من الحياة يكتبها إقبال علي عبدالله
في الثلاثين من نوفمبر من كل عام نحتفل بذكرى عيد الاستقلال الوطني الذي تحقق في عام 1967م، بعد سنوات من النضال المتعدد الجوانب الذي خاضه شعبنا ضد المستعمر البريطاني الذي ظل جاثماً على جزء من وطننا (الجنوب) قرابة مائة وثمانية وثلاثين عاماً، نقول متعدد الجوانب لأن الكثيرين يعتقدون بأن الكفاح المسلح 63/1967م هو الذي أجبر المستعمر البريطاني على الرحيل من عدن (عاصمة جنوب الوطن آنذاك)، والحقيقة هي أن الكفاح المسلح جاء تتويجاً للنضال السياسي والثقافي والاجتماعي الذي تؤكد الشواهد التاريخية انه كان منذ الوهلة الأولى للاحتلال في 19 يناير 1839م.. طبعاً هذا الأمر يتطلب حديث الباحثين، الذين لا نعرف لماذا أهملوا هذا الجانب، وظل الكثير من حديثهم مقتصراًعلى فترة الكفاح المسلح، وان كانت هذه الفترة مهمة إلا أنها ما كان لها أن تتحقق لولا الارهاصات الأولى الممهدة لها، خاصة الثقافية، ولعل الشواهد في هذا الجانب كثيرة.. ويكفي القول هنا على سبيل المثال تلك الاشعار الحماسية التي كانت تلهب وجدان المواطنين خاصة في المناطق الريفية.. نجدها مناسبة اليوم لنجدد من خلالها الدعوة إلى الباحثين والمهتمين بشأن الثورة اليمنية أن يطلعوا الأجيال على تلك الفترة التي سبقت قيام الثورة (سبتمبر 1962م ـ أكتوبر 1963م).. فهذه أمانة في أعناقهم. [c1]سالم صالح محمد[/c] لا أدعي معرفتي الشخصية القريبة بهذه القامة النضالية التي يعتز الوطن بها.. ولكن معرفتي تقتصر بعدة مواقف عشتها معه.. وهي مواقف مرتبطة بعملي الصحفي، خاصة أثناء عملي مراسلاً لصحيفة "الحياة" اللندنية في عدن بعد الوحدة المباركة.. كان المناضل الأستاذ سالم صالح محمد، وهو القريب إلى نفسي ومازال حتى اليوم، مصدري الأساسي في الأخبار السياسية الهامة، وعرفت فيما بعد أنه كان متعاوناً مع جميع المراسلين في عدن وصنعاء دون استثناء أو تميز بأن هذا المراسل تابع لحزب ما.. لا يؤمن بالحزبية عند تعامله مع المواطنين فالجامع بينه والمواطنين هو الوطن الذي يحتل كل مساحة حياته. ما دعاني إلى هذا الحديث اليوم، وان كانت هناك اشياء مازالت في الذاكرة عن هذا المناضل الذي، وأقسم على ذلك، لو عرفها المواطنون كبر في أعينهم.. ما دعاني للحديث هو الحديث الصحفي الذي أجراه زميلي الأستاذ نجيب مقبل مدير التحرير بتكليف من الأستاذ الصحفي المتميز احمد الحبيشي رئيس التحرير، مع الأستاذ المناضل سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية، الذي تنشره الصحيفة في عددها الخاص المتميز صباح هذا اليوم بمناسبة العيد التاسع والثلاثين للاستقلال الوطني.. وبحكم وظيفتي نائباً لمدير التحرير، فقد اطلعت على المقابلة قبل نشرها.. فوجدت بين سطورها رجل يملك ذاكرة تاريخ، ذاكرة صادقة بعيدة عن الذاتية ونكران الآخرين.. قرأت سطوراً من مرحلة هي الأهم في حياتنا قبل نيل الاستقلال، وعرفت رجالاً ونساءً ما كنتن أعرف انهم صناع نصر الاستقلال. الحديث مع الأستاذ سالم صالح محمد هو حديث عن فترة هامة من حياة شعبنا أرخها الرجل ليس بالمشاهدات والاستماع كما يفعل الكثيرون، بل بالفعل المشارك، لقد كان سالم (أبو صلاح) فرساً صعب امتطائه إبان الكفاح المسلح ضد المستعمرة عدن.. فدائياً عشق الموت من أجل الحرية، ولم يناله فاطال الله في عمره.. كريم النفس، دمث الأخلاق واسع القلب والصدر.. شامخ الرأس لا يعرف الانحناء إلا للوطن.. لا يحب أن يمتدحه أحد، ولكننا ولأمانة الكلمة التي نحملها في اعناقنا نقول بعضاً مما تختزنه أنفسنا عنه.. سالم صالح محمد، مناضل كان كبيراً في حديثه مع أكتوبر، كبيراً في صدقه وتواضعه وشفافية المعلومات التي فتح خزانة ذاكرته الجميلة الصادقة ليرويها للأجيال.. حديث يدفعك لقراءته أكثر من مرة.. فقد اجاد زميلي ابن مقبل في وضع الأسئلة التي اعتقد انها طرقت دون استئذان ذاكرة الأستاذ المناضل سالم صالح محمد. * * * [c1]حب في يوم الحرية[/c] (حبيبي هل تذكر يوم الاستقلال؟!) ـ نعم ياحبيبتي.. أتذكر هذا اليوم بكل معانيه. ـ ماذا تتذكر فيه؟! ـ أتذكر فيه انه كان موعدي مع القدر!! ـ لم افهم ماذا تعني؟! ـ كيف لا تفهمين؟! أو تتذكرين هذا اليوم.. انه يوم عرفتك فيه.. شاهدتك لأول مرة.. ضحكت لك وأنت بادلتيني الضحكة، وكان ذلك أول شعاع حب بيننا. ـ نعم.. تذكرت يوم خرجت في صبيحة 30 نوفمبر 1967م وأنت في الحادية عشرة من العمر، مع مجموعة من طلبة المدرسة ترقصون وتغنون وتحملون اللافتات.. وكنت أنت الوحيد من بين المئات الذي لفت نظري ودخل قلبي. ـ شكراً لك حبيبتي .. لانك عرفتي ميلاد حبنا.. حب ولد في يوم الحرية.. * * * [c1] أغنية الأسبوع[/c] "من يشبهك من؟ أنت الحضارة أنت المنارة أنت الأصل والفصل والروح والفن من يشبهك من؟ أمي.. أمي اليمن أمي.. في داخل القلب حبك في الفؤاد استبا من قبل بلقيس وأروى والعظيمة سبأ يا كاتب التاريخ سجل بكل توضيح أنت الأصل والفصل والروح والفن من يشبهك من؟ يا أصل قحطان يا نسل عدنان عيني على كل من حلت قليبه اليمن عيني على كل من يهوى ربوع اليمن أنت الأصل والفصل والروح والفن.. يا يمن" [c1] "كلمات وغناء/ ابوبكر سالم بلفقيه"[/c]