نيروبي / 14 أكتوبر / وكالات / رويترز :فجأة انفجر سكون الديمقراطية الهادئ بكينيا ليحول الصراع والتنافس السياسي بها إلى تصفية حسابات قبلية حصدت في أيامها الأولى أكثر من 300 قتيل.فبدون سابق إنذار انزلقت الاتهامات المتبادلة بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى مواجهات وتصفية عرقية بين قبيلة كيكويو - التي ينتمي إليها الرئيس الكيني مواي كيباكي- وقبيلة لويو -التي ينتمي إليها منافسه ريلا أودينغا.وانفجرت شرارة هذا العنف الذي وصفته الحكومة الكينية الأربعاء بأنه «إبادة جماعية» مخططة يرتكبها حزب الحركة الديمقراطية البرتقالية المعارض بزعامة أودينغا بعد اتهام هذا الأخير لكيباكي بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية.وكانت النتائج الرسمية المعلنة الأحد الماضي أعلنت فوز كيباكي بالانتخابات الرئاسية بفارق 231 ألفا و728 صوتا وهو ما جعل منافسه أودينغا يتهمه بتزوير ما لا يقل عن 300 ألف صوت.ويعتبر المحلل خالد أبو شكري المقيم بنيروبي أن الأمر غير مفاجئ في مجمله لأن العلاقات السياسية بكينيا التي تضم 42 قبيلة مبنية بشكل كامل على وشائج قبلية.وأوضح أن الحملة الانتخابية للاقتراع الرئاسي برهنت بصورة واضحة على أنه لا توجد تقاطعات بين السياسة والقبيلة مشيرا إلى أنها (الحملة) تميزت بتحالفات سياسية في ظاهرها لكنها بباطن قبلي.وفعلا فقد أخذت أحداث العنف بعدا انتقاميا قبليا في بعض مناطق البلاد حيث لقي نحو 30 من قبيلة كيكويو حتفهم أمس عندما أقدمت مجموعة من الشبان على إشعال النيران في كنيسة فروا إليها في بلدة الدوريت غرب البلاد.، كما أن أحداث العنف هذه أدت إلى تشريد نحو 100 ألف كيني اضطروا إلى الفرار عبر الحدود إلى أوغندا.وللإشارة فإن قبيلة كيكويو تهيمن منذ استقلال كينيا عن بريطانيا عام 1963 على الحياة السياسية والاقتصادية بالبلاد.، لكن مع ذلك فإن الثقل الجديد الذي نزلت به قوى المجتمع المدني وبعض الشخصيات الوازنة -يضيف أبو شكري- جعلت الأوضاع «أقرب إلى التسوية السياسية».وأكد أن العودة التدريجية للهدوء الذي بدأت نيروبي تشهده الأربعاء من شأنه أن يدفع الطرفين المتصارعين للجلوس للتفاوض رغم الشرط الذي وضعه أودينغا والمتمثل في اعتراف كيباكي بهزيمته في الانتخابات الرئاسية.ويدعم هذا الاتجاه دعوة كيباكي في وقت سابق أعضاء البرلمان الجديد الذي تهيمن عليه المعارضة إلى اجتماع بنيروبي وطلبه من قادة الأحزاب الدعوة إلى الهدوء.كما أن دخول بعض القوى الدولية متمثلة في بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي على الخط ودعوتها إلى إجراء محاولة للصلح و»التحلي بروح الوفاق» بين كيباكي وأودينغا بعث التفاؤل بإخماد الأزمة بسبب تداعياتها الاقتصادية والسياسية على بلدان المنطقة.
وقد تراجعت إمدادات الوقود والمنتجات البترولية من كينيا إلى بلدان مجاورة من بينها أوغندا وبوروندي كما يرجح أن تؤثر على مناطق ببلدان أخرى من شرق الكونغو وحتى جنوب السودان.، وتحصل تلك البلدان على الوقود من موانئ كينية حيث تعطلت خطوط الإمدادات بسبب أعمال العنف.وفي هذا الإطار تندرج الزيارة التي سيقوم بها رئيس الاتحاد الأفريقي ورئيس غانا جون كوفور إلى كينيا للمساعدة في بدء عملية حوار ومصالحة.فهل يتم الاستماع لصوت الحكمة بكينيا و»منح السلم فرصة»، كما دعت إلى ذلك إحدى الصحف الكينية لتعود البلاد نموذجا للاستقرار بمنطقة شرق أفريقيا المثقلة بالجراح. غير ان هذا الأمل يبدو بعيدا بعض الشيء حيث شهد يوم أمس الجمعة قيام متظاهرين بإحراق إطارات سيارات وأقاموا متاريس في شوارع العاصمة الغينية كوناكري بعد أن أقال الرئيس لانسانا كونتي وزير الإعلام في ضربة على ما يبدو لرئيس الوزراء. وصدر قرار جمهوري مساء أمس الأول الخميس بإقالة المتحدث باسم الحكومة جستين موريل جونيور بعد يوم من تلاوته بيانا من رئيس الوزراء لانسانا كوياتي على التلفزيون الرسمي وصف فيه الكلمة التي ألقاها كونتي بمانسبة العام الجديد بأنها «خدعة». وانتقد كونتي في كلمته سجل كوياتي في مكافحة الفساد والتعامل مع مشكلة التضخم منذ تعيينه العام الماضي في مسعى لاحتواء أعمال شغب ضد الحكومة قتل خلالها أكثر من مئة محتج. وجاء في بيان رئيس الوزراء أن الخطاب الرئاسي صاغته «عناصر محددة تعارض التغيير» في أحدث علامة على وجود شقاق بين رئيس الوزراء والنخبة الحاكمة. وقال كوياتي إنه ناقش الخطاب الرئاسي مع كونتي الذي جدد ثقته الكاملة في رئيس الوزراء.، لكن رئيس وكالة الأنباء الرسمية عيسى كوندي قال أنه تلقى الخطاب الرئاسي مباشرة من المكتب الإعلامي للرئيس. وجاء في القرار الرئاسي الذي صدر الخميس «عين السيد عيسى كوندي الذي كان مدير وكالة الأنباء الغينية وزيرا للإتصالات والتقنيات الجديدة ليحل محل السيد جستين موريل جونيور.» وذكر مصدر في الشرطة أنه تم استدعاء كوياتي على وجه السرعة إلى القصر الرئاسي يوم الأربعاء بعد بث البيان. وبدا أن عزل جونيور تحدى سلطة كوياتي الذي له حق تعيين وعزل وزراء حكومته بموجب شروط الاتفاق الذي أبرم لإنهاء الاضطرابات السياسية التي سادت العام الماضي في غينيا أكبر مصدر لخام البوكسايت في العالم. وقال المحلل السياسي مدني ضياء «إذا لم يكن كوياتي قد وافق على إقالة جونيور فسيجد نفسه في مأزق. ستكون سابقة في علاقته مع كونتي وسيكون خياره الوحيد هو الاستقالة.» وفي محاولة لتهدئة الأوضاع المتفجرة في البلاد قال المتحدث باسم الرئيس الكيني مواي كيباكي أمس الجمعة إنه سيقبل إعادة الانتخابات الأخيرة المثيرة للجدل إذا أمرت محكمة بذلك. وقال المتحدث ألفريد ميوتوا «سنقبل حتى إجراء انتخابات أخرى مادام الدستور متبعا .. وإذا قررت المحكمة ذلك فسنقبله.
قبائل العنف السياسي تفجر الديمقراطية في كينيا
أخبار متعلقة