تحقيق/ أثمار هاشم - تصوير/ جان عبدالحميدكنا في تحقيق سابق قد نزلنا الى محكمة أحداث م/عدن لمعرفة كل ما له علاقة بالحدث بدءاً من اتهامه وحتى اصدار الحكم عليه ، وايماناً منا بأن الحدث الجانح انما هو ضحية الظروف المحيطة به وحتى تتوضح الصورة اكثر قامت صحيفة 14 اكتوبر بالنزول الى دار التوجيه الاجتماعي للفتيان م/عدن للتعرف عن كثب على اماكن معيشة الأحداث الجانحين وكانت حصيلة الزيارة الآتي :[c1]نبذة عن الدار[/c]
لوله سعيد
في البدء تحدثت الينا الاستاذة/ لوله سعيد ،مديرة الدار قائلة : إن تأسيس الدار كان في مايو 2000م استناداً إلى احكام القرار الجمهوري بالقانون رقم(24) لسنة 1992م الخاص برعاية الاحداث في محافظات الجمهورية وتعديلاته بالقانون رقم(26) لعام 97م وكان الهدف من انشاء الدار هو تقديم العناية والرعاية للأطفال المنحرفين والمعرضين للانحراف ممن لاعائل لهم وإعادة تنشئتهم وفقاً لانماط ومعايير المجتمع تأهيل الاطفال المنحرفين واكسابهم حرفة تقيهم العوز واقناعهم بجدوى المعاملة المؤسسية عن طريق ادماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم ،مساعدة ذوي الاختصاص في عمل البحوث الاجتماعية والنفسية لهذه الفئة فيما يخدم ايجاد الحلول المناسبة لهذه الفئة من الأطفال.
[c1]خطة عمل الدار[/c]خلال العام الماضي 2005م كان عمل الدار يتم وفق خطة معينة وعلى ثلاث مراحل :المرحلة الأولى وتسمى بالجانب الوقائي أي (كيف نحمي الطفل قبل أن ينحرف ويصير حدثاً) ويتضمن عدة نقاط منها نشر الوعي المجتمعي لحقوق الطفل ومراحل نموه وكيفية التعامل معه في كل مرحلة من المراحل وذلك عبر وسائل الاعلام المختلفة ففي التلفزيون كانت لنا عدة برامج منها البث المفتوح ،برنامج مرايا الذي عرض (2) ريبورتاج مصور عن اطفال الشوارع المعرضين للإنحراف وكيفية توعية الأسر بالاهتمام باطفالها أيضاً تنويهات نستجدي فيها عطف الأسر لتهتم بالأطفال وقد تم في هذه البرامج استضافة عدد من المختصين والمهتمين بقضايا الأحداث ونشر الوعي في المجتمع للاهتمام بقضايا الأطفال من قبل الأسرة والمجتمع أما في الإذاعة فقد كان هناك برنامج " موضوع للنقاش "والذي بث على مدى أربع حلقات متتالية استضاف عدداً من المهتمين بقضايا الأحداث ورؤساء دور الرعاية في باقي المحافظات ونيابة محكمة الأحداث ،الداخلية،أعضاء مجلس النواب ،لجنة الحقوق والحريات وقد كان هناك تفاعل مباشر من قبل تلك الجهات مع البرنامج كذلك تم بث برنامج إذاعي آخر اسمة " خطوات للتغيير" وهو عبارة عن مشهد درامي يحكي قصة حدث كيف تدفعه الأسرة لارتكاب الجريمة بعدها يقوم المستمعون بتوجيه أسئلة مباشرة ونقوم نحن بالإجابة عليها كذلك قمنا بعمل تنويهات في برنامج "يسعد صباحك" وفي الصحافة قمنا بنشر موضوعات اسبوعية للتوعية بحقوق الحدث في صحيفة 14 اكتوبر وصحف آخرى مثل الحارس الثوري ووكالة سبأ حيث تهدف تلك الموضوعات لحماية الطفل قبل ان يصبح منحرفاً كما قام الدار كذلك بعمل ورشتي عمل الاولى لأئمة المساجد وعقال الحارات وأعضاء المجالس المحلية والهدف منها محاربة ظاهرة الجنوح عند الاحداث ونشر حقوق الطفل الحدث تحت شعار ( معاً من أجل طفل سويّ" وذلك ايماناً منا بدور المساجد في نشر الوعي فقد كانت هناك دراسة مقدمة حول اسباب الانحراف للفترة من 2000-يونيو 2005م وهي دراسة واقعية وجدنا فيها ان هناك 45 من الأطفال متسربين من المدارس اما ورشة العمل الثانية فكانت للأخصائيين الإجتماعيين في المدارس لمحاربة ظاهرة التسرب باعتبارها احد مسببات جنوح الاحداث وقد قدمت دراسة لمعرفة اسباب تسرب اطفال المدارس وكيفية معالجتها وقد تم تشكيل لجنتين عمل في كلا الورشتين من أئمة المساجد والاخصائيين الاجتماعيين لتطبيق مقررات الورشة على الواقع ،كذلك قيامنا بزيارات ميدانية لأقسام شرطة م/عدن بالاتفاق مع مدير الامن لمتابعة كيفية التعامل مع الأحداث أثناء وجودهم في هذه الاقسام وماهي الطرق التي ينبغي ان يتبعها رجال الشرطة في تعاملهم مع الأحداث أما المرحلة الثانية فهي الرعاية داخل الدار حيث ان هناك نوعين من الايداع في الدار هما :أ- الايداع المؤقت عندما يتهم الحدث بجنحه ويكون رهن التحقيق فأننا نقوم باستلامه من نيابة الاحداث او مركزالشرطة حتى تنتهي مسألته فإذا ثبتت على الحدث الجانح التهمة يتم دفع ملفه لمحكمة الأحداث أما إذا ثبتت براءته فإننا نقوم بتسليمه للأهل وبالنسبة للأحداث من باقي المحافظات فاننا نقوم بتسليمهم لاهلهم كذلك،وإذا عجزنا عن التواصل مع الاهل نقوم بتسليمهم لدور رعاية الأحداث في مناطقهم ،ب- الايداع الدائم في هذه الحالة اذا تثبتت التهمة على الحدث الجانح في فترة الايداع المؤقت فان الحدث يبقى في الدار بعد اصدار الحكم عليه وفي اثناء بقاء الحدث في الدار يحظى بكافة انواع الرعاية من حيث حصوله على التغذية الصحية والمتوازنة لنمو الجسم وكذلك الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للأحداث وجعلهم بلتزمون بالبرنامج اليومي للدار من حيث اداء الصلاة في مواقيتها والحفاظ على نظافة الدار وممارسة الرياضة واحترام مواعيد الطعام واداء الواجبات المدرسية وغيرها من الأنشطة اليومية للدار اضافة الى ذلك نعمل في الدار على دمج الأحداث الجدد من اقرانهم في الدار وعادة ما يكونون نزلاء ذوي مستويات دراسية مختلفة لذا قام الدار بالاتفاق مع إدارة التربية باخضاع نزلاء لاختبار تحديد المستوى وعلى ضوء ذلك يتم الحاقهم بالمستويات الدراسية التي تتلاءم معهم في المدارس القريبة من الدار وينتظمون بالدراسة يومياً ،وقد استطاع بعض نزلاء الدار من الأحداث التفوق في دراستهم والحصول على مراكز متقدمة فيها بينما هناك نزلاء اخرون والذين يكونون اميين يتم تدريسهم داخل الدار بمعدل (6) حصص يومياً ومن ضمن برامج الدار ايضاً تدريس النزلاء مهارات الرسم،الموسيقي،النحث عن طريق احضار مدرسين متخصصين للدار واقامة الرحلات ،زيارات الأسر ،المسابقات الفكرية وتوعية الأحداث عن طريق المحاضرات القانونية والدينية من طفل الى طفل كما قام الدار بتوعية الأحداث عن مرض الايدز والاحتفال باليوم العربي والعالمي للطفل ،أما المرحلة الثالثة وهي الرعاية اللاحقة اي الاهتمام بالأحداث بعد انتهاء المدة المحددة لبقائهم في الدار حيث قمنا وبمساعدة المنظمة السويدية بعمل برنامج الصديق للتواصل مع الحدث بعد خروجه ومحاولة حل المشاكل التي قد تصادفه كما قمنا بتوفير فرص عمل للاحداث بعد ذلك كذلك نقوم بنشر الوعي المجتمعي عبر وسائل الإعلام للحفاظ على الأحداث وتسليم الأحداث إلى أيدي أمنية أو إلى دور الرعاية في المحافظات الأخرى ومحاولة تفعيل النص القانوني لمعاقبة الأسر التي تدفع بأبنائها للشارع.[c1]الخطة الحالية[/c]نستطيع القول اننا بعد ان لمسنا النجاح الذي حققته خطة عام 2005م وتناقص أعداد الجانحين في الدار من (129) حدثاً جانحاً حتى (11) حدثاً جانحاً هذا العام فإننا سنعمل على استمرار تلك الخطة مع اضافة بعض البرامج اليها منها تعليم القرآن حيث إذا ارتكب احد الأحداث خطأً ما.. فإنة يجلس مع باقي الزملاء ويعترف بخطئه وماهو التصرف الصحيح الذي كان ينبغي على الحدث اتباعه وكذا برنامج القدوة الحسنة وهو ان يكون بين الأحداث قدوة حسنة مما يدفع بالآخرين ليكونوا مثله وكذلك البرنامج العسكري لتعليمهم الانضباط اضافة الى البرنامج الزراعي لكل حدث غرسة حيث يكون لكل حدث غرسة يقوم بالاهتمام والعناية بها وتصبح تحت مسئوليته.. ومع هذا فان هناك بعض الصعوبات التي تواجهنا في عملنا منها ان معظم الطاقم العامل مع الأحداث عملهم تطوعي وشحة الموارد المالية وعدم وجود ورش عمل مهنية للأحداث داخل الدار.وأخيراً فإننا نشكر الصندوق الإجتماعي على بنائه الدار وتأثيتها ورعايته للأحداث وكذا المنظمة السويدية الداعمة لكل نشاط الأحداث وحمايتهم.[c1]كيفية معالجة الأحداث[/c]
سمية أحمد سعيد
وفي هذا الصدد تحدتث إلينا الأخت/ سميّة احمد سعيد الأخصائية الإجتماعية في الدار قائلة عند وصول الحدث الى الدار نبدأ بالجلوس معه لتهدئته نفسياً لأنة يكون مضطرباً ونفهمه بأن الدار مكان ملائم له وأن جميع من في الدار مثل اهله وتختلف درجة استجابة الأحداث من واحد لاخر فالبعض يتاقلم سريعاً والبعض الآخر يأخذ وقتاً في التأقلم،كما نقوم بتعريف الحدث الجديد على الأحداث الموجودين بالدار تعريفه على أماكن النوم وتوزيع احتياجاته من مناشف ومعجون اسنان وملابس جديدة ،أحياناً يصل الحدث بعد انتهاء الدوام الصباحي فيقوم المشرف الليلي بتهدئته والقيام بما يلزم له وكذا مراقبته ليلاً وإعطاء تقرير يومي عنه فكل اخصائي اجتماعي في الدار مسئوول عن حدث معين لمتابعته والجلوس معه يومياً الى أن يتأقلم وفي حالة تغيّر سلوك الحدث بناء على تقرير المشرف الليلي نبدأ بمعاودة الجلوس معه ،ونقوم برفع تقارير أسبوعية لمديرة الدار مرفقة بخطة عمل الحدث نحرص فيها ان ينهي الحدث تأهيلة النفسي ويصبح جاهزاً للاندماج مع المجتمع مع انتهاء فترة حكمه داخل الدار .[c1]أسباب الجنوح[/c]
سبأ علي أحمد
وفي هذا السياق تحدثت إلينا الأخت/ سبأ علي أحمد اخصائية اجتماعية بالدار مشيرة الى ان التفكك الاسري يعد واحداً من مسببات جنوح الأحداث وكذا الحالة الاقتصادية التي تعاني منها الاسرة واحياناً تكون الاسباب ذاتية نتيجة عدم المراقبة من قبل الأهل كما أن صعوبة الدراسة تدفع بالحدث للهرب من المدرسة وارتكاب الجنح لذلك يجب ان تكون هناك علاقة وطيدة بين الاسرة والمدرسة لمراقبة الأحداث بشكل جيد كما ان على وسائل الاعلام ان تلعب دوراً في توعية الاهل عن اسباب جنوح الأحداث ،هناك بعض الحالات التي تصادفنا يكون فيها الحدث منطوياً على نفسه وفاقد الثقة بنفسه نتيجة الانفعالات التي يتعّرض لها أثناء استجوابه او نتيجة تعرضه لصدمة نفسية ، لذلك عندما تعجز عن إقامة علاقة مع الحدث بعد (4-5)جلسات فاننا نقوم بتحويله للطب النفسي الذي يساعدنا في خلق التواصل مع الحدث بعد ذلك نقوم نحن بالدار باستكمال المهمة التي بدأها الطبيب النفسي .[c1]اطفال الشوارع[/c]
ياسر عبدالله عبده
كما تحدث إلينا الأخ/ ياسر عبدالله عبده قائلاً : إن الاحداث الذين يصلون الدار هم من الفئات المهمشة في الأحياء الشعبية الذين يمرون بظروف معيشية صعبة ويقومون بعمل أشياء مضرة لعم ولأسرهم نتيجة ظروفهم تلك، لذلك فان اول شيء نقوم به عند استلام الأحداث من الشرطة هو تفتيشهم للتأكد من عدم حملهم للمخدرات او الشمة وحبوب الديز بام والسكاكين وذلك لأن الأطفال الذين يعيشون في الشوارع اعتادوا على عمل تلك الاشياء بعد ذلك نقوم بشرح قواعد ونظم الدار لهم كما نقوم بتوفير الغذاء والملبس لهم ونعمل على إعادة تاهيلهم ليصبحوا أناساً صالحين في المجتمع ولكن في بعض الاحيان بعد ان ينهي الحدث مدة عقوبته داخل الدار ويصبح جاهزاً للاندماج في المجتمع يرفض بعض الاهالي استلام ابناءهم وفي احيان اخرى يرفض الأحداث العودة الى أسرهم لذلك نبقيهم في دار الضيافة التابع للدار كضيوف حيث يُسمح لهم بالخروج ولكن وفق نظام الدار.