم ثانيا ، درجات من الجد والاجتهاد وسمو الرأي وجرأة الفعل الذي يؤثر في الأمة .. ودون ذلك لا حياة لمن لا تاريخ لهم ، ويندثرون ليصبحوا أطلالا درست ولا يتذكرها إلا قليل جدا من الأهل وهكذا .. والتربية في مجتمعنا ، لها قاماتها ومربوها وأستاذتها العمالقة .. ليس تعملقا بالعضلات كما يرى البعض هذه الأيام ، بل تعملق الفكر والعطاء وصدق الإخلاص في بناء الأجيال لوجه الله ، والعطاء والتربية هي رهان المستقبل لكنه رهان لا يكون ناجحا إلا بأعلام العلم والتربية والثقافة العامة .. ومن أولى أسس التعليم حتى نهاياته . أكتب اليوم عن علم عدني أفنى حياته في خدمة الأطفال والتلاميذ والطلاب ، وترك إرثا عظيما من التجارب والخبرات المميزة ، ومن دون شك فإن ثلاثين عاما ونيفا تكفي لتبيان الهدف الكبير الذي يجعلها مثالا يحتذى به رحمة الله عليها آمين .العلم التربوي الذي انتقل إلى جوار ربه في خواتيم شهر رمضان الكريم هي الأستاذة التربوية جليلة شميري الشخصية التربوية والأستاذة المعطاء في مجال عملها حتى يوم إحالتها إلى المعاش واشتغالها في مدارس التعليم الأهلي قبل أعوام إلى أن استرد الله أمانته في العشر الأواخر من رمضان أيام العتق من النار ، بعد مرض ألم بها ، وهو من أمراض المهنة الذي يذهب ضحيته عدد من الأساتذة القديرين من تربويينا وأساتذتنا العظام ، لان المهنة لدى هؤلاء مقدسة ولا ينفك عنها ومنها إلا قليلون جدا ، أما المخلصون للمهنة فإنهم لا يتركونها إلا إلى القبر في رحمة من الله تغشاهم .. وهكذا كانت الأستاذة التربوية والشخصية الاجتماعية جليلة شميري التي تعرفت عليها في الثمانينات من القرن الماضي في مجال عملنا التربوي وهي تخوض غمار تجربة رياض الأطفال بعدن والتي رسخت وهيأت مستقبلا للأجيال الذين صار أغلبهم رجالات الوطن بالأمس واليوم .. إنهم ممن تتلمذوا أو تربوا على يديها الطاهرتين اللتين كانتا مسخرتين للتربية وأداء الأمانة على أكمل وجه . والأستاذة جليلة شميري يعرفها التربويون ، شخصية دمثة مبتسمة لا تعرف الكره أو الغضب حتى في أشد المواقف التي تتطلب عقابا أو زجرا ، وكانت مثالا في الخلق والعطاء وفي البذل والتضحية وقد أثرت في وسط زميلاتها أيما تأثير وكان أطفال الرياض يحبونها .إن شخصية هذه التربوية تتطلب الوقت الكافي للكتابة عن سيرتها وعطائها لكننا في هذه العجالة أردنا الإشارة إلى شدة مصاب زوجها السيد / نديم جرجرة وولده مازن ، وابنته حرم الصحافي العدني هاني باشرا حيل .. وتقديم التعازي لآل الشميري وآل جرجرة وإنا لله إنا إليه راجعون .
|
الناس
التربوية جليلة شميري وداعا ..
أخبار متعلقة