اندهش كثيراً حينما أقرأ بعض الكتابات النثرية المنشورة في عدد من الصحف فأجد أنها تُدرج بسهولة مفرطة تحت مسمى (قصة قصيرة) وهي لاتمت بصلة قرابة ولانسب إلى الفن القصصي، بل هي أقرب إلى نوع أدبي آخر يسمى النص المفتوح أو الخاطرة الشعرية .. الخ .و(الخاطرة) كما هو معروف من الأنواع النثرية الحديثة التي نشأت في (حجر الصحافة) كما يقول الدكتور/ عزالدين اسماعيل في كتابه الموسوم (الأدب وفنونه) تماشياً مع الطابع الصحافي العام في الاهتمام بالاشياء الصغيرة والسريعة وتفضيلها على الكتابات المطولة.كما ان الخاطرة لاتشبه القصة لانها ليست فكرة ناضجة وليدة زمن بعيد ولكنها مجرد فكرة طارئة بسبب حدث عرضي .. بينما تتضمن القصة احداثاً جزئية كثيرة وخبرات متنوعة هي في الحقيقة المادة التي يتكون منها العمل القصصي .. وكاتب القصة ينظر إلى الاشياء الواقعة نظرة خاصة فهو لايقف منها عند السطح ولكنه يتعمقها ويفرز عليها من افكاره وخياله ويجعل لها تكويناً آخر وفلسفة اخرى ثم هو يختزن كل ذلك في نفسه ليستغله في يوم من الأيام.وعودة إلى ما سبق الحديث عنه أقول أنني بمجرد الانتهاء من قراءة بعض من تلك الكتابات التي تُدرج في خانة (القصة القصيرة) أشعر أن اصحابها لايحيطون كثيراً بطبيعة فن القصة وان كانوا يدعون الانتساب إليها باصرار عجيب !وحينما تتطوع وتبدي لهم رأيك في اعمالهم وغالباً بطلب لحوح منهم لايتقبلون منك نصيحة ولايحتملون نقداً بل يتوقعون ان تجاملهم وتكيل لهم المديح والإطراء بلا حدود وهذا يشير للأسف الشديد إلى مدى استسهالهم للكتابة وإلى افتقار المشرفين على عملية النشر إلى الجدية والمحاسبة الصارمة عند تقديم تلك الاعمال المرتجلة والسطحية التي ينقصها النضج والعمق والنظرة الخاصة إلى الأشياء التي يتمتع بها فقط كاتب القصة الحقيقي .شفاء منصر
|
ثقافة
استسهال الكتابة
أخبار متعلقة