نبض القلم
كان الفراغ في العصور القديمة مقصوراً على النبلاء والأثرياء وكان ترفاً لا يحصل عليه الفقراء من الناس الذين كانوا يؤدون معظم أعمالهم بأيديهم،ولم يجدوا متسعاً من الوقت للتسلية،حتى الأطفال كانوا يعملون خمس عشرة أو ست عشرة سنة كل يوم أما الآن فقد صار الفراغ مشاعاً،بعد انخفاض ساعات العمل إلى اقل من ثماني ساعات في اليوم وقد صار اليوم المدرسي لا يتجاوز أربع أو خمس ساعات في اليوم إلى جانب العطلة الصيفية التي تزيد عن ثلاثة أشهر.ولذلك فإن الإنسان المعاصر صار يجد من وقته متسعاً يقضيه فيما يشاء.فلماذا لا يقضيه فيما هو مفيد نافع؟وإذا نظرنا إلى آلاف الشبان والفتيات في بلادنا في هذه الأيام،أيام العطلة الصيفية،فإننا نجدهم لا يستفيدون من أوقات فراغهم الاستفادة المثلى،وإذا نظرنا إلى واقع حالهم،فلا عجب إن رأينا أكثر هم يقضون أوقاتهم في التسكع في الشوارع والحارات يعاكسون الفتيات العابرات وإذا راقبنا سلوكيات أكثرهم فإننا نجدهم يجوبون الطرقات تائهين لا هدف لهم سوى تمضية الوقت أو قتل الفراغ-كما يقولون-أي أن الفراغ هيَّن بالنسبة لهم لذلك هم يقتلونه،لأنه لا قيمة له في حياتهم.وليت الشباب يستفيدون من أوقات فراغهم في الإجازة الصيفية وغيرها في الاشتغال بما هو مفيد ونافع من خلال انخراطهم في المخيمات الصيفية،أو تمضية أوقاتهم في مزاولة بعض الهوايات والهواية هي أن يقوم الشاب بعمل شيء ما،أو يتعلم علماً يميل إليه ويرغب في دراسته،فهو حين يمارس هواية معينة برغبة إنما يمارسها لذاتها،كونه يميل إلى ممارستها ولا يبتغي في ذلك أي شيء آخر،سوى إشباع هوايته،وفي كثير من الحالات تصبح الهواية عملاً يمارسه،أو تصير مهنته،أما إذا مارسها من تلقاء نفسه طائعاً مختاراً فإنها تبقى هواية لأنه ربما يشتغل بمهنة أخرى لا علاقة لها بهوايته،فقد تكون هوايته مثلاً الرسم،أو اقتناء المجموعات كجمع الطوابع أو الصور أو التحف..أو نحوها ولكن مهنته التي يشتغل بها قد تكون مهنة الطب أو المحاماة،أو غيرها.ومن الهوايات المحببة لدى كثير من الناس الرسم والأشغال اليدوية أو جمع القواقع البحرية أو أشغال الإبرة أو القيام بالرحلات أو تسلق الجبال أو صنع الأواني الفخارية أو الغناء والعزف على الآلات الموسيقية،أو القراءة ،أو دراسة اللغات،أو ممارسة بعض الألعاب الرياضية أو السباحة أو نحوها وهنا يأتي دور المخيمات الصيفية في اكتشاف مواهب الشبان والفتيات والعمل على تطويرها وتشجيع ممارستها،وعمل المعارض لإبرازها،ولا بد في هذا المجال من تحفيز الشبان والفتيات بعمل مسابقات متعددة لإبراز مواهبهم.وفي كثير من الحالات قد تصبح الهواية حرفة،فقد تهوى الفتاة مثلاً خياطة الثياب ثم لا تلبث أن تحترف مهنة الخياطة لتكسب منها قوتها،وربما تنقلب هواية الفتى في جمع التحف إلى حرفة أخرى فيتولى بيع التحف القديمة.ويقول العلماء إن الإنسان إذا أشتد اهتمامه بشيء ما،كان ذلك عاملاً مساعداً له على بقاء عقله في حالة جيدة،لذلك ولأهمية الهواية بالنسبة للإنسان فإنه لا غرابة أن يكون أول سؤال يوجه إلى طالب الوظيفة في أي موقع كان هو:ما هوايتك؟لأن الهواية هي التي تكشف عن شخصية الإنسان،وتحدد مجالات اهتماماته.والإنسان هو الذي يستطيع أن يحدد هوايته،ولا بد من مساعدته على تنميتها وتطويرها،غير أن هناك هوايات مشتركة ربما يميل إليها كثير من الناس،ويمارسها كل منهم بطريقته الخاصة كممارسة الرياضة فهي هواية مستحبة لدى كثير من الشبان والفتيات،وهي هواية قديمة،مارسها النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان ينافس أصحابه في الجري،فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (( سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته،فلما حملت سابقني فسبقني،فقلت هذه بتلك)).وفي حديث آخر يقول الرسول (ص):((علمِّوا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل))أي شجعوهم على ممارسة هواياتهم في هذه المجالات وغيرها.[c1] إمام وخطيب جامع الهاشمي (الشيخ عثمان)[/c]
